طالعتنا صحافة اليوم تأكيدات مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط جيفري فيلتمان أمام لجنة فرعية للخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي أن "كل القادة العرب تقريبا يقولون إن نظام الأسد ينبغي أن ينتهي، وإن التغيير في سوريا حتمي"، مشيراً إلى أن "عددا من القادة العرب بدأوا باقتراح اللجوء على الأسد لدفعه إلى التخلي عن السلطة بهدوء وبسرعة".
وبغض النظر عن المضمون الذي احتواه تعليق هذا الرجل "تحديداً"، هل القادة العرب يشعرون بالخجل من التعليق المباشر على أنهم اقترحوا على الأسد فكرة اللجوء؟، أم لا يوجد طرف عربي مثلاً لينقل هذه الرسالة إلى العالم؟، أم أن البروتوكولات لا تسمح بإطلاق هذا المخبأ من معلومة تفيد أنهم هاتفوا الأسد وطلبوا منه ما طلبوا؟.
الولايات المتحدة وعبر خارجيتها أطلقت الكثير من التعليقات حول "الربيع العربي" وتصدي الشعوب العربية لقياداتها "الدكتاتورية"، بل وفي الكثير من اللقاءات والمؤتمرات الدولية والتي نظمت للعصف الذهني وقراءة سيناريوهات المرحلة المقبلة لمنطقة الشرق الأوسط اتجه الأمريكيون والأوروبيون معاً إلى ضرورة تعزيز القدرات السياسية لدى الحكام والأنظمة العربية "بشكل عام"، ذلك للانتهاكات التي مارستها وتمارسها تلك الأنظمة على شعوبها، فيما تدعم كبرى الشركات العبر ـ قارية هذا التوجه الغربي بهدف تأسيس نمط استهلاكي جديد إلى جانب تقريب الحدود الجغرافية والتي من شأنها تخفيض كلف النقل خاصة البحري إلى ما يزيد عن 60%.
من الواضح أن التدخل الغربي خاصة الأمريكي بات يلعب دوراً أساسياً، ولولاه لاختلف الحال على ما هو عليه الآن، ونحن في هذا المقال لسنا بصدد الحديث عن تأييد أو معارضة هذا النظام أو ذاك، ولكن أن ينقل فيلتمان للكونجرس الأمريكي رغبة العرب وحلولهم بشأن نظام عربي آخر، هنا تكمن القضية.
فغالبية الأنظمة العربية إن لم يكن كلها تمارس الدكتاتورية وتحتكر الرأي وتقضي على التعبير، وأما الفساد فهو مستشر هنا وهناك، وليس نظام الأسد أقل أو أفضل بحال.
الفساد وكبت الحريات والاعتقال السياسي وغيره من أشكال القهر موجود في كل الدول العربية، وقبل الأسد طلب من زين العابدين بن علي ومن حسني مبارك ومن القذافي التنازل عن الحكم وإنهاء الأزمة، فيا ترى هل سيطلب من أحد القادة الذين وشوشوا لفيلتمان رغبتهم في إنهاء حكم الأسد "اللجوء" فيما لو تعرض ما تعرض له سابقوه؟، أم أن هؤلاء القادة ليس لديهم الخشية في أن يواجهوا بنفس المصير؟.
وليست المرة الأولى التي يتعاون بها القادة العرب مع الخارجية الأمريكية، فالتاريخ يشهد على الكثير من الحالات وقد يكون أبرزها الحرب على العراق، ومن بينها إنهاء ملف القضية الفلسطينية التي أرهقت العديد من الأنظمة.
في القضية الفلسطينية الشارع العربي من محيطه إلى خليجه كان مشغولاً كل الانشغال بمصير الشعب الفلسطيني وثوراته البطولية لاقتلاع الاحتلال الإسرائيلي، بل في كل نشرة أخبار تصدر عن التلفزيونات العربية الرسمية لا بد وأن تسمع بالصراع العربي الإسرائيلي وانتهاكات جيش العدو تجاه الفلسطينيين، وكل العالم ظل على انشغال فترة الحرب على غزة 2008، أما بعيد "اقتتال الأخوة" في غزة والذي لم تبرأ المشاريع الصهيو ـ أمريكية منه، شعر الشارع العربي بالفراغ الوطني والسياسي، ليلتفت إلى ما عنده من قضايا ظل يتناساها معلقاً آماله على شماعة القضية في صالون كل قائد عربي.
كل الحروب الغربية على العرب أعلنت من دول عربية، وها هي رسائل ويكيليكس تفضح الكثير من اتهامات العرب تجاه بعضهم لتفيض المسألة عن حجمها وتتضخم، ولا صوت يبقى ينادي الآن بالقومية العربية أو الوحدة العربية، لتفتح آفاقاً جديدة لا ندري إلى أين ستؤول في النهاية ونحن نعين الخارجية الأمريكية متحدثاً رسمياً باسمنا.
m.gnaim@gmail.com
التعليقات (0)