مواضيع اليوم

"نورا أسوبال" تترجم "حكايات إيروسية مغاربية"

علي مغازي

2009-12-23 18:54:22

0

 

"نورا أسوبال" تترجم "حكايات إيروسية مغاربية"

nora aceval- blog ali meghazi

 

عبد الله كرمون من باريس:

نشرت دار المنار مؤخرا للباحثة الجزائرية نورا أسوبال ترجمة فرنسية لنحو ثلاثين حكاية مزينة برسوم سيبستيان بينيون الجميلة، عنونتها بـ"حكايات إيروسية مغاربية". ليست، على الأرجح، حكايات إيروسية بحتة، وإنما هي نوعا حكايات حول ما يعرف خصوصا بالكيد في المعارك الخفية بين الرجال والنساء. لكن معظم تلك النصوص تُري لنا الأنثى على أنها مشتعلة جنسيا؛ إلى درجة أن لا شيء يستطيع تخفيف احتداد رغباتها. لذا جُعل فيها الجنس محط كيدهن.

حكايات الكتاب معروفة، بلغات متباينة، بطبيعة الحال، في كل بلاد شمال أفريقيا. وليس يتداول حكيُها بين الإناث فقط. لأن الرجال يتعاطونها في السر، مثلما تفعل النساء الشيء نفسه في دوائر خاصة ومحدودة.

لا أعتقد أن المقام، يسنح، لتكلف دراسة انثربولوجية لتلك النصوص، لذلك سوف نقتصر على عرض ألق أجملها دون الذهاب عميقا في تحليلها، ولا في الغوص في كل حيثيات حكيها؛ زمنه ومكانه. كما لن نتطرق إلى التحذيرات التي ترافق تجاذبها. لكن ما تلزم الإشارة إليه مسبقا هو أن الترجمة لم تستطع في مواضع كثيرة أن تفي بالغرض الذي توخته لغة الحكايات الأصلية، إضافة إلى ارتكاب نورا أسوبال لبعض الأخطاء مثل، وليس حصرا، ترجمتها "السْتْر" أي الستر الذي هو بمعنى الشرف خاصة في قضايا الجنس، "بالمأوى"، وذلك في حكاية العنزة، وإن كان الأمر يتعلق في مناطق أخرى من شمال إفريقيا بغزالة.

أمر آخر، وهو الأهم، هو أن الحكايات لا تُترجم حقيقة. وإذا ترجمت، لأن ذلك يشكل شرط نشرها في أبعد نطاق، لاقتسام جمالها مع قراء غرباء عن لغتها، فإنها تفقد بذلك كثيرا مبرر وجودها. لأن الحكاية، عكس الأشكال التعبيرية الأخرى، تستمد قوتها من لغتها المتفردة، ومن قوة ارتباطها بعالم السحر وبقدرة التأثير الملتبس للكلمات على مصائر الأفراد. انطلاقا من الصيغ الخاصة بها في استهلالها وفي خاتمتها، بغض النظر عن سر محتواها ألعجائبي.

صحيح أن نشر الحكايات، حاليا، هو أمر جميل، لأننا في عالم انفتح أكثر على وسائل ترفيه، تثقيف وتربية مغايرة، وفقدت فيه الحكاية مكانتها القديمة ودورها الأول. لذلك فالعالم يشهد اليوم بروز "الحكواتي المعاصر"، وازدهرت المنشورات المهتمة بهذا النوع من وسائط التواصل بين الناس، كما لا تنفك تتسع، يوما عن يوم، فجوات انفصالهم وانفصامهم.

الحكايات التي حرصت نورا أسوبال على جمعها وترجمتها اتخذت لها جميعها موضوع الجنس غاية أو وسيلة. ففي النص الأول نرى امرأة مسنة طريحة الفراش، تتراوح بين الموت والحياة، جاءها ابنها ببعض الفقهاء رجاءَ شفائها على أيديهم، غير أنهم نكحوها في غيبته، وقامت التي ظُن أنها دانية من جدثها نشيطة ومعافاة، واغتسلت وهي تدندن من فرح!

أما الفتاة التي فقدت عذرتها، فقد فكرت وهي مقدمة على الزواج في حيلة تقيها شر انكشاف سرها. قامت وأدخلت، بدءا بذنبها، سحلية في فرجها، وعندما جاءها عريسها ليبني بها لم يتسرع، بل لاعبها قليلا ولامسها وداعبها ثم أقدم على الإيلاج فيها، فجأة أطلق صرخة إذ عضته السحلية في أيره، لكن امرأته أردفته هي أيضا بمثلها، ثم تعالت خلف الباب، حيث تربصن، زغاريد النسوة المنتظرات لأوان كشف النقاب عن سر العزوبة. ثم عمّ الفرح إذ البنت عذراء لم يلغ بعد أحد، في خلدهن، في عينها الصافية، فارتفعت عالية راية شرف الأصل وعزته!

أما الرجل فلم يستطع، خشية الفضيحة، أن يفشي للعوام أن فرج امرأته قد عضه، لذلك لاذ بالصمت!

