مواضيع اليوم

"رجم ثريا"

هاشم هاشم

2010-06-11 18:40:44

0




اليوم .. و على غير العاده .. لم استطع ان امنع نفسي عن الكتابه فانا منذ شهور عديده .. لا استطيع ان احرك قلمي لاخط كلمة واحده حاولت مرارا و تكرارا أن ادفع نفسي الى الكتابه مرغما في موضوعات عدة .. هزت في اشياء كثيره

لكني لم انجح في كتابة شيء ذو قيمة .. فكانت سلة مهملاتي تاكل ما اجاهد نفسي رغما عن نفسي فعله

لكن اليوم حدث شيء مختلف تماما

ساعتين من الزمن .. لا اكثر و لا اقل

اجبراني على القيام فورا الى أورقي و اقلامي

لأخط هذه الكلمات المفعمه .. بالرغبة في الصراخ !!؟

 

كان فيلما سينمائيا لا اكثر و لا اقل

لم اعرف و انا اجهز نفسي لمشاهدته .. لمجرد قتل الوقت الذي يقبع فوق صدري كسحابة من دخان كثيف .. انني على وشك مشاهدة تجربة حياة حقيقية

ربما تحدث حولي و انا لا اعرف على الاطلاق

تجربة من اللا انسانيه المفرطه .. و الظلم المفرط .. والظلام و الجهل المفرط
تكاد تدفعك دفعا الى التحرك من مكانك لتفعل اي شيء لمحاربة كل ما يتعلق بها ليس فقط بالكلمات .. بل بالفعل و العمل و الحركة رغما عنك .. حتى وان كنت
من نوعيات البشر اللامكترثه .. والتي يزداد اتباعها يوما بعد يوم

 

الفيلم هو .

The Stoning of Soraya M.

او "رجم ثريا" بالعربيه

من انتاج عام 2008

باللغه الفارسيه و الانجليزيه

وهو فيلم امريكي الانتاج .. ايراني التمثيل و الاخراج و القصه بالطبع تم تصويره باكمله في احدى قرى المغرب الريفيه

التي تقترب في طبيعتها الجبليه من طبيعة القرى الايرانيه

و لا اكاد اشك للحظة ان اقتراب الفكر في كلا المجتمعان .. بل و كل المجتمعات الشرقيه التي تجاورها

هو حقيقة لا جدال فيها .. مع اختلاف الطرائق و المسميات .. لا اكثر و لا اقل .الفيلم ماخوذ عن قصة حقيقية

لصحفي فرنسي الجنسيه .. ايراني الاصل

كان يجول بسيارته احد الطرق الجبلية في طريقه للحدود البريه لايران مع افغانستان

لاتمام مهمة صحفيه حول الحرب هناك

و لعبت الصدفه دورها فيما جعله يغير مسار رحلته كاملا .. بل و مسار حياته نفسها حيث تعطلت سيارته على الطريق .. فلجا الى قرية ريفيه لاصلاحها وهناك استمع الى قصة "ثريا" من خالتها العجوز و هي فتاة تم رجمها في اليوم السابق لزيارة الصحفي الى القريه

نتيجة لفساد اهل المال و السلطه و الدين في القريه

حيث تحالفوا جميعا لقتل الفتاة رجما بتهمة الزنا ظلما

بعد ان رفضت الطلاق من زوجها الذي يبحث عن زيجة جديده

و لا يرغب في تحمل نفقات الطلاق
القصه في مجملها واقعية لا تستغربها كمواطن شرقي .. يعيش في مجتمع ذكوري و يعرف ما فيه من مهازل كل يوم و ليله ضد المرأه و خاصة في الاماكن البعيده عن التمدن و التحضر حيث مازال المجتمع هناك يعيش على تقاليده الذاتيه التي ورثها عن ايائه و اجداده كما هي دون تغيير او فكر .. حتى و ان خالفت معتقداته الدينيه و الشخصيه .. بل و
اقول الانسانيه لكنها بالنسبه للمجتعات الغربيه .. التي لا تعرف شيء عما نعيش نحن هنا فيه صادمة لاقصى درجة
لدرجة ان الفيلم قد تم تصنيفه من ضمن الافلام التي لا ينصح بمشاهدتها لاقل من 18 عاما لمدى الاهانات و الظلم و العنف فيه دون ان يجوي مشهدا واحدا خارجا
او غريبا عنا هنا في الشرق للاسف !!؟
عندما تشاهد الفيلم في البدايه .. تحس انك تقرتب كثيرا من فيلم البوسطجي .. او الزوجة الثانيه

في تمثيل المجتمع الريفي الشرقي و ما يحدث فيه من امور الزواج و الطلاق و الرغبة لكن .. بعد قليل من الوقت

