ربما حان الوقت لإستحداث جوائز عالمية بصيغة (أسوء) مكان الصيغة (أحسن) الكلاسيكية ، لينال العرب نصيبهم منها ، ويكافـَؤوا على (سوء تمثيلهم) حتى للقضية الفلسطينية ، على اعتبارها أقدس قضاياهم (أو هكذا يقولون على الأقل) ! .. فحلول (القضية العجوز) غائبة عن عقولهم ، مالم تجُد بها قرائح أطراف أخرى (لها مالها وعليها ماعليها) ، تقوم بتجربتها على أرض الواقع ، ليتخذوها أسوة وقدوة (يحاولون) تقليدها ـ بأسوء صورة ـ وكعادتهم ! ..
فهاهي تركيا (تبتكر) فكرة إرسال مساعدات إنسانية إلى سكان غزة ، في محاولة لكسرالحصار الذي تفرضه إسرائيل على القطاع .. فتفشل سفينة (الحرية) في الوصول إلى شواطئ غزة ، لكن مجرد المحاولة على مرئى ومسمع من العرب ، كانت كافية ليقوم العرب بما يحسنون ، وتتوالى الأحاديث والتلميحات لتكرار (التجربة التركية) ! ..
حالة إستنفار متأخرة للإرادات أفرزت ـ كأغلب الأحيان ـ عن نكتة ليبية إسمها سفينة (الأمل) ، أبحرت مؤخرا نحو غزة ، محملة بمساعدات إنسانية على خطى الأتراك .. إلى هنا كل شيء يبدوا طبيعيا ، لكن الطريف في الموضوع أن على متنها نشطاء حقوقيين ، لمنظمة عالمية تسمى (مؤسسة القذافي العالمية للجمعيات الخيرية) ، وفي تصريحاتهم لوكالات الأنباء ـ (على اعتبارأنهم واجهة الحدث) ـ قال النشطاء إن المؤسسة ليبية (نعم) ، لكن (لا) علاقة لها بالحكومة الليبية ! .. فمتى ياترى أصبح (كل ماهو ليبي) غيرمرتبط بـ (العائلة القذافية) ؟! ..
الحقائق ـ ومنها الإسم الصريح للمنظمة العالمية المشار إليها ـ تجعل التمثيلية الليبية سخيفة (مع إحترامنا للشخصيات الظاهرة والخفية) ، لأنها أظهرت مدى إستخفاف القيادات الليبيبة ـ (أسوة بباقي القيادات العربية) ـ بعقول المواطنين العرب ، و الشعب الليبي في مقدمتهم .. لأنه من غير المعقول أن تنسب جهود (الحملة الخيرية) لغير صاحبها ـ (المصر على مايبدوا) ـ على التصريح (رغم الإنكار) بشخصه (الكريم والمِعطاء) ، الذي يريد أن يعرف أشقاءه في العروبة وفي الدين ما تنفق يمينه وحتى شماله ! ..
القائد القذافي الذي لم (يخجل) بصيت عائلته الذائع في تبذير أموال الحكومة ، وتبديدها على شراء النوادي الرياضية العالمية وعلى أشياء أخرى .. يخجل باسم ذات العائلة لتمثيل الشعب الليبي عندما يقدم مساعدات إنسانية لأشقائه الفلسطينيين يريدها أن تكون على أعلى مستوى ، بما أن (عائلة القذافي) لاتستطيع إنكار أن ليبيا وبكل رسائلها الموجهة خارجاً تحمل توقيعات أفرادها وبصماتهم ! .. فما حكاية القذافي الذي يكون هو القذافي في (الصور العبثية) ، ولايكون هو، هو في (الصور الجدية) ؟! ..
الأمر معقد بالتأكيد ، لكنه ليس أكثر تعقيدا من شخصية القائد الذي ينتهج سياسة (جيّح روحك ، تلقى روحك) ، أي بمعنى كن مجنونا ليدعك الآخرين تفعل ماتشاء ، فهل هناك جنون أكبر من أن تكون (منظمة القذافي) ليبية الجنسية ، وقذافية الإسم العائلي ، ولا علاقة ولا صلة لـ آل قذافي بها ؟! .
ـــــــــ
تاج الديــن : 07 ـ 2010
التعليقات (0)