"ديسيرتيك" مشـروع أوروبـي لسرقـة شمـس دول المغـرب العربـي
عبـد الفتـاح الفاتحـي
في مقالة نشرتها وكالة الأنباء "انتر بريس سيرفس" أخيرا أفادت أن مجموعة من 20 شركة ومؤسسة مالية ألمانية وضعت خطة لتوليد الطاقة الكهربائية من محطات حرارية تقام بدول المغرب العربي، على أن يتم نقل مستخلص الطاقة إلى دول الاتحاد الأوربي عبر خطوط (كابلات) عالية الكفاءة تمر في البحر لتلبية حوالي من 15 في المائة من حاجياتها من الكهرباء عام 2020 .
وأورد التقرير بناء على تصريح مسؤول بمركز الفضاء الألماني المشارك في دراسة الخطة، أن هذه الخطة تم وضعها بناء على ضوء دراسات أجراها "نادي روما" المكون من شخصيات، ومركز الفضاء الألماني التابع للدولة. وأضاف أن الخطة سيتم تفعيلها بناء على اتفاقية شراكة وتعاون مع البلدان المعنية، ونفى "فرانز ترييب" من مركز الفضاء الألماني، القول أن الأمر يتعلق باستعمار طاقي جديد لدول المغرب العربي، مؤكدا أن المشروع سيفيد دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط، ويدعم مساعي تلبية احتياجاتها المتنامية من الطاقة من خلال مصادرها الذاتية المتجددة.
وعن جدوى المشروع أوضح بيرند شويسلير صحفي بجريدة الطاقة "فوتون" أن "جميع الخبراء تقريبا يتفقون على أن أسعار الكهرباء سوف ترتفع في السنوات القادمة" فيما توقع خبراء ألمان ألا تتجاوز تكلفة الكهرباء المولدة بالطاقة الشمسية في دول شمال أفريقيا 0,06 يورو للكيلووات/ساعة، فيما يكلف إنتاجها من مصادر أخرى حاليا ما بين 0,025 و 0,05 يورو لنفس الوحدة.
وعن حجم الطاقة المولدة عبر هذا المشروع أشارت دراسة قام بها "نادي روما" ومركز الفضاء الألماني إلى أن استثمار 400 مليار يورو في مشروع "ديسيرتيك" قادر على إنتاج 100 ميغاوات بحلول سنة 2050، وللمقارنة، فإن تكلفة محطة "أولكيوتو 3" النووية التي يجري بناؤها في فنلندا حاليا التي تصل إلى 5 مليارات يورو لإنتاج 1,6 ميغاوات، علما بأن هذه الكلفة لا تشمل نفقات إدارة النفايات المشعة أو معالجة الصعوبات التقنية في المحطة.
وتشمل كلفة محطات توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في المغرب العربي، مد خطوط (كابلات) عالية الكفاءة لنقل الكهرباء تصل دول المغرب العربي بأوربا عبر البحر الأبيض المتوسط، وتقتصر كلفة مد هذه الخطوط لمسافة 500 إلى 600 كيلومترا، دون أن تبث إشعاعات إلكترومغنيطية.
ويخلف المشروع حاليا بألمانيا وأوربا ردود أفعال متباينة، ففي الوقت الذي لقي فيه ترحيبا واسعا من قبل خبراء ومحبي البيئة، حيث صرح أندريه بوهلينغ من منظمة "غرين بييس" أن "هذا المشروع واحد من أذكي الردود التي يمكن تقديمها للمشاكل البيئية والاقتصادية العالمية، مضيفا أنه "يبدو أن جانبا هاما من قطاع الأعمال الألماني قد أدرك أن الوقت قد حان لاستخدام مصادر متجددة للطاقة وللقول: وداعا للوقود الحفري ولمفاعلات الطاقة النووية".
غير أن آخرون اعترضوا عليه بدعوى ارتفاع كلفته، وفي هذا السياق وصف "هيرمان شيير" النائب الألماني في البرلمان الأوروبي، ورئيس المجلس العالمي للطاقة المتجددة، بأنه "مولد كهرباء ضخم آخر"، وشدد علي ضرورة التركيز في المقابل على دعم محطات طاقة شمسية وريحية أصغر حجما، باعتبارها أكثر فعالية بل ونفعا من ناحية المردودية الاقتصادية. موضحا أن محطات الطاقة الشمسية الصغيرة المنتشرة حاليا في ألمانيا قادرة على التنافس مع محطات طاقة شمسية في الصحراء.
ومن جهته اعتبر لارس جوسيفسون، رئيس مجلة إدارة شركة "فاتينفول" أن المشروع باهظ التكلفة، قائلا: "إن تكلفة نقل الكهرباء من المغرب العربي إلى أوروبا ستكون مرتفعة للغاية".
ويساهم في عمليات التهيؤ والهيكلة مصرف "دويتش بانك" الأكبر في ألمانيا وشركة الالكترونيات العملاقة بألمانيا "زيمنز"، وشركة التأمين "موينخينير رويك"، و"إي أون" و"آر دبليو إي" إحدى كبريات الشركات للطاقة الكهربائية في ألمانيا.
وفي سياق متصل صرح تورستين جيوريك، مدير شركة التأمينات "موينخينير رويك" لوكالة انتر بريس سيرفس قائلا: "نريد إطلاق مشروع اقتصادي مشترك ووضع خطط محددة لمشروع "ديسيرتيك" في العامين أو ثلاثة أعوام المقبلة".
وأعلن بيتير لويشخر، رئيس مجلس إدارة شركة الالكترونيات "زيمنز" في مؤتمر صحفي في ميونخ، أن شركته "ستشارك بصورة مكثفة" في مشروع "ديسيرتيك"، وأن "الطاقة الشمسية النظيفة هي مستقبل زيمنز"، وأن "شركتنا بل والاقتصاد برمته سوف تكون أكثر خضرة بعد الأزمة" الاقتصادية الحالية.
وتخطط مجموعة من الشركات الألمانية بناء على دراسات واستثمارات جديدة تصل إلى نحو 400 مليار يورو أي ما يعادل (560 مليار دولار أمريكي) اليوم لإقامة المنشئات وتهيئ شبكة الكهرباء الأوروبية، وتأهيلها لاستقبال الطاقة الكهربائية عبر البحر الأبيض المتوسط.
التعليقات (0)