يغوض بك الفيلم دراميا في دنيا اخرى لا تعرف عنها شيئا .. كساكن للمدينة من هواة مشاهدة السينما .. و اكل الفشار و شرب المثلجات دنيا من ظلم مستحيل على اي انسان طبيعي تحمله ظلام .. مستحيل على اي انسان طيبعي تجاهله تزاوج قميء للمصالح بين السلطه و المال و الدين
للوصول الى اغراض دنيئه .. دون ادنى احساس باي ذنب

لقطات مؤثرة في الفيلم

تشاهد فيها اهانات لا تحتمل للزوجة "ثريا" و لزوجات القريه

و مكائد تدبر في الظلام للوصول الى الهدف

اتهامات .. و شائعات و خوف من افراد مجتمع يعرفون الحقيقه لكنهم تعودوا على دفن الرؤوس في الرمال بعدا عنها

رجال دين .. يعلمون اين يكمن النور و الحكمة من الشرائع

و يرسلون الناس بتدليسهم الى الظلام

جهل .. مدقع

يجعل من يملك قوة الحق .. ضعيفا غير قادر على التعبير عنه .. او حتى مواجهة الظلم

و تنتهي القصه برجم الفتاة

في اكثر لحظات الفيلم تاثيرا على اي مشاهد في الدنيا الواسعه مع قطرات الدماء التي تسيل منها .. و نظرات عيناها التي تمتلأ رفضا للظلم و تحديا لمجتمع يعرف انها مظلومة و يرجمها مساندة لذكر اخر .. ينتمي
لذكوريتهم المسيطرة و موت وسط الاحجار و الدماء
و رفض حتى لدفن الجثة لتترك في العراء .. مأكلا للكلاب

بينما كانت اخر كلمات خالتها العجوز لها قبل ان ترجم عندما طلبت منها وعدا بايضاح الحقيقه لابنائها .. انها ستبلغ الدنيا بقصتها و لن تتوقف حتى يعرف
العالم اجمع ما حدث لها من ظلم
الفيلم في مجمله .. ملحمة درامية مؤثره

تغير حياة من يشاهدها .. و تدفعه للتساؤل

هل هكذا خلق الانسان ليعيش ؟؟

هل هكذا يتعامل المجتمع مع الظلم الواقع على افراده ؟؟

هل هكذا تصل السلبية الاجتماعيه في الفعل امام الظلم البين .. لتنقلب الى
مشاركة جماعية من مجتمع كامل في الظلم ذاته بدلا عن محاربته نتيجة الخوف او حتى الجهل!!؟
اسئلة كثيره يطرحها العمل السينمائي الذي حصل بالفعل على العديد من الجوائز العالميه و لا يعطي لها اجابه
بل يتركها كصرخة في نفس كل مشاهد يزرع بذرة الرفض .. و يترك كيفية المواجهه لكلٍ حسب مقدرته الشخصيه
سواء كانت بكلمة .. او دموع .. او تعاطف .. او احتجاج .. او حتى ثورة النقطة السلبيه الوحيده لي شخصيا امام هذا العمل الرائع انه مزج الدين الاسلامي ذاته في الظلم

بسبب تشريع الرجم لكنه لم يوضح على الاطلاق ان احكام الرجم تختلف اختلافا جذريا في الاسلام عما ذكر في الفيلم
بل حتى في اسلوب التطبيق ناهيك عن ان القضية تجري في مجتمع شيعي يملك افكارا و شرائع تختلف في احكامها كثيرا عما يؤمن به اغلبية المسلمين
لان الدين نفسه - اي دين - سواء كان اسلاما او مسيحيه او يهوديه .. لم يفت المجال ابدا لتعرض اي انسان للظلم تحت ردائه حتى و ان اساء من يطبقه .. و يدعي انه رجل من رجاله

 

الفيلم في خلاصته رائع

و اتمنى من الجميع مشاهدته لانه يطرح العديد من القضايا التي لابد من ان تبحث و لا يجب تركها للزمن .. ليقوم هو بما عجزنا عن تغييره في مجتمعاتنا
الشرقيه من جهل و تخلف و ظلام
الفيلم "رجم ثريا" من اكثر الافلام التي شاهدنها خلال الاعوام العشرة الماضية تأثيرا في نفسي .. قصة حقيقية جسدت الظلم و الظلام و الجهل في
ادغال حقيقية من مجتمعات بدائيه تهيم في ضلالها في قرى ايران الريفيه .. حيث تصبح المرأة مجرد قطعة من مكونات الطبيعه .. يتم القاء لحمها للكلاب
للنهش فيه .. بينما تختفي العدالة .. ...و ينظر الجميع الى السماء استغاثة .. دون مجيب !!؟

 

و ختاما

اقتبس كلمة شهيره للامام محمد عبده مسجلا احترامه للسلوك والأخلاق هناك في المجتمعات الاوروبيه المتحضرة حيث قال:

«رأيت هناك مسلمين بلا إسلام، ورأيت هنا إسلاما بلا مسلمين»

 

 

..............................

 

 

شادي المحمودي

ربيع 2010

 

 

رابط لتحميل الفيلم "مترجم" لمن يرغب بمشاهدته هنا




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات