الإثنين 15 أكتوبر 2012 م - 29 ذو القعدة 1433 هـ
رئيس مجلس الإدارة:
د/السيد البدوى شحاتة
أسسها عادل القاضي - عادل صبري
«نبيل» و«مينا».. ضحية الخطاب الأعمي
09 اكتوبر 2012
من مقالاته:
أحسن الرئيس محمد مرسي عندما كلف النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود بالإفراج عن الطفلين نبيل ناجي رزق «10 سنوات» ومينا نادي فرج «9 سنوات» اللذين احتجزتهما النيابة العامة في بني سويف الأسبوع الماضي بتهمة ازدراء الأديان وتدنيس أوراق تتضمن آيات من القرآن الكريم، وكانت النيابة قد أودعتهما دار رعاية الأحداث بعد تلقي شكوي من أهالي قرية عزبة ماركو في بني سويف.
من حيث المبدأ، يعد اتهام أطفال بازدراء الأديان جريمة، لأن الأطفال لم يبلغوا السن التي يدركون خلالها الصواب من الخطأ، خاصة في قضية الأديان، وهي قضية كبري لا تصل عقول الأطفال فيها إلي حد التمييز، لأنهم لم يصلوا إلي النضج الذي يمكنهم من معرفة خطر ما يفعلون. وفي هذا الجانب يحمي الإسلام الأطفال من العقوبة، وقد روي الإمام أحمد في مسنده أن النبي محمدا صلي الله عليه وسلم قال: «رفع القلم عن ثلاثة، عن النائم حتي يستيقظ، وعن الصبي حتي يبلغ، وعن المجنون حتي يعقل»، لذلك لا يؤاخذ الأطفال بما يفعلون، وإنما توكل إلي أسرهم مهمة التربية والتهذيب والتوعية بخطورة الفعل الذي أتوا به.
وإذا كان بعض المسلمين يخافون علي الإسلام وبعض المسيحيين يخافون علي المسيحية فإن خوفهم مبالغ فيه، ويسيء إلي الدين أكثر مما ينفع، لأنهم يدافعون عن الدين دفاعا شكليا، يظنون أن الهجوم علي معتقدات الآخرين والانتقاص منها هو عين الصواب، في حين أن الأديان السماوية تدعو إلي التسامح والإحسان إلي الآخرين في المعاملة، وربنا عز وجل لن يرضي بأن تسود العداوة بين الناس بسبب الدين الذي أنزله علي أنبيائه من السماء، وكلفهم بنزع الشرور من البشر ونشر المحبة الخالصة بينهم لكي يعبدوا الله بقلوب صافية، ولذا فإن العداوة سبيل إلي سخط الله عز وجل ولن يكون فيها رضاه أبداً.
إذن، نحن ضحايا تربية خاطئة تزرع في النفوس التقرب إلي الله – خطأ - بعداوة الآخرين، دون أن نفعل سوي ذلك، ولو نظرنا إلي الدين لوجدناه بحرا من التعاليم الداعية إلي الخير والمحذرة من الشر. ولكن بعض الخطباء والوعاظ في المساجد والكنائس والقنوات الفضائية الدينية يزرعون الشر في البشر، يبثون السم في عقولهم، وبدلا من أن يدعوهم إلي التعاون علي البر والتقوي، يأخذون قشور المعرفة ويفتشون عن حوادث قليلة متفرقة في التاريخ ويتركون القواعد الأساسية الداعية إلي المحبة، فينشرون الكراهية بين أبناء الوطن الواحد، ويشعلون الفتن الطائفية، وكثير منهم يبحث عن الشهرة علي حساب الدين، وتكون النتيجة نارا يكتوي بها الجميع.
ليس لمينا أو نبيل ذنب فيما فعلا، وإنما يعود الذنب إلي جو الكراهية الذي ينتقل من الكبار إلي الصغار، نتيجة أبواق لا تعرف سوي مصلحتها، ولا تقدر العواقب الناجمة عن أقوالها. ونحتاج من علماء الإسلام ورجال المسيحية أن يقفوا صفا واحدا في وجه مشعلي الحرائق، وأن ينتشروا بين الناس داعين إلي الخير والمحبة، لتعود مصر إلي صفائها، وأن يسعوا إلي بث الفهم الصحيح للدين، وأن يدعوا إلي نشر المبادئ العامة للأديان، وأن تقتصر المناقشات حول الأمور الجدلية المختلف عليها بين الأديان علي العلماء ورجال الدين فيما بينهم، لأنهم الأقدر علي فهم الإشكاليات، ولكن حين تنتقل هذه الأمور إلي العامة فإنها تتسبب في البلبلة ووقوع الفتن، وقي الله البلاد شرها وأعادنا إلي الصواب دائما.
iabdelmoaty@gmail.com
اقرأ المقال الأصلي علي بوابة الوفد الاليكترونية الوفد - «نبيل» و«مينا».. ضحية الخطاب الأعمي