بقلم:محمد أبو علان:
بثت القناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي مساء الخميس أغنية للمطرب الإسرائيلي "شلومو شبان" عنوانها "درزية في بيتي" تقول كلمات الأغنية " ذهبت وزوجتي في رحلة إلى الجليل، التقينا هناك بفتاة درزية، اصطحبناها معنا للبيت، الفتاة تنظف لنا الدرج والممرات والصالون، تنظف فوط طفلنا الصغير".
الأغنية أثارت موجه من الاستياء في الوسط الدرزي، واعتبروها أغنية تعبر عن عنصرية وإهانة للطائفة الدرزية التي تعتقد بعض قيادتها السياسية أنها قدمت الكثير من أجل دولة الاحتلال الإسرائيلي، عضو الكنيست الدرزي عن حزب الليكود "أيوب قرّة" أعرب عن إدانته ورفضه لمثل هذه الأغنية، وقال في هذا السياق " كنت أتوقع أن يغني الفنان شلومو شبان للجنود والجنرالات الدروز الذين خدموا في الجيش الإسرائيلي، والفتيات الدرزيات موجودات اليوم في الجامعات، وذات ثقافة وتعليم عالي، وجزء منهن يشغلن مناصب رفيعة".
وفي نفس النشرة الإخبارية التي بثت فيها القناة العاشرة موضوع الأغنية بثت كذلك خبر مقتل الجندي الدرزي "إيهاب الخطيب" من قرية لمغار والذي قتل على يد نقيب في الشرطة الفلسطينية على الحاجز الذي يقمه جيش الاحتلال الإسرائيلي على مفترق زعتره شمال مدينة نابلس، مما يشير لعدم احترام حتى من اختاروا ربط مصيرهم بمصير الاحتلال من الطائفة الدرزية لا من المجتمع الإسرائيلي ولا حتى من وسائل إعلامه.
الفن الإسرائيلي وسيلة من والوسائل التي يعبر فيها المجتمع الإسرائيلي عن العنصرية المتجذره في عقليته وثقافته ضد كل ما هو غير يهودي في العالم أجمع وليس في حدود دولة الاحتلال الإسرائيلي فقط، وهذه العنصرية ليست مفاجئة لكل مراقب للوضع داخل دولة الاحتلال الإسرائيلي، فمجتمع يمارس العنصرية ضد أبنائه لا يمكن أن يكون غير ذلك تجاه الآخرين، إلا أن هذه العنصرية الإسرائيلية قد تثير الاستغراب لدى من يحاولون عبثاً دمج أنفسهم في المجتمع الإسرائيلي.
اللافت للنظر أن تتحدث قيادات سياسية من الوسط الدرزي في دولة الاحتلال الإسرائيلي أمثال عضو الكنيست "أيوب قرة" باستغراب عن مثل هذه المواقف العنصرية تجاه الطائفة الدرزية في إسرائيل وكأنها تحصل لأول مرّة. "إيال جباي" مدير عام مكتب رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي وصف الدروز قائلاً "أن الدروز صاروا كلمة مثيرة للهلع يقولون في الوزارات، ويحملون السلاح ويخشى التعامل معهم".
ولكي ندرك حجم العنصرية الإسرائيلية تجاه الطائفة الدرزية بشكل أوسع نعود لنُذكر بأحداث قرية البقيعة" الدرزية في تشرين ثاني 2007 والتي اقتحمتها الشرطة الإسرائيلية وعاثت فيها دماراً ومارست إهانات ضد مواطنيها الدروز، واعتدت على حرمات المنازل والأماكن المقدسة للدروز فيها ليس لسبب إلا لكون سكان القرية احتجوا على تركيب هوائي لشركة اتصالات خلوية يترك أثار صحية سلبية على القاطنين في المنطقة.
قسم من الطائفة الدرزية ربط مصيره بمصير دولة الاحتلال عبر مشاركتهم السياسية من خلال أحزاب اليمين الإسرائيلي، ومن خلال خدمتهم في جيشها، وتميز كل هؤلاء بفاشية لا تقل عن فاشية الساسة الإسرائيليين، وجنود جيش الاحتلال الإسرائيلي من اليهود في ممارساتهم حتى ضد أبناء طائفتهم، وضد الفلسطينيين في المناطق المحتلة عام 1948 من خلال خدمتهم فيما يعرف بحرس الحدود، وفي بقية الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، ومثل هؤلاء عليهم الشعور بالخجل من أنفسهم أمام العنصرية التي تمارس ضدهم على الرغم من كل ما يقدمونه لخدمة الاحتلال ومؤسساته الأمنية والسياسية على حساب وطنهم وطائفتهم.
وفي الوقت الذي ترفض فيه بعض القيادات الدرزية العنصرية ضد طائفتهم يسمحون لأنفسهم بالانضمام لأكثر الأحزاب الإسرائيلية عنصرية ضد كل ما هو غير يهودي، وهنا نعود ونستذكر عضو الكنيست "أيوب قرة" الذي رافق "أرئيل شارون" في زيارته للمسجد الأقصى والتي كانت الشرارة التي أشعلت انتفاضة الأقصى في أيلول 2000، وهناك عضو الكنيست الدرزي" حمد عمار" الذي اختار أن يكون عضو كنيست عن حزب "إسرائيل بيتنا" أكثر الأحزاب الإسرائيلية يمنية وتطرف إن جاز لنا التفريق في مستوى عنصرية الأحزاب الإسرائيلية.
وعلى الرغم من هذه الصورة القاتمة التي تقدمها شخصيات درزية أمثال "أيوب قرة" و "حمد عمار" وجنود حرس الحدود عن الطائفة الدرزية إلا أنه لا زال في هذه الطائفة من يتنفس هواء الجليل الفلسطيني، وملتزم بهويته الوطنية الفلسطينية أمثال عضو الكنيست "سعيد نفاع" عن قائمة التجمع الوطني، والكاتب والأديب الكبير "سلمان الناطور"، وهناك أيضاً لجنة المبادرة الدرزية التي تسعى للحفاظ على الهوية الوطنية للطائفة، وترفض خدمة أبنائها في أجهزة الأمن الإسرائيلية التي تريد من الدروز أن يكونوا يهود في الواجبات، وعرب في الحقوق".
ومقابل الجنود الدروز أمثال "إيهاب الخطيب" الذين ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا أدوات بيد أجهزة الأمن الإسرائيلية هناك شبان دروز وطنيين قادوا حركات ضد تجنيد الدروز في جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي فرض عليهم في العام 1956، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر الشاب الدرزي ابن قرية بيت جن إحسان مراد الذي أعلن انطلاق الحركة من أمام سجن "هداريم" الذي كان يقبع فيه عميد الأسرى اللبنانيين سابقاً سمير القنطار.
moh-abuallan@hotmail.com
التعليقات (0)