في الوقت الذي تنتشر فيه الثورات في العالم العربي متسببة في سقوط نظامين، وتأرجح ثلاثة آخرين، تحاول الملكيات العربية النجاة بنفسها من آثار رياح الاحتجاجات العاتية التي أصبحت سيدة المشهد في الشرق الأوسط منذ عدة أشهر، من خلال تحالف ملكي يجمع دول الخليج الغنية بالنفط مع الأردن والمغرب.
وشكلت دعوة دول مجلس التعاون الخليجية لانضمام المملكتين المنهكتين اقتصاديا المغرب والأردن إلى التجمع النفطي الغني، انعكاسا لقلق داخلي يجتاح الملكيين من أن يلاقوا المصير ذاته بعد أن وضعتهم تجربة أحداث البحرين تحت الاختبار، حتى تم القضاء بعنف على تظاهرات حاشدة كادت أن تعصف بحكم آل خليفة الذي أمتد لأكثر من 300 عام.
وتدخلت قوات درع الجزيرة الخليجية في أول عمل عسكري مشترك منذ حرب الخليج الثانية في استعراض للقوة يهدف إلى تحديد الخطوط الحمراء لجميع اللاعبين في المنطقة ولتوجيه رسالة إلى ايران تحذرها من التدخل في شؤون الخليج، في الوقت الذي كانت فيه الأخيرة تصارع للنجاة بنفسها من التظاهرات والانقسامات السياسية في الداخل.
ورغم تلكؤ الكويت، وعزوف عمان، فإن دول الخليج ترى في انضمام الأردن والمغرب إلى حلف ملكي قوي، هو تدشين لعهد جديد في تاريخ التحالفات السياسية التي بدأت تتغير بعد انهيار نظامي بن علي ومبارك، وتأرجح ما تبقى تحت ضربات المتظاهرين، وإرهاصات ما بعد الثورات الناجحة.
وفي هذا التحالف رسالة إلى ايران وحلفاءها بأن نظرية الهلال الشيعي لم يعد من الممكن قبولها بأي حال من الأحوال، ولن يمكنها الصمود في وجه تحالف ملكي ضخم معزز بالمال والنفط والخبرات الاستخباراتية، التي يشتهر بها بلدان كالأردن والمغرب، سبق لهما العمل مع دول خليجية في مطاردة النفوذ الشيوعي في أفريقيا، وتقليم أظافر إيران في المنطقة.
ومعروف أن أنظمة الحكم في المغرب والأردن تتشابه مع الخليج وهذا ما منحهما أفضلية على اليمن التي تطرق باب المجلس منذ سنوات ولم يفتح لها إلا نصفه، وهدا النصف أيضاً أصبح محور أخد ورد بعد مراوغة صالح بالخليجين في مبادرتهم الأخيرة الهادفة إلى فرض الاستقرار في اليمن، وتعيين رئيس جديد.
ويقول وزير خارجية البحرين الشيخ خالد ال خليفة، احد أبرز المسؤولين الفاعلين في قبيلة "تويتر" الكونية، في احدى تغريداته، أن انضمام المغرب والأردن سيكون له آثار إيجابية على المنطقة بشكل عام.
وبينما تقارير صحافية أن هنالك خلافات خليجية حول هذا الانضمام فإن المطلعين يقولون أنها "تحفظات" وليست خلافات.
وفيما بدت الأردن متلهفة على هذه الدعوة الخليجية، كانت المغرب مترددة في القبول والرفض، مشيرة إلى تمسكها بالاتحاد المغاربي الذي تعتبره مستقبلها الحقيقي، وفي ذلك إحقاق للحق الجغرافي، نظراً لبعد المغرب، بينما تشترك الأردن في حدود شمالية مع السعودية، وروابط قبلية ذات امتدادات عميقة بين شمال السعودية وجنوب الأردن.
ويخشى المواطنون الخليجيون من أن يشكل المنضمون الجدد منافسا جديدا لهم مما قد يستبب في ارتفاع معدلات البطالة، المرتفعة أساساً، خصوصا في بلدان تكثر فيها نسبة الشبان، وتقل فيها نسبة الوظائف.
إلا أن محللين يقولون أن انضمامها سيكون جزئيا خلال المرحلة الأولى، ومن المستبعد الحصول على العضوية الكاملة في فترة قريبة.
ويقول المحلل السياسي المقيم في لندن مأمون فندي أن انضمام الأردن والمغرب إلى دول مجلس التعاون "خطوة متوقعة في ظل ثورات الربيع العربي وهي نتاج لها".
ويضيف فندي قائلاً:" متفائل بهذا التحالف لأن الأنظمة الملكية هي أفضل الموجود في العالم العربي".
وفيما توصف الثورات في مصر وتونس وسوريا وليبيا واليمن بأنها ثورات الربيع، توصف الملكيات العربية بأنها "ملكيات الشتاء" في إشارة إلى كونها تميل إلى الاستقرار والهدوء على النقيض من الربيع المشهور بسحره وحركته المثيرة.
يذكر أن مجلس التعاون تأسس العام 1981 من الدول الخليجية الست أي المملكة العربية السعودية ودولة الأمارات العربية المتحدة والكويت والبحرين وقطر وسلطنة عمان.
التعليقات (0)