"ليس امام الاطفال".. بعض ما قيل في صراحة ليبرمان
في مقالة رأي له في صحيفة يديعوت احرونوت 6.10.10 كتب المؤرخ الاسرائيلي والمحاضر في جامعة تل ابيب افيعاد كلاينبيرغ يقول :
في الاسبوع الماضي قامت الدنيا ولم تقعد بعد الضجة التي احدثها خطاب وزير الخارجية افيغدور ليبرمان في الامم المتحدة.. وطالعتنا الصحف بمقالات تعبر عن هول الصدمة التي أصابت كتابها ازاء هذا الخطاب.. وكأن الشكوك التي اثارها السيد ليبرمان ازاء امكانيات نجاح المفاوضات السلمية بين الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني هي العائق الوحيد امام تحقيق السلام الاقليمي.. وقد فاضت بعض المقالات بما يشبه الثورة الاخلاقية من مجرد التفكير بان وزير الخارجية ابدى رأيه صراحة على مسمع من جيراننا.. فلو اكتفى الوزير بالاعتقاد بان جولة المفاوضات هذه ستنتهي كسابقاتها دون ان تفضي الى شيء لكان هذا "ذنبا مغفورا"... لكن ان يتجاوز الوزير ذلك الى حد الافصاح عن هذا الامر علانية فهذه تعتبر من الكبائر..؟!
يذكرني هذا الامر بوالدتي حين كانت تتوسل الى والدي قائلة (بصوت خافت طبعا): أرجوك يا شبتاي.. ليس امام الاطفال.. لا تدع الاولاد يسمعوننا.... هذا بالضبط هو دور الساسة الاسرائيليين على الدوام: يتحدثون الينا بصوتين .. بخطاب مزدوج.. تماما كما نتهم دائما نظراءهم الفلسطينيين..
علينا ان نقر اولا بان كبار السن منا ليسوا من الذين يتوقون الى السلام.. واما المفاوضات فتهدف في الغالب الى التخفيف من حدة الضغوطات التي تمارسها علينا شعوب العالم.. او لنقل تحسين موقفنا في الولايات المتحدة على وجه التحديد دون او نتوصل الى حل للنزاع.. هذا هو "السر الدفين" الذي طالما حرصنا على إبقاءه بعيدا عن مسامع العالم.. فلدينا ما يكفي من التصريحات الجوفاء والوعود الرنانة والحوافز الشكلية لنصم بها آذان العالم.. قبل ان نعبر بشكل مفتعل عن اسفنا لعدم وجود شريك للسلام..؟! ثم تهدأ البلاد اربعين عاما! بمعنى اننا ننعم ببعض الهدوء الى حين نشوب حرب جديدة.. هذه الحرب التي باتت تداهمنا كل سنة ونصف على الاكثر..
اما ليبرمان فلم يخبر النفاق.. فتراه يتحدث بنفس اللغة وذات الخطاب على الصعيدين الداخلي والخارجي.. وهذه ميزة تحسب له لا عليه.. هو ابعد ما يكون عن النفاق والمراءاة.. ويبقى في هذه الحالة ان نتدبر فحوى اقواله.. فلو قال لك احدهم بانه مصاب بالبيرومانيا (هوس اشعال الحرائق) فانه قد يكون صريحا في هذه الحالة لكنه حتما ليس بالرجل المناسب لتولي مهمة قائد وحدة الاطفائية في بلدك.. هذا ما قام به تحديدا رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو عندما بحث عن رجل صريح لتولي منصب وزير الخارجية..
فنتنياهو كما هو دائما مصالحه السياسية وهواجسه الايديولوجية تسمو دائما فوق المصالح القومية.. فلو اراد حقا الوصول الى اتفاق تاريخي مع العرب لما تحالف مع احزاب مثل "اسرائيل بيتنا" و "البيت اليهودي" و "شاس".. اما اذا كان قد قام بذلك لحاجة في نفس يعقوب وكجزء من مسرحية محبوكة الخيوط فقد تم له ذلك.. كيف لا وقد فعلها جدنا يعقوب مع اخيه عيسو من قبل...!؟
لقد بات من غير الممكن التوصل الى اتفاق سلام مع الجانب الفلسطيني واخلاء المستوطنات.. فعندما يصبح الامر جديا حينذاك ستكون ثمة حاجة لاعادة رسم الخريطة السياسية في اسرائيل.. اما في المرحلة الراهنة فليست ثمة اشارة بان نتنياهو مقدم على شيء كهذا وبالتالي فهو غير جاد في التوصل الى حل حقيقي للنزاع.. فالثمن الذي ستدفعه اسرائيل في سبيل التوصل الى حل نهائي هو ثمن واضح وجلي لا لبس فيه.. ونتنياهو من جهته غير مستعد لدفع ثمن كهذا.. اما ليبرمان فيقول ذلك صراحة.. فيما يتحدث سواه بعبارات مبهمة..
التعليقات (0)