مطلب يمنحه كل إنسان لنفسه. وإن وجِدت القدرة على صياغة حقوق كثيرة للإنسان كحقّه في الحياة والحرية والتعبير عن الرأي وغيرها من الحقوق، إلا أنّ (الحب) من أكثر الحقوق الإنسانية العصية على التسجيل، وغير القابلة للحصر أو الصياغة لإدراجها في بنود المواثيق الدولية لحقوق الإنسان. وبديهي أنّ أحداً لا ينكر هذه المشاعر غير الإرادية وغير الخاضعة لرقابة العقل، على الأقل عند الشخص الذي يعيشها، لكن ما الذي يحدث عندما تتجرأ هذه المشاعر وتظهر مخترقةً ومتحديةً جدران "تابو" ما في المجتمع، كاشفةً زيف وكذب العديد من مقولاته التي تدّعي الإنسانية والحضارة، والتي يزايد متبنّوها على من حولهم بادّعاءات تنفضح هشاشتها أمام أبسط المواقف؟
والشباب في هذه المرحلة لطالما قرؤوا عن الحب وسمعوا به واشتاقوا إليه لكنّ كثيرين منهم لم يصادفوه بعد! وعندما يمرّ بعفويّته وسحره متجسداً بطرف آخر بغضّ النظر عن انتماءاته، بالتأكيد لن يُنصَّب العقل شرطيَّ مرور ليقطع على الحب الطريق إلى القلب! والخوض في غمار(الحب) تجربة الحياة المنتظرة، وها هي على أبواب القلب فلم إقفال أبوابه بمفتاح العقل الذي يلوح من بعيد صارخاً: "وماذا بعد الحب؟!" والجواب هو أمل القلب الحالم بأنّ الحب لابد أن ينتصر! وأن قوّته ستمدّ الحبيبين بالقدرة والطاقة على مجابهة الدنيا كلّها في سبيل البقاء معاً.
يبقى الحبيبان في هذه التجربة الطرف الرابح عند انتصار حبّهما وتكلّله بالزواج. وقد يكونان الخاسر الأكبر، لا أقصد في حال عدم زواجهما فقط، وإنّما ستكون الهزيمة المريرة إذا فشل هذا الزواج بعد كلّ المعاناة والتضحيات في سبيله، خاصة عندما يحدث أن تسيطر المشاعر على الحبيبين المتعطّشين للحب في مرحلة معينة، لدرجة تلتغي معها فوارق شخصيتيهما المتبلورة في بيئتين متناقضتين أحياناً، فيتّحدان بنموذج واحد لا يلبث أن يتبدّد بعوامل مختلفة، أقّلها زوال الضغوط والآلام المشتركة التي ساهمت في تماثلهما العارض، هذا عدا عن المعايشة اليومية والروتين الذي لابدّ أن تفرزه بشكل ما الحياة الزوجية، فيرجع كلّ منهما إلى طبيعته مستعيداً عاداته التي تربّى عليها. ويصدم كلّ منهما بحقيقة الآخر، الذي توقّع منه التغيّر مقابل التضحية والمعاناة التي قاساها هو في سبيله.
تبدأ حرب أخرى إمّا على الصعيد النفسي لأحدهما محاولاً التغيّر والتأقلم مع الآخر حفاظاً على استمرار الزواج ـ هنا لابد من الإشارة أنّه غالباً ما تكون المرأة هي من يقوم بذلك، لأنها قد لا تستطيع تحمّل عواقب الفشل ونتائجه الاجتماعية المضاعفة ضدّها ـ أو على صعيد الطرفين الذين قد لا يجدا صيغةً للتفاهم والاستمرار فيتخذان قراراً "تنبّأ" به كثيرون ممّن لن يخفوا شماتتهم فخراً بحكمتهم الموهومة!
التعليقات (0)