مواضيع اليوم

تسـاقـُط قطـع الدومينـو العسكـري

مصـعـب المشـرّف

2019-05-24 08:43:47

0

 تساقـُط قِطَع الدومينو العسكري

مصعب المشرّف

23 مايو 2019م

على غير المتوقع قدّم الفريق مصطفى محمد مصطفى إستقالته من عضوية المجلس العسكري الإنتقالي . ورئاسة اللجنة الأمنية بالضرورة ؛ في توقيت حرج للغاية .

أعطت هذه الإستقالة تأكيدات قوية بأن هناك خلاف بيني كبير ، ومسافة شاسعة .... وهوة واسعة سحيقة تكتنف رئاسة وعضوية وأوصال  هذا المجلس الذي كنا حتى مساء الأمس فقط نظن أنه متماسكا . على الرغم من قناعات أنه ليس مجلس قيادة ثورة إنقلابية ؛ بقدر ما جاء ولادة قيصرية  تحت ضغوط مطرقة ثورة ديسمبر الشعبية وسندان الجنود الرتب الصغيرة والوسيطة في قوات الشعب المسلحة .... ثم وإلى حين حتى يلتقط المؤتمر الوطني أنفاسه بين الشوطين.


إستقالة الفريق مصطفى الذي يعرف بأنه رجل الكيزان السرّي داخل المجلس العسكري . ربما أتت على خلفية الضيق والحنق بسبب إستئثار الفريق حميدتي بالسلطة دونا عن رئيس وبقية أعضاء المجلس العسكري الإنتقالي .. وممارسته ما بين الأمس والأول أمس لصلاحيات وسلطات هي من صميم سلطات رئيس جمهورية خلال فترة دستورية كاملة؛ ناهيك عن أن يكون نائب رئيس مجلس عسكري إنتقالي ....... وكان أبرز تلك السلطات والصلاحيات التي إختص بها نفسه ؛ هي زيارته المفاجئة لسجن كوبر ؛ وإعلانه إطلاق سراح أعداد من المحكوم عليهم في قضايا إفلاس وجنايات شيكات بلا رصيد ...إلخ.  مما أصطلح عليه في عهد الكيزان الفاسد بالغارمين.. وهو ما يعتبر في هذه الحالة تجاوزاً للسلطة القضائية من غير ذي صفة .... وكذلك إعادة بعض العاملين في الطيران المدني ومنح راتب ثلاثة شهور دون الرجوع إلى رئاسة المجلس أو التشاور مع رئاسة الهيئة ....

وفي الوقت الذي تشهد فيه الساحة إختفاء مبهم للفريق أول البرهان .... وسكون وبيات وسكوت الفريق الكباشي عن التصريحات والكلام المباح. فإن الأمر قد لا يكون كذلك بالنسبة للفريق مصطفى الذي كان يعتلي ذات يوم أعلى وأخطر المناصب بقيادته للإسخبارات العسكرية ، التي جعلته قاب قوسين أو أدنى من الرئيس عمر المخلوع ..... ناهيك عن عضويته للتنظيم "الخاص" للكيزان ..... والذي هو الحلقة الأضيق على الإطلاق  وصندوق هذه الجماعة الأسود ....  

عليه فمما لا شك فيه أن الخلاف إنما نشأ أساساً بسبب حميدتي ونشاطه وظهوره الزائد ... ولا علاقة له بالبرهان. اللهم سوى أن الفريق مصطفى وبالأصالة عن نفسه كرئيس للجنة الأمنية ، ونيابة عن التنظيم الخاص للكيزان ؛ يعتب على البرهان ويأخذ عليه أنه ترك لحميدتي الحبل على الغارب .... ومنحه من الصبر الجميل أكثر مما ينبغي.

حميدتي من جانبه سارع بالفعل عامداً إلى التمدد على سطح حكم وإدارة الدولة .... وأصبح كمن يسعى إلى ملء الفراغ بنفسه دون إذن وسماح من غيره ..

والذي يفهمه بقية الأعضاء ورئيس المجلس ... ويفهمون أن الشعب والثوار والعالم يفهمه ؛ أن حميدتي حين يفعل ويبادر لذلك من تلقاء نفسه أنه يستشعر واقع أنه هو الوحيد الذي يمتلك الآن القوة العسكرية المسلحة بين كبار ضباط القوات المسلحة الأصيلين في المجلس . ... وهو ما أثار في جوانحهم حفيظة وشيء في الصدر من عقدة نقيصة   ....


وحتماً تكاد دولة المؤتمر الوطني الموازية تتميز غيظاً الآن من حميدتي . وربما إكتشفوا فيه على غير توقعاتهم أنه للرئاسة والإستئثار بالسلطة يسعى . وأنه ليس بموسى هـلال بديل ... ولا يثنيه عن ذلك إفتقاره لمؤهلات دراسية أكاديمية وعسكرية بمقتضيات القرن التاسع عشر .. والعشرين .. والواحد والعشرين مجتمعين .....


وواقع الأمر أن الكيزان بطبيعة تركيبتهم الشخصية والنفسية ؟ ومقتضياتهم التنظيمية ؛ لا يثقون إلا بمن يكون قد إنضوى إليهم منذ نعومة أظفاره . وجرى غسيل دماغه على أيديهم . وتم تعميد وحاضره ومستقبله بمائهم ... ولاشك أن حميدتي كان ولا يزال بعيداً عن فكر هؤلاء الكيزان .. وأنه إعترف بعضمة لسانه قبل عدة أيام أن هتافه "الله أكبر" هو هتاف مؤمنين مختلف عن هتاف الكيزان الكاذب.


لم يكن الفريق مصطفى هو الأول الذي يقدم إستقالته من عضوية المجلس العسكري فقد سبقه إليها ثلاثي اللجنة الأمنية ..... وهناك إشاعات قوية بنسبة تفوق ألـ 75% أن إستقالة الفريق ياسر العطا قادمة في الطريق . بل يقال أنه خرج مغاضباً من تلقاء نفسه قبل أن يُطلبون منه أن يذهب ليرتاح ويعتكف وظيفيا في بيته.


إنه كثير ومثير ومدعاة لخيبة الآمال أن ينفرط عقد مجلس عسكري إنتقالي على هذا المستوى من الرتب العليا الرفيعة ورؤساء اللجان فيه ..... كثير ومثير أن ينفرط عقدة وتتساقط  قِطَعُ الدومينو فيه على بعضها بهذه السرعة الدراماتيكية ، وهو الذي لا يزال في مقام الحكم الإنتقالي وليداً بلغ للتو الأربعين يوما الأولى من عمره الذي تنازعه فيه الثورة وقوى الحرية والتغيير.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات