حملة لـ"إنقاذ" اللغة العربية في لبنان
هشام شاويش
بي بي سي- بيروت
عندما تطرح رندة مخول مدرسة الفن في بيروت على تلاميذها سؤالا بالعربية، غالباً ما تلقى إجابات بالانكليزية.
وقالت المعلمة في مدرسة "سيدة الجمهور" في العاصمة اللبنانية بيروت: "من المحبط رؤية هؤلاء الشباب الذين يريدون أن يتحدثوا بلغتهم الأم، عاجزين عن تركيب جملة بشكل سليم".
ومخول هي واحدة من مدرسين لبنانيين عدة يبدون قلقاً من زيادة عدد الشباب الذين لا يجيدون العربية، على رغم أنهم ولدوا ونشأوا في بلد عربي كلبنان ..
وترحب مخول بحملة حكومية في لبنان لإنقاذ اللغة العربية، بعنوان "بحكيك من الشرق، بترد من الغرب"!!!
وتقول أمل منصور الناطقة الاعلامية باسم وزارة الثقافة اللبنانية: "تهدف هذه الحملة إلى زيادة الوعي إلى أهمية حماية اللغة الرسمية للبنان". وتضيف: "اننا نشجع على تعلم اللغات الأجنبية، لكن ليس على حساب اللغة الأم لبلدنا".
وعلى رغم أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للبنان، لكن اللغتين الانجليزية والفرنسية تستخدمان على نطاق واسع!
وتتحدث غالبية اللبنانيين الفرنسية، نظراً إلى أن البلد كان مستعمرة فرنسية، فيما تحوّل الجيل الجديد باتجاه الإنجليزية.
ويرسل عدد متزايد من الأهالي أولادهم إلى الإرساليات الفرنسية والبريطانية والأمريكية، على أمل أن يساعدهم ذلك على ضمان مستقبلهم.. حتى أن بعضهم يتحدث الفرنسية أو الانجليزية مع أولاده في المنزل.!!
تقول لارا طراد (16 عاماً)، وهي تلميذة في مدرسة "سيدة الجمهور"، إحدى الارساليات الفرنسية: "إنه محزن جداً، لم يعد هناك أحد من أبناء جيلنا يتحدث العربية بشكل سليم". وأضافت: "إنني فعلاً نادمة لأن أهلي لم يركزوا على تطوير (قدراتي) العربية. فات الأوان الآن، ربما يمكن فعل ذلك للطلبة الأصغر سناً".
وثمة فرق كبير بين العربية النحوية (الكلاسيكية)، المكتوبة والعامية. ونادراً ما تستخدم الكلاسيكية في الأحاديث، وهي لا تسمع إلا في نشرات الأخبار وفي بعض البرامج التلفزيونية.
ونتيجة لذلك، يكافح عدد كبير من الشباب اللبناني مع اساسيات القراءة، وليس غريباً لأبناء الـ16 أو 17 عاماً التكلم بعربية ركيكة.
وفي اشارة إلى الفجوة بين اللغة الرسمية وبين اللهجات العامية المختلفة في العالم العربي، كتب الفيلسوف المصري مصطفى صفوان ذات مرة يقول، ان اللغة العربية الكلاسيكية هي من حيث المبدأ لغة ميتة، تماماً كاللاتينية أو اليونانية القديمة.
لكن خبير الألسن، البروفسور محمد سعيد، يقول إن اللغة العربية الكلاسيكية هي قوة موحِدة في العالم العربي.
ويقول سعيد، المحاضر في اللغة العربية بمعهد اللغات الشرقية والأفريقية في لندن: "العربية الكلاسيكية هي لغة التواصل والأدب والعلوم والفلسفة والفنون – انها ما يوحد العالم العربي". ويرفض سعيد فصل اللهجات العامية السائدة في العالم العربي عن الكيانات الألسنية، باعتبارها امتداداً للعربية الكلاسيكية.
وتعد حملة حماية اللغة العربية هذه الأولى من نوعها التي تطلقها حكومة عربية. وتنظم وزارة الثقافة لقاءات في المدارس لزيادة وعي الطلبة الى اهمية حماية اللغة الأم، ولتشجيعهم على الاعتزاز بها.
وتقول الناطقة الاعلامية باسم الوزارة ان الحكومة تأمل في أن تنعكس حماية اللغة العربية في لبنان على حماية هوية البلد وإرثه.
أما مدى كفاية المبادرة لتغيير طريقة تعبير الشباب في لبنان عن أنفسهم، فمسألة أخرى.
ـــــــــــــ
نأمل أن تشمل هذه الحملة الكثير من بلداننا العربية .. لأننا محتاجون لأمثال هذه الحملات التوعوية النافعة للأهل قبل الأبناء .. و لأن على الأهل المسؤولية الأكبر في بناء هوية أبنائهم الثقافية .. و قد لاحظت ظاهرة تحدث الآباء مع أبنائهم بالإنجليزية في مجتمعنا وبشكل ملحوظ ومتفاقم !! فماذا عسايَ أن أسمي هذا إلا فقر و ضياع للهوية و احتقار للذات و طمس للتراث العربي الأصيل .. و بسبب هذا بات الكثيرا من أبنائنا لا يجيد التحدث باللغة العربية البسيطة و هذا أمر مؤسف ومخجل ويثير الاستغراب .. فنحن أمة عربية و أرضنا عربية فلماذا هذا الجفاء بيننا وبين لغتنا الأم !! و هل نسينها كما نسينا كثير من ماضينا العريق و جعلناها خلفنا كما جعلنا خلفنا مجدنا القديم !! أصبحنا لا نسمع اللغة العربية إلا من خلال محطة الأطفال المشهورة space toon .. فشكرا لأصحاب هذه القناة الرائدة و التي يعمل العاملون فيها على بث الروح و الثقافة العربية الأصيلة في نفوس أبنائنا .. كما أتمنى أن يحافظ المعلمون والمعلمات في مدارسنا على التخاطب مع الأبناء باللغة العربية الصحيحة قدر المستطاع و غرز جمالها و أساليبها المتنوعة في الجمل والحوارات التي تُدار مع الطلبة خصوصا في الحصص الدراسية .. و قد رأيت تقريرا عن بعض التجارب السعودية في هذا الصدد وقد كانت تجارب رائعة ونموذجية .. فقد تحول اسم الكتاب المدرسي الخاص بمادة اللغة العربية إلا ( لغتي الجميلة ) و ( أحبك يا لغتي ) و غيرها من المسميات و العناوين التي تجذب الطالب و تمد جسور الوصال بينه وبين لغته الأم .. أقول إن اللغة العربية هي الإرث الوحيد الذي بقي لنا من ثقافتنا العربية البائدة فلنتمسك بها ونحبب أولادنا بها و نتكلم معهم بها ولو باللغة العربية البسيطة ولنشجعهم على القراءة لأنها الطريقة الناجحة لتقوية لغتهم العربية ..
أطيب المنى
التعليقات (0)