يعتقد كل فريق من الفرق الإسلامية هو صاحب النهج السليم والمعتقد الصحيح في تعامله مع كتاب الله وإستقاء أصول معتقداته من هذا الكتاب المبين
وقد أستغرقت تلك الفرق بجهود علمائها كثيرا من المؤلفات والمناظرات والمماحكات التي يكون بعضها تثبيتا للمعتقد ويكون بعضها ردا على المعتقدات الأخرى المناوئة
والحقيقة أننا جميعنا نؤمن بالكتاب المجيد وجميعنا يخضع أمام نصوصه الكريمة ويتعبد بها
ويختص مذهب أهل البيت عليهم السلام بأنهم من أصحاب التأويل لبعض الألفاظ في الآيات الكريمة إعتقادا منهم بأنها لاتتسق معانيها الظاهرية الحقيقية مع آيات أخرى في نفس الكتاب فيعملون جاهدين على البحث في كلام الله ليجدوا مخرجا من شبهة الظاهر الذي يعتقدون بمن يعتقد بها فساد مذهبه
مما جعل أبناء المذهب الآخر يعيبون علينا هذا النهج حتى أصبحوا يدعون علينا بأننا نأول كل شيء حسب أهوائنا وعندما نطالبهم بالرد عن بعض الأسئلة التي تجعلنا أمام أحد الحقيقتين
1 - حقيقة المعنى الظاهري المخالفة للإعتقاد الصحيح
2 - حقيقة المعنى المتأول لكي يتماشى مع المعتقد الصحيح
لانرى منهم جوابا واضحا وثابتا ونافعا وسليما وكل مايقولونه هو إثبات ما أثبته الله لنفسه
إذن الشيعة يتمسكون بتأويل الآيات ويجعلونها منهجا ثابتا في تفسيرهم لكتاب الله طبعا بحسب قوانين ومقررات ومنها مايتعلق بموضوعنا هذا عن تأويل الصفات التي تجعل من يأخذها بحسب ظاهر معناها من المشبهة والمجسمة
وهذا لم تطلقه الشيعة جزافا على الآخرين ولا من دون دليل
فمثلا لو أخذنا الألفاظ بحسب معانيها الظاهرية لتضاربت لدينا كثير من المفاهيم والمعتقدات خصوصا فيما يتعلق بالصفات
فالتأويل عندنا أتباع مذهب آل البيت ضرورة ملحة من خلالها نستطيع إستقاء الفهم والمعرفة الحقيقية لمقاصد كتاب الله الكريم
ماهو التأويل / التأويل لغة
يقول الراغب الاصفهاني: (التاويل من الاول، اي الرجوع الى الاصل. ومنه الموئلللموضع الذي يرجع اليه. وذلك هو رد الشيء الى الغاية المرادة منه، علما كان او فعلا،ففي العلم نحو: (وما يعلم تاويله الا اللّه والراسخون في العلم...)
وفي الفعل كقولالشاعر:وللنوى قبل يوم البين تاويل) وقوله تعالى: (وهل ينظرون الا تاويله يوم ياتي تاويله) اي بيانه الذي هو غايتهالمقصودة منه.
وقوله تعالى: (ذلك خير واحسن تاويلا) قيل احسن معنى وترجمة
التأويل إصطلاحا
يقول الشهيد الصدر رحمه الله
التاويل جاء في القرآن بمعنى مايؤول اليه الشيء، لابمعنى التفسير، وقد استخدم بهذا المعنى للدلالة على تفسير المعنى، لا تفسير اللفظ،اي على تجسيد المعنى العام في صورة ذهنية معينة
فالتأويل هو عبارة عن بيان الحقيقة الخارجية للشيء أو الرجوع من اللفظ المجازي إلى المعنى الحقيقي
فهو عملية إنتقال من ظاهر اللفظ إلى حقيقة المعنى المقصود ومن خلال هذه العملية يذهب كل مايعتقده الآخر من تناقضات في الآيات أو تضاربات في العقيدة كما يظن من ليس لديه فهم معمق بمقاصد الكتاب المبين
أي مهما كلف نفسه المخلوق على أن يحاول معرفة كنه رب العزة والجلال فلم ولن يستطيع ولايمكن التفكير في ذلك أصلا لأنه أمر محتوم ومقرر بالنفي القاطع فمهما وصفته تكون قد أخطأت لأنه لايشبه شي حتى إن كان الخيال مصدرا لهذه الأوصاف الفاسدة
لأن كل موصوف محدود وكل محدود يدخل في حيز وكل مايدخل في حيز يكون جسما وكل جسم له كتله وكل كتلة لها حجم ومن يجعل له حجم فقد حده ومن حده فقد عده ومن عده فقد جعل له شريك وبهذا لايمكن وصف الخالق بوصف مهما كان
إذن كيف يمكن لمن يعتقد بوحدانية الله أن يحمل اللفظ على ظاهر معناه
ومثال ذلك كثير من الآيات التي وردت فيها ألفاظ من هذا النوع الذي لابد من تأويله كي نبقي أنفسنا ضمن إطار الموحدين المنزهين لله تقدست أسمائه
{يد اللّه فوق ايديهم}
{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}
{وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا }
وهكذا بقية الآيات التي لابد من حملها على الحقيقة الخارجية وسنأتي لكل منها لاحقا إن شاء الله تعالى
وإليكم بعض ماتأوله الشيعة من معاني لألفاظ وردت في كتاب الله ولايمكن قبولها عند الشيعة بحقيقة ظاهر معناها
{ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } (10) سورة الفتح
فكلمة يد يحملها أتباع مذهب أهل البيت كناية على القدرة والنصرة
أما أتباع المذهب الآخر
فيقولون يجب أن تحمل اليد على معناها الظاهري ويجب إثبات كل شيء أثبته الله لنفسه كما هو ولا يجوز التأويل
طيب ماهو الصحيح وأين الحق مع أي منهج
فالشيعة يقولون عن السلفية بأنهم مجسمة ومشبهة
والسلفية يقولون عن الشيعة معطلة
أرجوا أن يكون الحوار فقط في كتاب الله وإن كانت لدى البعض رغبة في مناقشة بعض آحاديث الصفات فسنناقشها لكن بعد الإنتهاء من مناقشة تأويل آيات الكتاب المبين
أما ما ستتم مناقشته الآن فهي كلمة / يد
التي وردت في الآية
التعليقات (0)