بقلم : سالم أيوب
لست هنا في وارد التحليل والاستقراء عن الجهة التي نفذت اغتيال وسام الحسن!! فتلك مسألة معروفة مسبقاً وبلا أي تردد هي اسرائيل بجهازها الموساد. ولكن السؤال، هل يقف الموساد خلف عمليات الاغتيال تلك بدءا من رفيق الحريري وإلى وسام الحسن آخراً؟ وهل سيكون "وسام" خاتمة الاغتيالات؟ ومن هي تلك الأذرع اللبنانية التي تتعاون مع الموساد؟ ومن هو المسؤول عن اختيار توقيت تلك العمليات؟... لعله النقاش الذي سيدور في هذا المقال.
بدايةً، لكي نفك لغز الجريمة علينا أن نبحث أولاً عن المستفيد من نتاجها وتفاعلاتها الزمنية. سنبدأ في الاستقراء والتحليل منذ اغتيال رفيق الحريري ومن تبعه من القتلى المغدورين في فريق 14 آذار... فاغتيال الحريري كان الهدف منه الضغط على الجيش السوري للخروج من لبنان! وهذا ما تم فعلاً. أما الآخرين من قتلى 14 آذار فكان لسرقة الشارع اللبناني وتجييشه ضد فريق المقاومة بدءا من حزب الله وإلى إيران ومروراً بسوريا، ومن ثمة الدخول لانتخابات مجلس النواب بأريحية تامة وبشعبية كبيرة من الشارع اللبناني مما أعطي 14 آذار هيمنة مطلقة بأغلبية لتشكيل الحكومة اللبنانية بلونٍ واحد، وهذا ما تم فعلاً.
هذا المخطط نتج عنه حرب اسرائيلية في تموز 2006 على حزب الله وفي ظل تلك الحكومة... التي حيدت الجيش اللبناني عن الرد بأقله على القصف الاسرائيلي لبعض مواقعه. فشلت الحرب في القضاء على حزب الله بل تكبدت اسرائيل الكثير من الألم والخسائر لدرجة أنها بدأت تصرخ.. منشا الله وقفولنا هالحرب... ومعها بدأ فريق 14 آذار يصرخ من ألم اسرائيل فذهبت الحكومة "السنيورية" الى مجلس الأمن، فيصدر القرار 1701 الذي أوقف الحرب بعد 32 يوماً من المقاومة المشرفة لجنود الله على الأرض.
ما خطط له في الخفاء من قِبل الاميركان واسرائيل وفرق العمالة في الداخل اللبناني انقلب وبالاً على المشروع "الصهيوأميركي" للمنطقة... بل كان انتصاراً بتقدير ممتاز لجبهة المقاومة لاسرائيل، وهنا مع أفول الحرب رأينا كونداليزا رايس تبشرنا بشرق أوسطٍ جديد بمفهوم "الفوضى الخلاقة". حينها كان هذا المفهوم ليس بجديد لتعريفه ولكنه مستغرباً بكيفية التطبيق!! إلى أن جاء "الربيع العربي"، ومن ربيع إلى ربيع في كلٍ من تونس ومصر واليمن كان لكلٍ منهم طعم مختلف في السيناريو ومفاعيله وتجاذباته.
لسنا هنا في وارد الشرح المفصل لكل منهم ولكن عندما كانت البحرين تشتعل من قبل جميع تلك الدول... كنا نرى الاعلام يُلبِس ثورة البحرين طاقية الاخفاء، وعندما دخلت البحرين قوة درع الجزيرة!! قالوا أن هذا تفعيل لاتفاقية الدفاع المشترك بين دول مجلس التعاون!! وضد من؟ الشعب البحريني الذي يشكل معارضيه على الأقل 70% منه!! الحقيقة أن ما حدث في اليمن والبحرين والتعمية عليهما واخراج سيناريوهات ممجوجة لم تكن صدفة بل هي لعيون الشقيقة الكبرى السعودية، ولن نزيد هنا أكثر، ولكم أن تستقرئوا بألباب عقلكم لكي تحللوا وتفهموا.
مع فشل مشروع حرب تموز 2006 على حزب الله... بُدأ العمل على مشروع "الفوضى الخلاقة" بهدف تفتيت الدول الى كانتونات طائفية ومذهبية وإثنية أيضاً، ومن كل المشاهد التي رأيناها سنتحدث فقط عن المشهد السوري بالتفصيل. فما تكشف عنه من حقائق على الساحة السورية سواء من عشرات ألوف المقاتلين الأجانب (غير السوريين)، وكميات الأسلحة المهولة التي هربت للداخل السوري، وكم الأنفاق التي حفرت وجهزت على طول الحدود السورية مع جيرانها وبالأخص لبنان وتركيا... يؤكد لنا أن هذا الترتيب ليس وليد ثورة شعبية عفوية!!! بل هذا الأمر نسق له منذ سنوات عدة وبالتحديد بعد انتهاء حرب تموز 2006.
هناك خططاً وضعت وسيناريوهات رسمت لكل دولة متشاركة حدودياً مع سوريا، وتعداها كذلك الى نفس الجوقة التي كانت تردح ضد حزب الله والمقاومة عام 2006، وأنتم تعلمونهم جيداً من هم. كان التصور لعصابات العمالة مع المشروع الصهيوأميركي أن يسقط النظام السوري في غضون ستة أشهر كما حصل في ليبيا. استعروا نهماً لاستصدار قرار من مجلس الأمن تحت البند السابع، ولكن الموقف الروسي والصيني كان لهم بالمرصاد فأفشل جميع خططهم، ناهيك عن تماسك الجيش العربي السوري العقائدي في الذود والتصدي في جميع المواجهات ضد الارهابيين الذين يقودون معركة الصهيوني بالوكالة. كذلك لا يجب أن نقلل من التفاف معظم الشعب السوري حول قيادته بل وارتداد الكثير منهم بعد ضلالهم نتيجة البث الاعلامي الممنهج بالضرب على وتر العاطفة وتصوير مجازر باسم النظام بقتل وسحل وتصفية للشعب.
الآن، وبعد فشل ما خطط للاطاحة بالنظام السوري في سبيل تصفية فريق المقاومة والضغط على ايران أو بالأحرى الهجوم على ايران والقضاء على نظامها من دون وجود سوريا النظام وحزب الله!! المطلوب إعادة الكرة مرة أخرى والقدوم بمشروع حرب أخرى جديدة على لبنان وبالتحديد حزب الله للقضاء عليه، وقد تمتد الحرب على سوريا أيضا. ولهذا جاء توقيت هذا الاغتيال لوسام الحسن بعد أن تم تلميعه واظهاره على أنه بطل قومي لبناني بسبب اكتشافه لعدة خلايا تجسسية لصالح الموساد، مع العلم أن أغلب ما كشف عنه كان لحزب الله اليد في كشفهم والباقي جاء بطريق الصدفة لجهاز المعلومات اللبناني. ناهيك عن فبركة خلية ميشال سماحة - مملوك وجلبه للمتفجرات من سوريا بهدف عمليات اغتيال وتخريب لصالح النظام السوري، مع العلم أن لبنان هو ترسانة مافيا السلاح والمتفجرات بالمنطقة!!
لقد كان وسام الحسن كخروف العيد الذي يسمن كي يضحى به في زمن الحاجة!! حاله كحال جميع من سبقه من المغتالين من فريق 14 آذار. فمن قتله هو من سيجني ثمار عمله هذا، ولكن ما هو الهدف الذي أرادوا أن يحققوه من قتله في هذا الوقت؟! حرب جديدة على حزب!! الله معناه اسقاط الحكومة الحالية والذهاب الى انتخابات مبكرة....... أي تكرار سيناريوا قتل رفيق الحريري واقتناص جميع امتيازات هذا الاغتيال بشبه اكتساح لنواب 14 آذار في مجلس النواب ومن ثمة تشكيل حكومة من لون واحد، لكي تعيد ذات العمل الذي مارسته خلال حرب تموز 2006. فلا يصلح شن حرب جديدة يكون فيها القرار السياسي اللبناني غير متحكم به اسرائيلياً وأميركياً. كذلك بوجود حكومة غير موالية لفريق الدول العربية المنبطحة للمشروع الاميركي سيحرم تلك الدول على ممارسة الضغوط العربية على لبنان كي تسبغ قرارات مجلس الأمن المشروعية في أروقة جامعة الدول "النفطية".
.... فهل علمتم من اغتال وسام الحسن.....
التعليقات (0)