مواضيع اليوم

((مـرّة فـوق ومـرّة تحت المقصلة))!!

د.علي الجابري

2009-04-14 13:04:54

0

((مـرّة فـوق ومـرّة تحت المقصلة))!!


د. علي الجـابــري


قبل وصوله الى سدة الرئاسة في الولايات المتحدة الامريكية افرط العرب كثيرا في تفاؤلهم بالرئيس باراك اوباما ، ربما نكاية بالجمهوريين او بشخص جورج بوش الذي لم يجن العرب طيلة فترة رئاسته الولايات المتحدة سوى الحروب والدمار والتناحر والتقسيم والخلافات والانشقاقات والتكتلات ، او ربما لانه من جذور افريقية واصول مسلمة ونحن العرب نؤمن دوما بان العرق دساس؟ والولد على سر ابيه ؟ وما الحب الا للحبيب الاولي؟؟


ومع ان هذا التفاؤل لم يكن داءا اصاب كل العرب، فبعضهم مازالوا حذرين في اطلاق الاحكام عليه رغم انهم يتحسسون اليوم الفرق الشاسع بينه وبين سلفه غير الماسوف عليه؟ على الاقل في توجهاته وخطابه الجديد تجاه بعض البلدان العربية او الاقليمية؟؟ رغم كل ذلك فان الخشية مازالت تغازل العقول من ان الاحكام الاستباقية ربما تقو الى ما لا يحمد عقباه، مع اني اعترض كثيرا على هذه الرؤية؟ فاذا كنا كعرب قد عانينا ما عانيناه من بوش الابن وربما الاب ايضا، فعلينا ان نستفيد من خطاب الرئيس الجديد باراك اوباما ونحثه ونشجعه على الاقتراب اكثر من همومنا وقضايانا بعينين متفتحتين لا بعين واحدة.. وعلينا ان ننمّي هذا الخطاب العقلاني الموجه الى الاسلام والعرب والشرق الاوسط ونجعله نقطة ارتكاز في استراتيجيتنا الجديدة مع الولايات المتحدة الامريكية ، التي ربما كانت اكثر جرأة منا في قول الكلمة الفصل بحق بوش ، وقررت الذهاب في خيار التغيير سعيا منها الى تحسين صورتها التي شوهت كثيرا ابان حقبة بوش الابن.
باراك اوباما ولست حذرا من القول ، بدأ بداية صحيحة تنطلق من الحوار مع الاعداء قبل الاصدقاء (وهذا ما نفتقده في امة لا اله الا الله ) ، إن لم يكن برغبة جادة منه وصادقة لمحاولة فهم ما يجري ولماذا وكيف ومتى واين ؟ فانه على الاقل سيعمل على اسقاط الحجة على المتحججين والمتقوّلين والمدّعين (ولا اقصد الجميع هنا بالتاكيد انما في حالات معينة ) بانه لم يبدأ فترته الرئاسية وهو متعطش للحرب والقتل والدمار ، وانه اعطى فرصة حتى وإن كانت في الوقت بدل الضائع لتسجيل هدف ذهبي يكفي المسلمين والكفار شر القتال؟


وقبل ان نحكم على اوباما ونواياه علينا ان نسال انفسنا اولا : ماذا لو كان قادتنا مثل اوباما يدعون الى الحكمة والحوار ، ونحن امة الموعظة الحسنة وخير امة اخرجت للناس؟ ماذا لو نترك النوايا الدفينة ونبحث في النقاط المضيئة ونزيد من مساحتها ، او نحاول ان نشعل شمعة في الظلام حتى وان كان الجرح غائرا ومازال ينزف ؟
العراق مثلا تحول الى بلد يبحث عن الثارات والتصفية ويُكفّر كل من يؤمن بمقولة (عفا الله عما سلف).. فكل حزب يلعن من سبقه وكل زعيم يعتبر نفسه المنقذ من النار والمخلّص من الديكتاتورية والقائد نحو العلا ، ومن سبقه سفاح وقاتل وديكتاتور ومبيد للبشر ، مع ان انهم يقلدون بعضهم بعضا ويستميت كل منهم على منصبه حتى وإن اباد الامة بأكملها..


يدّعون انهم يريدون المصالحة الوطنية متى ما كانت تصب في مصلحتهم ، وينبذونها متى ما تقاطعت مع ارصدتهم ومصالحهم ، وكأنهم ملائكة هبطت من السماء لتنذر بامر ربها وهم شياطين رضعوا مع ابليس ، ولا يبالون بالوطن إن احترق او اصابته زلزلةٌ فرّقته شيعا وطوائف وكانتونات ما انزل الله بها من سلطان!!
يقولون انهم ناضلوا ضد الدكتاتورية والتسلط والاستبداد حتى اصبحوا نسخة مشوهة وقاتمة عن من سبقهم !!
يدعون الى التقوى والرحمة وايتاء ذي القربى واليتامى والمساكين حقهم ، وهم من نهب وسرق وباع وانتفخت بطونهم سما زعافا من السحت والمال الحرام ؟؟ ولم يكتفوا بذلك حتى نهبوا وقتّلوا وهجّروا وشتّتوا ورمّلوا ويتّموا واشتروا وباعوا وفعلوا ما لم يفعله سواهم تحت غطاء النضال والدين ونصرة المظلومين؟
يا سادتي يا من تتحفظون على الجهر بالرضا عن باراك اوباما .. اعطونا مثل اوباما في العراق حتى وإن كان اسودا من اصول افريقية او اشقرا من كوكب زحل!! .. وخذوا كل من تسمونهم قادتنا وزعماء احزابنا وسياسيينا عن بكرة ابيهم غير ماسوف عليهم.. !! فالوطن احلى وابهى وارق واجمل واروع واشرق واسمى وأرقّ وأحن منهم ومن شعاراتهم الزائفة واخلاقهم التي خدع بها اهلنا ظنا منهم انها ماء ولم تكن سوى سراب!!
اعطونا مثل اوباما بفكره المنفتح على الاخر وايمانه بالحوار مع العدو قبل الصديق ، وخذوا مجلس رئاستنا الموقر المنشغل بالهبات وتقسيم الحصص والمناصب بين اعضاء احزابهم ، ومعهم خذوا كل مجلس نوابنا ((الاغبر))!! الذي يعجز ان يجد خليفة للمشهداني ، فجمّد كل قضايا الوطن وتناسى كل هموم الشعب وحزنه وجوعه وتشتته وضياعه في المنافي والمهاجر حتى يأتي اعورهم الدجال ايا كان ليجلس على كرسي المشهداني !! وتناسوا ان دولاب السياسة لا يتوقف عن الدوران ، وهو يختلف عن سواه من الدوليب .. فطبعه ليس على غرار ((مرة فوق ومرة تحت )) وانما ((مرة فوق ومرة تحت المقصلة )) وعلى الباغي تدور الدوائر!!

dr_aljabiri2@yahoo.com





التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات