مواضيع اليوم

طاش ما طاش .. وخطر الأفكار الطائشة ..

تركي الأكلبي

2011-08-09 21:28:30

0

 

بالرغم من الانتقادات الحادة التي توجه في كل عام لمسلسل طاش
ما طاش ، وبخاصة كلما تناولت بعض حلقاته بالنقد التطرف الفكري والتشدد الديني ، وأن كانت بعض هذه الانتقادات تأتي كرد فعل وكصياغة لهجوم مضاد لا يحتمل الرأي الآخر فتلجأ للاتهامات و"الشخصنة" . إلا أن نجاح المسلسل على صعيد نقد العديد من الممارسات السلبية في الواقع الاجتماعي ، وكشف المسكوت عنه في كثير من القضايا التي تهم المواطن ، وكشف العديد من جوانب الفساد الإداري ، وكل ذلك في قالب كوميدي ساخر جعل له جمهور لا يستهان به من المتابعين والمتلقين لرسالته الإعلامية المتميزة . وربما كان هذا النجاح هو الذي مكن مسلسل طاش ما طاش من الاستمرار على مدى ثمانية عشر عاما ، وربما – وهذا ما أكاد أجزم به – أن هذا النجاح هو الذي جعل بعض أفكار هذا المسلسل الرمضاني "تطيش" وتنحرف عن المسار الصحيح في النقد الإيجابي لكثير من جوانب الواقع الاجتماعي والمتمثلة في التطرف الفكري والفساد وتهالك الأنظمة وقدمها وعدم مواكبتها لاحتياجات التنمية والتناقضات الاجتماعية وبعض العادات والتقاليد السيئة ..
وهو الذي دفع الممثلين الشهيرين عبد الله السدحان وناصر القصبي لتبني أفكارا استطيع القول أنها منحرفة عن قيم المهنة والرسالة الإعلامية ذات الطابع الجماهيري الواسع من خلال معالجة الخطأ بخطأ أفدح في بعض حلقات المسلسل ، ومن ذلك العلاقة بين الآباء والأبناء ، إذ بدلا من استغلال منهج النقد الساخر الذي توافرت لهما كل إمكاناته الفنية وإمكانياته الإعلامية أخذا بقصد أو بدون قصد يسخران من هذه العلاقة الاجتماعية والربانية بحجة – كما يبدو- توظيف الكوميديا لمعالجة بعض الأخطاء والعادات ، فجعلا الأم والأب موضع سخرية للمتلقي رغم أهمية المحافظة - اجتماعية وتربويا - على منزلتيهما الأسرية وقدسية العلاقة بهما .
ليس هذا فحسب بل ظهر العمل في حلقات من هذا المسلسل أكثر إيحاء إلى الابن العاق أو غير المصلي ليكون أكثر قناعة بما يرى ويفعل من عقوق أو ترك للصلاة وذلك من خلال تضخيم الخطأ في سلوك الأب في تعامله مع أبنه والإيحاء النفسي للابن بمقاومة ذلك السلوك الخاطئ من الأب بكل السبل وعدم تقبل معاملة والده له بل ومقاومة الابن بذات الطريقة التي يتبعها والده ، فألقيا بهذه المعالجة الخاطئة لبعض السلوكيات الخاطئة من بعض الآباء بالتوجيه التربوي القرآني الكريم
" ولا تقل لهما أفا " و" وبالوالدين إحسانا " وراء ظهريهما في مقابل التركيز على ما يدركه أغلبية المشاهدين من الدور المؤثر الإيجابي للتعامل بالحسنى مع الابن والذي قد يجده الابن عند غير الأب كإمام المسجد على سبيل المثال كما أشارت حلقة في المسلسل قبل نحو أربع سنوات ، وهي الحلقة التي تأثر بها سلبا أبناء ربما لم يجدوا مثل ذلك الإمام الذي ظهر في الحلقة فظلوا مقتنعين بما أوحت لهم به أحداثها !
وفي حلقة الخامسة من هذا الشهر الكريم تعامل السدحان والقصبي مع قضية الأب الذي يفرق بين أبنائه فيطرد أبناء الزوجة القديمة ويحتضن أبناء الزوجة الثانية ويوزع عليهم كل ثروته بسلبية فاضحة فجاءت المعالجة أو التفاعل مع موقف الأب الخاطئ أكثر خطأ دينيا وتربويا واجتماعيا ، وأكثر ركاكة من الناحية الفنية ، وأكثر إمعانا في تحريض الأبناء الذين قد يتعرضون لمثل هذا الموقف السلبي من الأب من خلال مشهد مقاطعة أبني ذلك الرجل في موضوع الحلقة لأبيهما وعدم حضور العزاء في وفاته ورفع أكفهما للسماء والدعاء عليه !!
وفي الحلقة السابعة حاول الممثلان عبد الله السدحان وناصر القصبي إعادة فكرة حلقة العام الماضي والتي تناولت قضية تعدد الزوجات والتي اعتقد أنها كانت عبارة عن رسالة من الممثلين للرجل "المزواج" بأن (يحط نفسه مكان زوجته) وكيف ما إذا كان بإمكانه أن يحتمل رؤية زوجين أو ثلاثة لزوجته !! وليس كما اعتقد البعض بأنها دعوة لتعدد الأزواج !! .. إذا ، حاولا أن يعيدا نفس الفكرة ولكن بصورة أكثر غرابة وسخرية في الوقت نفسه ، إذ عكسا العلاقة بين الأب والأب فكان الابن هو من ( يربي أبوه ويمعص أذنيه) !!
وهنا استطيع القول أن هذا الاتجاه السلبي والمنافي للقيم الأخلاقية في بعض الحلقات لم يكن فقط هو بداية النهاية لهذا المسلسل الجماهيري الذي عرف بجرأته وتخطيه للأساليب النمطية في التعاطي الفني مع القضايا العامة وخروجه على المعتاد والمألوف ، فالعمل في هذا المسلسل أصبح يكرر نفسه ولم يخرجه من التكرار هذا العام – حتى الآن - سوى حلقة (الجني) والتي قدمت للمشاهد أغرب تفاصيل التحايل على الأنظمة والتستر وراء وهم يؤمن به الكثيرون من العامة ليدخل الجن والسحر على خط الفساد كمخرج يمكن شرعنته وقبوله !!

تركي سليم الأكلبي
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !