نساء الخليج متهمات
بدر بن سعود
لا أحب الاستماع إلى الأغاني بأية لغة إلا مضطرا أو من باب الفضول، وهذا لا يعني أبدا أن لي موقفا منها لا سمح الله، ولكنها رغبة شخصية تمت بقناعة تامة ودون ضغط من أحد، وربما وجدت بعض الراحة أحيانا في الاستماع إلى الموسيقى الكلاسيكية منزوعة الصوت أو أم كلثوم، وهذا اعتراف صريح و يمكن استخدامه كدليل إدانة، حتى لا يزعل من أعرف أو يتعكر مزاج الزميل سلطان القحطاني، مدير تحرير «إيلاف» الالكترونية، والقحطاني بالمناسبة دخل أخيرا إلى قبيلة المعترفين في عالم الصحافة وصار «عقيدا» أو «زعيما» لهم.
الكلام عن الأغاني يطول وجمهورها كبير في السعودية، ولا ينافسه أو يقترب منه إلا الجمهور الرياضي، والمحطات التلفزيونية المهتمة بها، عربيا، تتوالد باستمرار ولا تقبل المقارنة بغيرها، وأقول لمن يعترض على محتوى المواد الموسيقية في الفضاء العربي، بأن حالة الإسفاف والفضائحية فيها، ليست مؤمراة مدبرة لتغريب المجتمع أو تشريقه، أو تحويل قرون استشعاره لما يشاهد من عقله إلى أعضائه، أو الانتقال به من التفكير في هموم الأمة إلى التفكير في هموم القمم الرياضية والمشاهير كـ «نانسي عجرم» و «هيفاء وهبي» وبقية الشلة، والسبب هو أن المشاهد يطلبها ويستمتع بها، وربما على انفراد وبدون علم العائلة الكريمة، إذا كانت القضية تستحق والأمر «جلل»، ومالك المحطة أو ممولها مثل «البقال» أو «التاجر» لا يراهن إلا على الحصان الرابح، وكل ما ينطبق عليه وصف الترفيه والتسلية وإشباع الجوع النفسي أو الجسدي لا يخسر إلا نادرا، بدءا بـ «الشعر» وانتهاء بلعبة «نينتندو دي إس» و مطاعم الوجبات السريعة.
ثم لماذا لا ننظر إلى الجانب المشرق في الموضوع، فقد قالت غريس كوبرين (2005) في معرض دفاعها عن أغاني «الراب» الأمريكية، التي تشرعن الإجرام و سلوك المجرمين، بأن 68 في المئة منها تدور حول فكرة «الاحترام»، بل واعتبرها دولف زيلمان (1995) وسيلة من وسائل مقاومة الاضطهاد، و طريقة للاحتجاج «الحضاري» على ثقافة البيض المتحكمة في صياغة أولويات المجتمع الأمريكي، و «الراب» في الـولايات المتحدة مدرسة غنائية ولدت في سنة 1981، وأقرب تشبيه لها أنها «سالفـة» مدوزنة موسيقيا، ويسيطـر عليها، نسبيا، الرجال الأمريكيون من أصل أفريقي، وقد اتهمت نسختها المتلفزة بتشجيع قيم الاستهلاك في العلاقات الإنسانية، ووضع المرأة في خانة الديكور أو الاكسسوار المكمل، أو التعامل معها بوصفها أقل درجة من الرجل والتحامل ضدها، وغالبا ما يظهر «الرابرز» وهم يركبون أفخم السيارات ويرتدون أفخر الأزياء وحولهم نساء في أوضاع مخجلة ومهينة للمرأة، ومن أمثلة التبعية والجاهزية النسائية للسرير «ناستي غيرل ــ 2005» للرابر فرانك روس المعروف باسم «نيتي»
و «كاندي شوب ــ 2005» لزميله كيرتس جاكسون الثالث أو «فيفتي سنت» والأصعب أن النساء شاركن في هذه الجريمة ووضعن أنفسهن في مواقف خاضعة ومستسلمة ومن هؤلاء الرابر «ليل كيم» وعينة الأخيرة منتشرة جدا في «شاشات» هز الوسط والأطراف العربية..
من يبحث حاليا عن أغنية مثقفة أو تحمل هاجسا أو قضية أو فيها شيء من الأدب، كمن يبحث عن سعودي بملابس شفافة في «القطب المتجمد»، وآمل كرما حفظ الحقوق الفكرية للعبارة السابقة. وقرأت بأن أغنيات «الراب» تفضل «الأفريقية الهجين» أو السمراء بملامح أوروبية، أو من تعود أصولها إلى مخرجات الرق والاغتصابات وحمل السفاح في أمريكا القديمة، وساهمت النقطة المذكورة في نجاح الرابر «اليشا كيز» وفشل أو ضعف شعبية أخرى من نفس الجيل وأقصد «إندي اري» الأفريقية الخالصة، ولون البشرة في أمريكا يلعب دورا حاسما في تحسين فرص الحصول على تعليم جيد أو وظيفة مرموقة و دخل مرتفع، والمعنى أنه كلما اقترب الشخص، أيا كان جنسه، من «البياض» كلما زادت الأبواب المفتوحة أمامه، والإثبات من عندي «باراك أوباما» وعلى ذمة ترافيس ديكسون وكيث مادوكس (2005) توجد مواصفات عالمية مشتركة لجمال المرأة يمكن اختصارها في الملامح الأوروبية والبشرة البيضاء والشعر الأشقر والعيون الزرق والجسم الرشيق أو «الرويان»، ولعل ماذكر يفسر معاناة العوائل الخليجية مع مغنيات الفيديو كليب، وهن في الغالب بيض وممشوقات وزرقاوات، وبدأت أشك في أن الخليجيات محل اشتباه قد يصل إلى حد الاتهام بالتورط والتحريض المباشر في حملة الاعتراض على محتوى الغنائيات العربية، وأن رجال الخليج مجرد أدوات لا حول لهم ولا قوة في تبرير الرفض أو حمل لوائه طلبا للسلامة أو درءا للشبهة..!.
http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20100222/Con20100222334512.htm
التعليقات (0)