وآخر كادت له عروسه التي لم تتخلص من عادة سيئة ومقرفة، فزينتها له خلال زفافها عبر أغاني أملتها على أترابها، فهي تبول في فراشها كل ليلة. مفاد تلك المواويل أن كل الفتيات يتبولن في فراشهن وأن الأمر طبيعي جدا وهو فوق ذلك من زينة النساء.

"حينما سمع في قلب الليل خرير العين الصغيرة العذب أحس بنشوة كبرى: وقد أسعده ذلك كثيرا، فقام وأمر زوجته ألا تنسى أبدا أن تبول في السرير"!

ولا تحيل حكاية الإمام الذي يقطن بجوار رجل سكير على كيد معين، بل تنطوي فقط على دعابة تبعث على الضحك، لأنها تضع في المحك مدى قدرة الإمام على مجاراة تهتك السكير الذي يأتي ألاعيب جنسية يبتهج بها في كنف الزوجية. إذ يسمع الإمام كل الحشرجات والضحكات الدالة على معارج الرعشات. سأله يوما عن السر في ذلك وعن سبب الجدب الذي ابتلى به من ناحيته. أجابه السكير أنه لا شك يرتب ملابسه، عندما يخلعها، ويطويها في ركن ويتلكأ لزمن حتى تفتر الشهوة. لذا أشار له بأن ينزع عنه ثيابه بخفة وسرعة ويقذف بها زوجته كنوع من الملاعبة المستحبة.

في الليل سمع السكير صوت صرخة واحدة ووحيدة، ثم هدأ كل شيء. فكر أن يكون جاره قد قضى حتما وطره كما اشتهى. لكن الرجل فاجأه هَلِعًا في الصباح وهو يشكو له كونه كاد أن يقضي على زوجته التي رماها بسرواله الذي نسي في أحد جيوبه الحجر الذي يستعمله في التيمم في غياب الماء. أجابه السكير بأنه "يجب اختيار واحد من اثنين: التيمم أو الجنس!"

لقد وصل حد الغيرة والرقابة المشددة برجل آخر إلى أن يصل رجلَه وقدم امرأته، عندما ينامان، بخيط، مخافة أن يتسلل إليها مغامر عاشق فتخلو به حينما يغطس هو في غيابة نوم عميق لا يقدر أن ينسل منه.

ضربت، ذات ليلة، لعاشق لها وقت موعد داخل زريبة البهائم التي تتواجد في حوش البيت. ولما أحست أن زوجها أوشك على الدخول في مهامه سباته العميق، نبهته أنها نست أن تُدخل العجل إلى الزريبة، وهي تعلم علم اليقين أنه ليس بوسع زوجها أن ينهض لأداء تلك المهمة التي لا بد من إتيانها. اقترحت عليه أن يفك الخيط عن قدمها كي تجنبه عناء القيام لتمضي بنفسها لإيصاد العجل.

لما أذعن لها، دعت عاشقها، بهذه الكلمات، في الوقت الذي ظن فيه زوجها أنها تخاطب فيه العجل: "تعال، تعال يا عجلي، يلزم الدخول إلى الزريبة". ولما تأخرت قليلا، ناداها الزوج الذي ينام غير بعيد من المكان: "هل انتهيت؟ هل تمكنت من إدخاله؟ أجابته الزوجة: "لقد انتهيت، نعم! لقد دخل وقد دفعته إلى أقصى ركن في الداخل، يمكنك أن تنام الآن مرتاحا".

أما التجربة المعرفية للذي أراد أن يمارس الجنس لأول مرة بعدما حرضه صديقه على ذلك فهي مليئة بالعبر. المرأة التي قصدها طرحت عليه سؤال امتحان، ولن تمكنه منها إن لم يجب عنه. سألته أين يوجد فرج النساء؟ أجابها: قدام. انحنت وأرته له من وراء. فانصرف خائبا. عاد وحكى ما جرى له لصاحبه الذي استخبره عن مغامرته. في الكرّة الثانية أجابها متيقنا، لما سألته، بأنه يتواجد وراء. استلقت البنت على ظهرها فأرت له فرجها من أمام.

كانت خلاصة تقريره إلى صاحبه شهادة مؤلمة: "تعقل! إن فرجهن يشبه مزاجهن، إنه فاسد ومتبدل، لا يني يغير مكانه!"

وإذ لم نعد في زمن شهرزاد وشهريار نتوقف دون أن نخاطر بحياتنا ونقول أن هواجس حكايات الكِتاب والتي ترعى جميعها في طياتها، في حساسية، البؤرة الجنسية، تتركز حول الخوف والرغبة وما يشكل بارود احتدام واشتداد معارك الرجال والنساء. وتختبئ خلفها حقائق اجتماعية، نفسية وفلسفية مهمة. إن تتبع تفاصيلها وتفكيك تعقيدات بنيتها كفيل باقتراح قراءات مختلفة لها.

نكتفي اليوم بالترف الذي يوفره لنا الضحك وننسى قليلا همّ الأكاديمي الذي يقتل النصوص أو يصم، عادة، آذانه عن أجمل الأغاريد.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات