مواضيع اليوم

(الإعدام) 0000 بين الإلغاء والإبقاء (2)

محمد شحاتة

2009-04-19 11:07:28

0

عرضنا فيما سبق لعقوبة الإعدام والأسس التي قامت عليها والآراء التي طالبت بإلغائها وتلك التي تصر على الإبقاء عليها وحديثنا الآن ليس في بيان صحة أو وجاهة أي من الفريقين 00

وإن كنت مع الفريق الثاني بالطبع حيث أن الإعدام بصورة القصاص هو أمر إلهي لاتكاد تخلو منه جميع الكتب المقدسة على الذين يفسدون في الأرض ويهلكون الحرث والنسل ويندرج تحت هؤلاء المجرمون القتلة الذين يقتلون الروح التي حرم الله قتلها إلا بالحق والجواسيس ومرتكبوا الجرائم الضارة بأمن الوطن في حال الحرب 0

وفي ذلك كله تكون عقوبة الإعدام هي القصاص العادل والجزاء الأوفى 00

ولكن مشكلتنا تثور هنا حول ضمانات تطبيق هذه العقوبة ومدى اطمئناننا إلى أن المقضي عليه بالإعدام قد ثبتت في حقه الجريمة بلا أدني شك أو ريب 00

وهل توافرت له ضمانات الدفاع عن نفسه بموجب محاكمة عادلة 00 ومدى توافق و ملاءمة الجرم مع العقاب 00

فنحن اليوم لا نستطيع أبدا أن ننكر أو نغض الطرف عن صدور أحكام كثيرة نهائية بالسجن على أناس تواروا خلف القضبان وفقدوا حريتهم ثم ثبت بعد ذلك براءتهم مما نسب إليهم ولكن بعد أن دمرت حياتهم وتشردت أسرهم وساءت سمعتهم00

وقد يكون السبب في ذلك خطأ في تقدير الأدلة أو إساءة استخدام السلطة أو الحرمان من الحق في الدفاع أو ضغينة تجاه المتهم أو خلافات سياسية أو صراعات اجتماعية أو مالية أو قصور في تقصي الحقيقة أو في أدوات التحقيق أو الفساد في الاستدلال أو استجلاب أدلة مزورة أو شهود زور أو دس قرائن تنحو بالاتهام نحو المتهم 00

وفي كل ما سبق فإنه يمكن تدارك هذا الخطأ بإخراج البريء من سجنه الذي ربما تنسيه فرحه براءته ما عاناه وقاساه من ظلم الإدانة 00
والسوابق في ذلك كثيرة على مر التاريخ وفي جميع الدول بلا استثناء 00ولكن نسبتها تزيد وتفحش في البلاد التي تقل أو تنعدم فيها الديمقراطية وضمانات حقوق الفرد أو تلك التي تهيمن عليها النظم التسلطية والاستبدادية والفردية والديكتاتورية حيث يصبح هاجس تأمين هذه النظم وضمان استقرارها ودوامها له الأولوية دائما بل تتوارى وتضمحل أمامه كافة حقوق المواطن ومنها حقه الأصيل في الحياة وحقه في أن يكون آمنا في نفسه وماله وأسرته ووطنه 00

من هنا يصبح الفرد عرضة للمساس به في نفسه وحريته وماله بموجب نصوص وقوانين تفتقد إلى قواعد الحق والعدالة والإنصاف 0ويكون هو قيد سلطة تنفيذية تتوافر لها كافة مكنات البطش والتلفيق والتعذيب والإكراه والضغط لتنقله بعد ذلك إلى سلطة نيابية فقدت على مدار تاريخها كثيرا من حيادها واستقلالها وصارت مجرد أداة تحويل ورابط ووسيط ينقل المتهم بما نسب إليه من اتهام وما علق في رقبته من " أدلة" الإدانة من يد السلطة التنفيذية إلى يد القضاء 00

وهكذا يصل المتهم إلى منصة القضاة مغلولة قضيته في عنقه وبها ما بها من اتهامات تساندها أدلة وقرائن وحجج وشهود وتقارير وتحريات وتحقيقات تنأى بحملها الجبال الرواسي وربما يقضي القضاة بما علموا وربما تغلبهم الحجج بينما ضميرهم يئن تحت وطأتها فلا يملكون إلا الإدانة 00

وربما يخطئون في العقوبة 00 حتى قيل أنه خير للإمام أو للقاضي أن يخطئ في العفو عن أن يخطئ في العقوبة 00 وقيل خير للعدالة أن يفلت ألف مجرم من أن يدان بريء واحد 00 كل ذلك فيما يخص عقوبة السجن حيث يظل البريء حياً حبيساً إلى أن تظهر براءته 00فما بالنا لو كان الحكم صادراً " بالإعدام" وماذا لو تم تنفيذه ثم ظهرت البراءة بعد ذلك ؟؟
لذلك تبرز الحاجة – في حال الاستمرار في تطبيق عقوبة الإعدام- إلى توفير أقصى حد ممكن من الضمانات التي يتضاءل فيها عنصر الخطأ أو الوقوع تحت ضغط أو تأثير أو توجيه أو انفعال جامح 00

وذلك كأن يتقرر حق المتهم في درجة طعن استثنائية في الحكم يتم فيها تداول القضية مرة أخرى برمتها وقبل الطعن بالنقض الذي يقوم على أمور إجرائية معينة 0

أو قصر عقوبة الإعدام على الجرائم الشديدة الخطورة كالتي تمس أو تهدد أمن الوطن أو الأمن القومي في حالة الحرب 00

أو وقف العمل مؤقتا بها لحين التيقن من استتباب الجو الديمقراطي الصحي الذي يأمن فيه المجتمع إلى سلامة وتوافر كافة ضمانات المتهم في محاكمة عادلة 00000

 

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !