لم يكن مصطلح يهودية الدولة هو وليد اللحظة، أو هو من ابتداع الحكومة اليمينية المتطرفة برئاسة نتانياهو، بل هو وليد استراتيجيات وأفكار عملت عليها الحركة الصهيونية بالتعاون والتنسيق مع الامبريالية العالمية، وبدأ ذلك منذ مؤتمر بازل عام 1897م، وهو أول مؤتمر تعقده الحركة الصهيونية وكان من أهم أهدافه هو خلق وطن للشعب اليهودي في فلسطين يضمنه القانون العام، وجاء المؤتمر بعد عامين فقط على تأليف المؤسس الأول للحركة الصهيونية السياسية المعاصرة تيودور هرتزل كتاباً بعنوان الدولة اليهودية، وبعد ذلك جاء وعد بلفور 1917، والذي أكد على حق الشعب اليهودي في إقامة وطن قومي في فلسطين، و لكنه في نفس الوقت أكد على أن لا يمس ذلك بحقوق السكان الأصليين، وعلى اثر الثورة العربية الكبرى صدر تقرير بيل 1937، حيث طرح هذا التقرير فكرة تقسيم فلسطين إلى دولتين إحداهما عربية والأخرى يهودية، ولكن هذا الاقتراح رفض من القيادة الموحدة للفلسطينيين، ونشب خلافاً بين رئيس الوكالة اليهودية وقتذاك ديفيد بن غوريون وحاييم وايزمان حول القبول بقرار التقسيم، حيث رفض بن غوريون قرار التقسيم وقال: " أرض إسرائيل لا تتجزّأ "، فرد عليه وايزمان: "بأن النقب لن يفر"، فاقتنع بن غوريون وقبل بقرار التقسيم حرصاً على مصلحة يهودية إسرائيل، وبعدها صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة 1947م، قرار التقسيم رقم 181. ولم تقتصر جهود الحركة الصهيونية عند هذا الحد بل عملت ومن خلال منهجية متدحرجة من أجل تجسيد يهودية الدولة وجعلها أمراً واقعاً من خلال تأهيل البيئة السياسية المحيطة لتقبل ذلك، ويبدو أن إسرائيل وصلت إلى مبتغاها في ظل القيادة الفلسطينية الحالية، وفي ظل الانقسام السياسي الفلسطيني، وفي ظل ضعف وتشرذم النظام الإقليمي العربي، فبدأت إسرائيل في تحقيق رؤية تيودور هرتزل الذي طرحها في كتابه الدولة اليهودية عام 1895، حيث قال: " إن الدولة اليهودية ضرورية للعالم ولذلك فسوف تقوم". وهذا بدأ اليوم يتحقق بوتيرة عالية، فبعد قرار 1650 القاضي بترحيل أي مواطن ينحدر أصله من قطاع غزة مهما كانت الظروف بترحيله إلى قطاع غزة، ومن ثم جاء قانون الولاء والمواطنة، وسياسية التمييز العنصري ضد عرب الداخل.
وبعد هذا السرد التاريخي والذي يتجاوز عمره الزمني 115 عاماً، فإن إسرائيل على أعتاب وضع قرارها التاريخي والاستراتيجي بالإعلان عن يهودية الدولة حيز التنفيذ، دون أن يكلفها ذلك أي ثمن بسبب السلوك السياسي للقيادة الفلسطينية، والتي كان آخرها بالون الاختبار الذي خرج به أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حول اعتراف القيادة بيهودية الدولة مقابل الاعتراف بحدود الرابع من حزيران 1967م للدولة الفلسطينية.
وهنا نطرح على الجميع ما هي خياراتنا ومشروعنا الوطني لمواجهة الخطر الداهم الذي يهدد مليوني فلسطيني يعيشون في فلسطين التاريخية ووجودهم يشكل الأمل بعودة باقي المهجرين من أبناء الشعب الفلسطيني.
وهنا نطرح مجموعة من الخيارات لمواجهة يهودية الدولة منها:
1- العمل الجاد على تحقيق المصالحة الفلسطينية، واصلاح منظمة التحرير، لسحب البساط من تحت أقدام النخبة السياسية التي تقود المنظمة حالياً.
1- رفع سقف المطالب الفلسطينية بالتنسيق مع جامعة الدول العربية، والعمل على سحب مبادرة السلام العربية.
2- قد يكون حل السلطة من الأوراق الهامة في مواجهة يهودية الدولة، وكذلك التخلي عن خيار حل الدولتين، وطرح مشروع الدولة الفلسطينية ثنائية القومية.
3- التلويح بانتفاضة جديدة ضد يهودية الدولة، يشارك فيها كل فلسطيني في أي بقعة جغرافية يقيم بها.
4- ضرورة التركيز في وسائل الإعلام على الرواية التاريخية الفلسطينية في ظل ما يشاع حول تدريس الرواية الاسرائيلية في مدارسنا الفلسطينية بالضفة الغربية، وفي هذا الشأن ينبغي التركيز على نشر الرواية الروسية بوجود وطن قومي لليهود في بيروبيدجان الروسية.
5- إعادة النظر في المناهج الدراسية (التاريخية والجغرافية) بما يدعم الحق التاريخي في كل فلسطين.
6- التوافق على مشروع فلسطيني عربي موحد في مجابهة المشروع الصهيوني (يهودية الدولة).
7- دعم صمود عرب 1948، والعمل الجاد على حماية حقوقهم في أي تسوية سياسية مستقبلاً.
8- البدء بحملة اعتصامات في عواصم دول العالم، تركز على عنصرية الإسرائيليين، من خلال حزمة القوانين الأخيرة والتي تشكل تمهيداً لاعلان يهودية الدولة.
Hossam555@hotmail.com
التعليقات (0)