مواضيع اليوم

"التركيبة الرباعية" لحكومة العدالة والتنمية

ayoub rafik

2012-01-08 16:16:19

0

 "التركيبة الرباعية" لحكومة العدالة والتنمية

 

 

بعد مرور حوالي خمسة وأربعين يوما على الانتخابات التشريعية لـ 25 نونبر الماضي، وبعد طول انتظار وترقب، تم يوم الثلاثاء الماضي تعيين حكومة السيد عبد الإله بن كيران من طرف ملك البلاد طبقا لمنطوق الدستور الجديد. ويمكن، على ضوء التشكيلة النهائية لهذه الحكومة عرض بعض الملاحظات تهم بالأساس الجوانب التنظيمية والهيكلية وجانب الشخصيات التي أسندت إليها تسيير قطاع من القطاعات، وعرض لأهم الإجراءات الاستعجالية في المائة يوم الأولى من عمر هذه الحكومة.

وقبل الخوض في الموضوع يمكن القول بأن "الإخراج" النهائي للحكومة الحالية بدأ مباشرة بعد مشاورات تميزت في بادئ الأمر بالانفتاح الايجابي على وسائل الإعلام، حيث كان المغاربة يتابعون بدقة هذا المسار بين زعماء الأغلبية الحكومية، لكن سرعان ما انقطع خط الاتصال بين رئيس الحكومة والإعلام، وظلت الأخبار الصحفية غير المؤكدة والروايات المتناقضة في بعض الأحيان هي السمة الغالبة على صدر الصحف والجرائد الاليكترونية، في حين طفت إلى السطح أخبار عن خلافات بين مكونات الأغلبية حول تسيير قطاعات بعينها، وهو ما أخر إعلان الحكومة حسب متتبعين.

وقد حَمَلت الحكومة معطيات عدة على المستوى الهيكلي والتنظيمي، منها على الخصوص تغيير أسماء بعض الوزارات مثل العدل التي تسمى اليوم "العدل والحريات"، والوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان تسمى اليوم " والوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني"، أما وزارة السكنى والتعمير فأضيفت لها "سياسة المدينة" كمهمة جديدة. كما تم "تقسيم" بعض الوزارات إلى وزارتين مثل ما هو حاصل في وزارة التربية الوطنية حيث أحدثت حقيبة خاصة بالتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي...

فيما لم يقع تغيير جذري على مستوى الحقائب الوزارية ذات الصبغة "السيادية"، ما عدا حقيبة العدل التي أسندت للمناضل مصطفى الرميد، فإن حقيبة الشؤون الإسلامية والدفاع والداخلية ظلت إما تحت التصرف المباشر لرجالات القصر أو تحت "حمايته" كما هو الشأن في حقيبة الداخلية، التي وإن أسندت إلى شخصية حزبية، فإن عين القصر ستبقى حاضرة تراقبها عبر الوزير المنتدب في الداخلية وهو المنصب الذي شغله سابقا مستشار الملك فؤاد عالي الهمة.

 غير أن "التركيبة الرباعية" (تحالف أربعة أحزاب) للسيد عبد الإله بن كيران لم تحمل إلى مجلس الحكومة سوى امرأة واحدة وسط ثلاثين وزيرا ذكرا، في وزارة الأسرة التضامن التي أريد لها أن تكون، ربما، خاصة بالعنصر الأنثوي، بعد أن كان عدد النساء أربعة في الحكومة التي قبلها وهو ما لم يتطابق مع الرفع من عدد مقاعد النساء في مجلس النواب (60 مقعدا ضمن اللائحة الوطنية).

ورافق هذا التعيين جدل دستوري حول مدى دستورية انعقاد مجلس الحكومة قبل التنصيب النهائي من طرف البرلمان، لكن القول الفصل في هذا الجدل سيحسمه المجلس الدستوري باعتباره المؤسسة المخول لها النظر في دستورية القوانين والمؤسسات القائمة. لكن تمت أمرا آخر في غاية التعقيد وهو أن المجلس الدستوري بحد ذاته يشتغل بآليات وقوانين الدستور الماضي بمعنى أنه يحسم في دستورية المؤسسات القائمة في ظل الدستور الجديد ولكن بآليات قديمة، مما يستوجب العمل على تخطي المرحلة الانتقالية بسرعة أكبر عبر المباشرة الفعلية في إصدار القوانين التنظيمية من طرف البرلمان حتى يتسنى التأويل الديمقراطي للدستور وتنزيله بالشكل الأمثل، وهذا الإجراء (أي مباشرة إصدار القوانين المكملة لفصول الدستور) يعتبر من أولويات الحكومة والبرلمان في السنتين المقبلتين على الأقل.

أما عن الإجراءات الحكومية في الـ 100 يوم الأولى لعمر الحكومة فالأولى أن تكون إشارات اطمئنان للشعب المغربي، من قبيل إعطاء الأولوية للقطاعات الاجتماعية عبر تحسين وضعيته الاجتماعية في مجالات الصحة والتطبيب والشغل والرفع من القدرة الشرائية، عبر تحسين مستوى الأجور بتخفيض نسبة الضريبة على الدخل، وتوسيع مساحة الطبقة الوسطى التي تعتبر صمام الأمان والضامن لعدم توسيع الهوة بين الطبقة المسحوقة والبقة الأكثر غنى، كما يمكن إرسال إشارات اطمئنان للشعب عبر إحداث انفراج حقيقي على مستوى الحقوق والحريات بالعمل على إطلاق سراح معتقلي الرأي الذين لم يثبت في حقهم أية عمل إجرامي، وإلغاء العقوبات السالبة للحرية في مجال الصحافة والإعلام، وإطلاق الصحفي رشيد نيني وجعل الإعلام العمومي يحمل صفة "العمومي" عبر فتح أبوابه في وجه كل الحساسيات السياسية والدينية، وحتى تلك التي توصف بأنها أكثر تطرفا ومعارضة، فهذا هو جوهر الديمقراطية.

أكيد أننا سنعيش فصولا من التشويق السياسي مع البدء الفعلي لعمل وزراء السيد عبد الإله بن كيران، "فانتظروا إنا معكم من المنتظرين".

 

ذ. البشير ايت سليمان

Bachir700@gmail.com




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات