مواضيع اليوم

"التطبيع مع إسرائيل خيانة والأجدى التطبيع مع المقاومة"

إدريس ولد القابلة

2009-09-29 14:23:58

0

تحركات استباقية لتنبيه من يهمهم الأمر
"التطبيع مع إسرائيل خيانة والأجدى التطبيع مع المقاومة"


نظمت وقفة بالعاصمة لوضع القيّمين على الأمر أمام مسؤولياتهم التاريخية، وقد برزت مؤخرا موجة إدانة مبادرات التطبيع مع الكيان الصهيوني، ويعتبر الواقفون وراء هذه الموجة ومؤججوها أن قضية فلسطين ليست قضية الضفة وغزة وحدهما، في حين هناك نفي رسمي وحكومي للتطبيع مع الكيان الصهيوني، لكن موازاة مع ذلك من الملاحظ أن القضية الفلسطينية تراجعت كقضية ذات أولوية في البرامج السياسية والاجتماعية والثقافية الرسمية.

 

التحرك الاستباقي

استباقا لأي طارئ عملت ثلة من جمعيات المجتمع المدني على تنظيم وقفة يوم الأربعاء الأخير بالعاصمة الرباط للاحتجاج على ما اعتبره المشاركون فيها بوادر ومؤشرات تطبيع العلاقات بين بلادنا وإسرائيل (انتشار مواد إسرائيلية ببعض الأسواق وتوزيع مجلة عبرية وتأسيس جمعيات صداقة أمازيغية إسرائيلية).
وصف المحتجون أي تطبيع مع الكيان الصهيوني بالخيانة ومساندة إسرائيل في جرائمها، في وقت يُطلب فيه التطبيع مع المقاومة وأهل غزة، كما طالب الغاضبون الحكومة بتكذيب، وبوضوح، كل الأنباء المروجة من طرف الإعلام الإسرائيلي بخصوص التطبيع.
لقد دل أكثر من مؤشر أن بلادنا، بمعية بعض الدول العربية، تتعرض لضغوطات مختلفة لربط علاقات رسمية وعلنية مع الكيان الصهيوني، وذلك رغم الحالة الحرجة التي تمر منها حاليا القضية الفلسطينية في ظل بروز مظاهر الاختراق الصهيوني ببلادنا في أكثر من مجال.
انكشفت خطة الرئيس الأمريكي بخصوص فرض التطبيع العربي الصهيوني، وأضحى واضحا أن البيت الأبيض يسعى جاهدا إلى جعل المغرب بوابة للتطبيع بمعية دول مغاربية وخليجية، لطرق آخر مسمار في مخطط الاستسلام الكامل للمشروع الصهيوني بتزكية من بعض الأطراف الفلسطينية.
يستهدف هذا المخطط الرهيب جوهر القضية الفلسطينية، إنه أخطر بكثير من مخطط الرئيس الأمريكي السابق، جورج بوش، وتعمل أكثر من جهة عربية، حاليا، على تسويقه وتسويغه مع الأسف الشديد.

بوادر التطبيع

إلى حد الآن مازال كل ما يتعلق بإعادة فتح مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط صادرا عن جهات إسرائيلية ومصادر صهيونية، وهو ما اعتبره الكثيرون أخبارا زائفة تسعى بالأساس إلى محاولة جس النبض، غير أنه لم تؤكد أية جهة رسمية زيف هذه الأنباء، بصفة رسمية، ويذهب البعض إلى الإقرار بأن الموقف الرسمي لن يحيد عن الاتجاه العام لإرادة الشعب المغربي بخصوص القضية الفلسطينية.
بعد استفسار أكثر من جهة حول دواعي تنظيم وقفة الأربعاء الأخير قصد التصدي لما أطلق عليه "بوادر التطبيع"، توصلت "المشعل" إلى فرز مجموعة من الآراء بخصوص تلك البوادر، نجملها فيما يلي:
- الهجمة غير المسبوقة للمُطبّعين وتناسي الجرائم الهمجية والوحشية ضد أهل غزة وضد فلسطين عموما.
- تسويق مجلة صهيونية في الأكشاك المغربية دون ترخيص.
- ترويج تمور ومنتوجات إسرائيلية أخرى في مختلف الأسواق ببلادنا.
- تسريب أخبار عن ارتفاع المبادلات التجارية بين المغرب وإسرائيل، إذ دأبت وسائل إعلامية إسرائيلية على الإفصاح عن إحصائيات تبين حجم التبادل التجاري بين بلادنا والكيان الإسرائيلي وتكتفي الرباط، بين الفينة والأخرى، بتكذيب إعلامي للأخبار الرائجة بهذا الخصوص.
- مشاركة الملحق العسكري المغربي بواشنطن في حفل توديع نظيره الإسرائيلي (ملحق عسكري للكيان) بأمريكا في بيته.
- مشاركة بلادنا في مناورات عسكرية ينظمها حلف شمال الأطلسي بمشاركة جيوش إسرائيلية.
- السماح لمن يحملون أختام إسرائيلية على جوازاتهم بالدخول إلى التراب المغربي.

الترويج للتطبيع المرتقب

من المصادر العبرية الأولى التي اهتمت بقضية إعادة فتح مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط، صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية التي أوردت خبرا مفاده أن البيت الأبيض سيقترح إعادة فتح مكتب الاتصال الإسرائيلي بالمغرب وتونس وبعض دول الخليج، كتعويض لإسرائيل مقابل تجميد بناء المستوطنات اليهودية بالضفة الغربية، وكسبيل من سبل إعطاء دفعة جديدة لمسلسل السلام بالمنطقة، علما أن هذه الدول كانت قد أقامت قنوات دبلوماسية مع الكيان الإسرائيلي (مكاتب اتصال أو مكاتب تجارية) بعد التوقيع على اتفاقية أوسلو وقبل إغلاقها بعد الانتفاضة الثانية واتساع العدوان الصهيوني.
وفي صيف 2007، التقى محمد بنعيسى، وزير الخارجية وقتئذ، نظيرته الإسرائيلية، تسيبي ليفي، بأحد الفنادق الباريسية، والتي صرحت، على إثر هذا اللقاء، "تجمعنا مصالح مشتركة.. إسرائيل والعرب المعتدلون.. لدينا نفس المخاوف، نواجه نفس التهديدات ولذا نريد تحديد إطار كي يمكننا التحرك إلى الأمام معا"، في حين قال مسؤول في وزارة خارجيتنا، عقب هذا اللقاء، إن المحادثات ركزت على عملية السلام المتعثرة والدور الذي تقوم به بلدنا في إيجاد حل، ولم يتطرق إلى مسألة إعادة فتح مكتب الاتصال الذي روجت له وقتئذ بعض وسائل الإعلام.
آنذاك أفادت بعض المصادر الإعلامية الفرنسية أن هذا اللقاء وقع لترضية الولايات المتحدة الأمريكية التي ضغطت بشكل مكثف على الرباط من أجل ربط علاقات مع الكيان الصهيوني.
كما ذكرت مصادر أخرى، أن هذا الكيان استغل وجود لوبي يهودي قوي في الكونغرس الأمريكي إدّعى أنه يؤيد الموقف المغربي في الصحراء، وذلك ليجبر الرباط على إعادة ربط العلاقات معها. آنذاك كان الموقف المغربي هو رفض أي تطبيع في ظل غياب حل يرتضيه الشعب الفلسطيني لقضيته واستمرار التقتيل الذي تمارسه إسرائيل ضده.
وفي غضون سنة 2007، كان أكثر من مصدر عربي وإسرائيلي قد ذكر، نقلا عن الإذاعة الرسمية للكيان الصهيوني بأن صحيفة "هآريتز" العبرية كشفت وقتئذ عن قيام المدير العام للشؤون الخارجية الإسرائيلية آنذاك، "أهرون أراموفيتش"، بزيارة سرية للمغرب استغرقت بضع ساعات وقابل مسؤولين مغاربة كبار وطالب الرباط بإعادة فتح مكتب الاتصال الإسرائيلي الذي أغلق منذ سنة 2000.
وقبل هذه الزيارة السرية بأيام، كشفت صحيفة "معاريف"، العبرية أن الرباط عينت ممثلا غير رسمي بإسرائيل، هو وزير السياحة الأسبق "سيرج بيرديكو"، الذي قام آنذاك بزيارتين لتل أبيب للقاء مسؤولين إسرائيليين. وتلا هذا استقبال الملك لـ "سيلفيا شالوم" وزير الخارجية آنذاك.
ومنذ سنة 2004، دأب الإعلام الإسرائيلي على الاهتمام بقضية التطبيع المغربي الإسرائيلي، آنذاك نشرت صحيفة "جيرو زاليم بوست" الإسرائيلية مقالا جاء فيه أن الوزير المنتدب لدى وزارة الخارجية ألمح خلال لقائه مع وفد من ممثلي مؤتمر رؤساء أكبر المنظمات اليهودية الأمريكية خلال زيارته لبلادنا إلى إمكانية إعادة العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسرائيل، شريطة ربطها بمسار السلام بالمنطقة.


عبد الرحمن بن عمرو/ نقيب المحامين سابقا
"المحتل المغتصب يجب أن يعاقب وليس أن يُجارى بالتطبيع معه"

 

اعتبارا لجرائمه ضد الإنسانية وضربه عرض الحائط بالأعراف الدولية وقرارات مؤتمرات القمم العربية وروح وأهداف ميثاق الجامعة العربية، يجب أن يعاقب المحتل المغتصب وليس أن يُجارى بالتطبيع معه، سواء كان هذا التطبيع سياسيا أو اقتصاديا أو تجاريا أو ثقافيا أو فنيا... سيما وأن القضية الفلسطينية منغرسة في أذهان وقلوب وضمائر الشعب المغربي. هذا في وقت يظل التعامل الرسمي مع هذه القضية باهتا بل يجيء أحيانا ضدا على رغبات الشعب.

- لماذا تحركت الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني، ومجموعة العمل الوطني لمساندة العراق وفلسطين في هذا الوقت بالذات؟
+ إن الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني ومجموعة العمل الوطني لمساندة العراق وفلسطين، كانت ومازالت مستمرة في مساندة العراق، لأن أسباب المساندة كانت وما زالت قائمة وهي احتلال الكيان الصهيوني لفلسطين واحتلال الامبريالية الأمريكية للعراق، بما صاحب كلا من الاحتلالين من تدمير وتقتيل على كافة المستويات البشرية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية..

 

- يبدو أن هناك قلقا وتخوفا بارزين من مغبة إعادة فتح مكتب الاتصال الإسرائيلي، فما الداعي لهذا القلق؟ وهل التطبيع أضحى مسألة وقت؟
+ إن التطبيع مع إسرائيل من قبل الدول العربية يجب أن يكون مرفوضا لسببين على الأقل جوهريين، الأول إنساني والثاني قانوني.
السبب الإنساني: هو أن إسرائيل تعتبر محتلة ومغتصبة لأرض فلسطين ومشردة لأهله، وسفكت على أرض فلسطين وخارجها أنهارا من الدماء الفلسطينية والعربية وغير العربية أيضا. والمحتل المغتصب يجب أن يعاقب وليس أن يُجارى بالتطبيع معه، سواء كان هذا التطبيع سياسيا أو اقتصاديا أو تجاريا أو ثقافيا أو فنيا...
أما السبب القانوني: فيتجلى في كون التطبيع، المباشر وغير المباشر، مع إسرائيل من طرف الدول العربية، ممنوع قانونيا تمشيا مع قرارات مؤتمرات القمم العربية ومع روح وأهداف ميثاق الجامعة العربية ومع قرارات المقاطعة المتوالية الصادرة عن مجلس الجامعة العربية تحت رقم 357 في دورته 14 المنعقد في 19/5/1951 والذي أوكلت إليه تنسيق الخطط اللازمة لمقاطعة إسرائيل والعمل على تحقيقها...

- كيف تقيمون حضور القضية الفلسطينية في "المغرب الرسمي" و"المغرب الشعبي" خلال العهد الجديد؟
+ على المستوى الشعبي: فإن القضية الفلسطينية منغرسة في أذهان وقلوب وضمائر الشعب المغربي، ولا أدل على ذلك من المواقف والمسيرات المؤيدة للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني والمُدينة للعدوان الإسرائيلي المتلاحق على هذا الشعب.
أما على المستوى الرسمي: فإن تعامل الدولة المغربية مع القضية الفلسطينية ليس فقط تعاملا باهتا وإنما معاكس لرغبات الشعب المغربي، ولقرارات مؤتمرات القمم العربية ولقرارات المكتب العربي الرئيسي لمقاطعة إسرائيل الموجود مقره بدمشق، ولا أدل على ذلك مما سبق، فتح مكتب الاتصال الإسرائيلي والذي أغلق تحت الضغط الشعبي، ومن التطبيع غير المباشر مع إسرائيل على مستوى السياحة والتجارة والزيارات المتبادلة على المستوى الرسمي وغير الرسمي والأسلحة والمناورات العسكرية المشتركة، وهي مظاهر تطبيعية لم يسبق نفيها من قبل الجهات الرسمية المعنية..

- هل هناك فعلا مؤشرات تفيد بإمكانية فتح مكتب الاتصال الإسرائيلي في الرباط؟ وهل تعتقدون أن الحكومة الحالية يمكنها أن تتورط في هذا الاتجاه؟
+ إن ما تناقلته بعض وسائل الإعلام هو كون الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتنسيق مع إسرائيل، تسعى بإلحاح إلى إعادة فتح مكتب الاتصال الإسرائيلي بكل من قطر وتونس والمغرب، مقابل قيام إسرائيل بالإيقاف المؤقت لبناء عدد معين من المستوطنات بالضفة الغربية الفلسطينية. وقد صدر تصريح رسمي من قطر يرفض العرض. أما بالنسبة لتونس و المغرب، فحسب علمنا لم يصدر منهما، لغاية تاريخه، أي تصريح في الموضوع سواء بالقبول أو بالرفض...

- هل تسرب مجموعة من المنتوجات الإسرائيلية إلى الأسواق المغربية من مؤشرات السعي لجعل التطبيع مع الكيان الصهيوني أمرا واقعا؟
+ إن حكومة عباس الفاسي، الأمين العام لحزب الاستقلال، وبما تتضمنه من أعضاء منتمين لأحزاب سياسية ذات توجهات مختلفة، عليها أن تفكر مليا، ومهما كانت الضغوط التي ستوجه إليها من أية جهات عليا سواء من المغرب أو من خارج المغرب، بردود الفعل القوية من القوى الشعبية ومن القوى الديمقراطية السياسية والنقابية والمدنية والثقافية، وذلك في حالة ما إذا أقدمت على إعادة فتح مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط..
أما تسرب مجموعة من المنتوجات إلى الأسواق المغربية، ليس بالجديد، وبالتالي لا يمكن أن يكون مؤشرا على قرب إعادة فتح مكتب الاتصال الإسرائيلي..

- هل يمكن اعتبار أن إمكانية الإقرار بالتطبيع جاءت نزولا عند رغبة الرئيس الأمريكي الرامية إلى الضغط على القادة العرب للسير في هذا المنحى؟ وهل حدوث التطبيع من شأنه إقبار قضية فلسطين؟
+ أمام القادة العرب اختياران لا ثالث لهما، وهما:
إما الاستجابة إلى رغبات شعوبهم المشروعة في القضايا الوطنية والقومية ومنها موضوع التطبيع مع إسرائيل. وإما الاستجابة إلى رغبات الخارج المبنية على مصالحه. وقد علمنا التاريخ مصير الأنظمة السياسية التي تأخذ بأحد الاختيارين..

- ما الدور الذي يمكن للمغرب لعبه في إطار الإستراتيجية الأمريكية الرامية إلى فرض التطبيع العربي الصهيوني؟
+ إن الدور الذي يجب على المغرب أن يلعبه في إطار الإستراتيجية الأمريكية الرامية إلى فرض التطبيع العربي الصهيوني، هو:
من ناحية: رفض هذه الإستراتيجية بكل وضوح وعبر بيان رسمي في الموضوع مع إبراز أسباب الرفض التي أشرنا إلى بعضها أعلاه.
ومن ناحية أخرى: إنهاء جميع أنواع التطبيع غير الرسمية وغير المباشرة التي أشرنا أيضا إلى بعضها أعلاه.

- هل السعي إلى تأسيس جمعيات الصداقة الأمازيغية الإسرائيلية يدخل ضمن المخطط الأمريكي، وهل للمخابرات الإسرائيلية من دور في هذا المجال؟
+ فإما أنه يدخل ضمن المخطط الأمريكي، وإما أنه ناتج عن خطأ جسيم في التقدير والتصرف.

- كيف يمكن التصدي للتطبيع مع الكيان الصهيوني بالمغرب؟
+ إن التصدي للتطبيع مع الكيان الصهيوني بالمغرب يجب أن يكون عبر المزيد من توعية وتعبئة الجماهير بعدالة القضية الفلسطينية وفضح مختلف الانتهاكات والاعتداءات على حقوق الشعب الفلسطيني وإبراز خطورة النتائج المترتبة عن التطبيع وعن مسار نضال الشعب الفلسطيني وكفاحه من أجل انتزاع الحق في تقرير مصيره على أرضه وتحقيق دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات