مواضيع اليوم

مسرحية وهم - عمار نعمه جابر

مسرحية وهم

 

 

( طالبان يجلسان في آخر مقعدين في الصف الدراسي  )

طالب1         : هل ترى السبورة جيدا ؟

طالب2         : نعم ، وأحاول أن أنسخ كل ما هو مكتوب عليها الى دفتري .

طالب1         : ولكني لا أرى ما كتب الاستاذ على السبورة !

طالب2         : أنا أراه جيدا ، يمكنني أن أخبرك بكل ما كتب الاستاذ على السبورة .

طالب1         : وهل فعلا ستخبرني بالضبط بما هو مكتوب على السبورة ؟

طالب2         : ماذا تقصد !

طالب1        : قد تخبرني أشياء ، أنت تريد أن تخبرني بها .

طالب2        : وكيف ستعرف انت ذلك ، وأنت لا ترى السبورة جيدا ، وأشك أنك لا ترى حتى الاستاذ ؟

طالب1       : ولكن أين الامانة العلمية ، والضمير ، والعدالة ، أين كل ذلك منك ؟

طالب2       : أنا أدعوا دائما الى افكاري ، أحاول نشرها بكل السبل ، ابذل الغالي والنفيس من أجل أن تصبح حقائق ومسلمات ، ومذاهب واتجاهات .

طالب1       : ولكن الاخرين قد يرون أفكارك خاطئة ، حاول أن تمليني ما هو مكتوب على السبورة بالضبط ، وأنا سأختار الشي الاكثر قربا للحقيقة .

طالب2      : أنا من يملك العيون فقط ، أنت ضعيف البصر ، أنا سأقوم بأقتيادك للمكان الذي أظن أنا أنه حقيقي .

طالب1      : ولكن الاستاذ هو كلمة الفصل ، هو الكلمة التي كانت في البدء ، هو الاشارة ، والمنارة ، ونجم البحارة ، ارجوك أن تنقل كل ما يكتبه على السبورة بأمانة ، كي استطيع أن أفهمه . أفكارك انت قد تشوه ، وتربك ، وتهدم ، كل الاشياء التي يريدنا أن نفهمها منه .. ارجوك .

طالب2     : لا استطيع ذلك .. لا استطيع . لماذا لا تريد أن تفهم ذلك ؟

طالب1      : هل دفعوا لك من أجل أن تفعل ذلك ؟ هل غسلوا مخك بافكار ومسميات ونظريات كي تفعل ذلك ؟ تكلم ، لماذا تفعل ذلك بي ؟

طالب2      : يا أخي ، لماذا لا تريد أن تفهم أن الأمور ليس دائما تحت طائلة المؤامرات والمخططات الخبيثة !

طالب1       : إذن كيف يمكنني أن أفهم تلاعبك وتزييفك للحقائق ، ومحاولة زج أفكار وكلمات وجمل غير مكتوبة على السبورة ؟

طالب2       : أرجو منك أن تكون أكثر استرخاءا ، وأن تفهم الامر بشكل ، أكثر واقعية .

طالب1       : كيف .. لا أفهم ماذا تقصد ؟

طالب2       : في مثل حالتنا ، أنا وأنت ،  دائما ما تحصل أمور حتمية ، أنت ضعيف البصر لا تستطيع ان ترى السبورة ، أنا قوي البصر استطيع أن أرى السبورة بوضوح ، أنا حلقة الوصل الوحيدة بينك ، وبين ما هو مكتوب على السبورة ، حيث دونت المعرفة ، فأنا بالنسبة لك الآن يا صديقي سأكون ، راوي ، مفكر ، مؤرخ ، داعية ، معلم ، حاكم ، رجل سياسة أو حتى رجل دين . وانت لست سوى شخص من العامة ، تحتاج أن تعرف ، ومن الطبيعي جدا أن تصلك قراءتي أنا ، لما هو مكتوب على السبورة ، وليس ما يريده بالضبط ، من كتب ويكتب على السبورة . سأخبرك بشكل لا إرادي، شئت أنا ذلك أم أبيت ، بماهو مكتوب وقد تلوث بأفكاري ومعتقداتي وتجاربي الشخصية ، فأنا من أقرأ ما هو مكتوب على السبورة ، وأشربه في داخلي ، ثم أقيئه لك فيما بعد ،  وهذا ما يحدث دائما في كل منقول ، قد حمله ناقل ، هل فهمت الآن ؟

طالب1      : ( متحيرا ) ولكن !

طالب 2    : ( يقاطعه ) صدقني هذا ما يحدث دائما . كل الافكار والحقائق والاعتقادات ، كلها مرت من خلال ناقل مثلي ، لوثوها بتجاربهم ومفاهيمهم ومعتقداتهم ، لم يبق هناك شيء نقي بالمطلق ، النقاء وهم ، مجرد وهم .

طالب1     : طيب ، فهمتك الآن ، حسنا ، أخبرني الآن بما كتب الاستاذ على السبورة ؟

طالب2     : حسنا لقد أثّرت في مشاعري ، سأخبرك هذه المرة بالحقيقة ، دون تدخل مني ، الحقيقة بلا تزييف .

طالب1     : حسنا ، أخبرني الحقيقة ..

طالب2      : الحقيقة ، أن الاستاذ لم يكتب شيئا على السبورة ، وذلك كونه غير موجود في هذا المكان . بالاضافة الى ذلك ، فإنه ليس هناك مكان يكتب فيه الاستاذ ، لأنه وبكل بساطة ، لا توجد سبورة على الجدار . ( ينهض واقفا ) ولكي أكون دقيق معك ، فإنه ليس هناك جدار بهذا الاتجاه ( يتحرك خارجا  )

طالب1       : ( ينادي ) أين أنت ذاهب ؟

طالب2       : الى غرفة الصف الدراسي ، سيبدأ الدرس .

-ستار-

تركيا – سامسون

20/10/2018




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !