مواضيع اليوم

مدونة : سورما خانم ومشكلة التأشور في العراق ج1

الإسم : mowafak nisko

البلد : الدانمارك

سجل في : 2023-01-19 15:20:18

الجنس : ذكر

تعليقات : 0

من أنا : سورما خانم ومشكلة التأشور في تاريخ العراق- ج١ صورة سورما خانم https://www5.0zz0.com/2023/01/03/22/464840142.png تُعدُّ الآنسة سورما إيشاي (1883–1975م) شخصية مهمة لعبت دوراً رئيساً في تاريخ العراق، وقامت بدور ديني ومدني وعشائري وسياسي وعسكري أدى إلى أخيراً إلى أحداث سميل 1933م، التي على أثرها نُفيت مع ابن أخيها البطرك شمعون أيشاي وآخرين خارج العراق، كما لعبت دوراً مهماً بتعزيز الاسم الآشوري المخترع حديثاً من الإنكليز للسريان النساطرة، وأبرزت قضية الآشوريين سياسياً دولياً. ولدت سورما في قوجانس-هكاري/ تركيا سنة 1883م، وهي الأخت الكبرى لبطركي النساطرة شمعون 19 بنيامين إيشاي (1903–1918م)، وشمعون 20 بولس إيشاي (1918–1920م)، وعمة البطرك شمعون 21 إيشاي داود إيشاي (1920–1975م)، (ملاحظة: اسم شمعون يعني بطرس، وهو لقب كنسي يسبق كل اسم بطرك)، وسورما هي من عائلة أبونا التي استحوذت على البطركية النسطورية منذ سنة 1318-1976م وجعلتها وراثية في عائلتها، وسَبَبَ نظام الوراثة مشاكل حيث تم رسامة بطاركة ومطارنة أطفال لمحدودية العدد في عائلة أبونا، ورفض نظام الوراثة كثيرون من النساطرة وأخيراً أدت هذه المشاكل إلى انفصال أكثر من نصف النساطرة سنة 1553م وانتمائهم لكنيسة روما الكاثوليكية، وهي بداية الكثلكة في العراق، وهؤلاء المتكثلكين هم الذين أطلقت عليهم روما اسم الكلدان، وثبت اسمهم رسمياً في 5 تموز1830م، بينما سَمَّى رئيس أساقفة كانتربري الإنكليزي سنة 1876م الطرف النسطوري الآخر، آشوريين. تتلمذت سورما على يد الراهب الإنكليزي بروان الذي أرسله رئيس أساقفة كانتربري الذي سَمَّى النساطرة آشوريين لمساعدة السريان النساطرة، وعاش براون بين النساطرة في قوجانس قرب البطرك قرابة 25 سنة حتى وفاته في 14 أيلول 1910م، وكان صديقاً ومستشاراً للبطركين النسطوريين روبين بنيامين (1861-1903م)، وبنيامين إيشاي (1903–1918م) أخو سورما، وعاش بروان عيشة متواضعة نسكية، فكان يلبس ملابسهم ويأكل طعامهم وينام مفترشاً الأرض مثلهم، وبدا كأنه راهب من العصور الوسطى يعيش في القرن التاسع عشر، وأصبح عندهم كرئيس عشيرة يجتمعون إليه لحل مشاكلهم وخلافاتهم الدينية والدنيوية، ولاحظ براون أن النساطرة متمسكون بتقاليدهم الدينية والعشائرية، لذلك كان يُسايرهم في تفكيرهم، ويبشرهم بهدوء، ويحثهم على الابتعاد عن التقاليد الغربية والتمسك بالعادات والتقاليد الخاصة بهم بغية كسب تعاطفهم، ولم يضغط عليهم بترك مذهبهم النسطوري واعتناق مذهب الأنكليكان أسوةً بالمبشرين البروتستانت بقدر تركيزه على المسائل القومية وترك التسمية النسطورية مستعملاً معهم التسمية الآشورية، وقام براون بجهود كبيرة في تعليم الصغار القراءة والكتابة والمبادئ الدينية، وكان من طلابه كثير من أقارب البطرك روبين بنيامين من ضمنهم أبناء أخوته كالآنسة سورما إيشاي وأخوها بنيامين (البطرك بعدئذ)، ولإعجابه بشخصية سورما أطلق عليها لقب "السيدة، Lady"، وبناءً على ذلك سَمَّى الساسة الإنكليز سورما لاحقاً، "الأميرة الأثورية". (Reed, G. S, edition by J.M. Hornus, La mission de L'Archevêque de Cantorbery aupres des Assyriens, Cahiers d'etudes chretiennes orientales 6, 1967 جورج ريد، بعثة رئيس أساقفة كانتربري إلى الآشوريين، ص20–21. نشره المختص بتاريخ الشرق المؤرخ ميشيل هورنس+1982م، الدراسات المسيحية الشرقية 6، باريس 1967م). صورة سورما وأخيها مع الراهب بروان سنة 1897م https://www5.0zz0.com/2023/01/03/22/416086155.png وصل البطرك بنيامين إيشاي أخو سورما إلى البطركية في 30 آذار 1903م وكان عمره بحدود ست عشرة سنة، ثم اغتيل سنة 1918م على يد إسماعيل آغا سامكوا الكوردي، فخلَفه شقيقه بولس إيشاي وكان مريضاً بالسل يعيش في مخيم بعقوبة للاجئين في فأرسله الطبيب وليم يكرام الملقب بابي الآشوريين الجدد، ومساندهم القوي والمروج لاسمهم الآشوري إلى دير مار متى للسريان الأرثوذكس للنقاهة في صيف 1919م، وعاد وتوفي في المخيم سنة 1920م، فخلَفه ابن أخيه وأخو سورما البطرك إيشاي داود إيشاي، وكان هذا طفلاً صغيراً لم يتجاوز عمره اثنتي عشرة سنة (مواليد 1908م)، فأصبحت عمته سورما وصية عليه وتعزز دورها أكثر، وأصبحت لها مكانة مهمة في اتخاذ القرارات كنسياً وسياسياً، ومن طريف الأمور أنه أثناء رسامة أيشاي وهو في سن الثانية عشرة، قال شهود عيان إنه كان ينظر من الشباك بحسرة إلى زملائه الذين يلعبون خارجاً، وهاري جارلس الذي زار الموصل سنة 1925م وكتب كتاب "الموصل وأقلياتها"، تحدث عن الكنيسة النسطورية، وبدأ الفصل الخامس بعبارة طريفة، فيقول: لنترك بطرك النساطرة يلعب كرة قدم مع زملائه الأولاد في ساحة على مشارف الموصل، لكي نفهم كيف يمكن لفتى لاجئ من جبال هكاري عمره ستة عشرة سنة نراه رئيس واحدة من أقدم الكنائس المسيحية (هاري جارلس، الموصل وأقليتها، ص56 ،1925م Harry Charles Luke, Mosul and its minorities, London ). (وهذا هو البطرك المار شمعون المذكور في خطاب عبد السلام عارف 14 تموز). صورة البطرك ايشاي بعمر 12، و14 https://www5.0zz0.com/2023/01/03/22/832363103.png كانت سورما خانم قد نذرت نفسها للبتولية وتربت على يد المرسلين الأنكليكان خاصة الراهب براون منذ نعومة أظفارها، وكانت ذكية ومثقفة جداً، تقرأ لمشاهير الكتاب الإنكليز أمثال سكوت وستفنسن وغيرهما، ملمَّة بالمسائل الدينية ولاسيما اللاهوت الأنكليكاني، ذات شخصية حازمة وقوية، شديدة الشكيمة، صلبة الإرادة، بليغة الكلام والخطابة، متقنة للغة الإنكليزية بشكل مطلق، ولتمتعها بهذه المزايا وصفت بأنها حفيدة الملكة الآشورية الشهيرة شميرام، واستطاعت سورما أن تتميز وتتولى إدارة شؤون النساطرة من الناحية العملية زمناً طويلاً، فسافرت إلى عدة دول مثل سويسرا وإنكلترا وأمريكا وإيران وغيرها، وخاطبت وحضرت مؤتمرات مثل مؤتمر الصلح في باريس سنة 1918م، ومؤتمر عصبة الأمم المتحدة في جنيف سنة 1925م لعرض قضية الآشوريين على المحافل الدولية، وذهبت إلى إنكلترا بين سنتي (1919–1920م)، وحلت ضيفة على جمعية أخوات بيث عنيا، والتقت بعدة مسؤولين، وحضرت مناقشات مجلس اللوردات البريطاني بخصوص القضية الآشورية، كما حضرت في الكنيسة الأسقفية في لندن، وكان أسلوبها وخطابها بالإنكليزية مؤثراً جداً يجذب انتباه وإعجاب الحاضرين، بحيث صرح رئيس أساقفة كانتربري راندال توماس دافيدسن Randall Tomas Davidson (1903–1928م) في كانون الثاني 1919م مخاطباً المسؤولين الإنكليز بخصوص المسألة الآشورية قائلاً: هل تنتظرون أن يُرفع العلم التركي فوق مناطقهم؟، وفي مدة زيارتها لإنكلترا اهتم بها الإعلام الإنكليزي كثيراً، وكانت صورها بالزي التقليدي موضوعاً رئيساً لبعض الصحف تحت عنوان كبير هو آشور، وفي مدة وجودها في لندن في نيسان سنة 1920م ألَّفت كتاب (الكنيسة الآشورية وتقاليدها واغتيال مار شمعون)، قدَّمت وشرحت فيه تاريخ الكنيسة النسطورية وطقوسها، والمأساة التي يعانيها شعبها، واغتيال أخيها البطرك بنيامين إيشاي، وعَدَّت فيه أن النساطرة هم آشوريون، وكَتبَ تمهيد الكتاب رئيس أساقفة كانتربري دافيدسن بعد تقديم ابتدائي كتبه ويكرام، وطبعته مطبعة Faith Press في لندن، واستقبلت الجماهير البريطانية الكتاب باهتمام كبير خاصة دافيدسن الذي عَدَّ الكتاب وثيقة مفيدة للتعريف بالكنيسة الآشورية للجماهير البريطانية، ووصف دافيدسين سورما خانم بمستشارة الكنيسة الأنكليكانية وصديقتها الوفية (كليرويبل يعقوب، سورما خانم، ص172–173. الكتاب 114 صفحة، أعيد طبعه 100 صفحة، Vehicle، نيويورك 1983م)، وفي 3 كانون الثاني 1966م عندما كانت سورما منفية في أمريكا منحها رئيس أساقفة كانتربري آرثر ميشيل رامسي Michael Ramsey (1961–1974م) وسام "صليب القديس أوغسطين" تثميناً لمكانتها وصداقتها. بعد أن أطلق الإنكليز اسم الآشوريين على النساطرة، أطلق المبشر ويكرام على الآنسة سورما إيشاي لقب الخانم (ويكرام، مهد البشرية، ص356)، أسوةً بلقب lady الذي أطلقه الراهب براون عليها، وأيد هذا اللقب ملك بريطانيا جورج الخامس (1910–1936م) بناء على طلب زوجته ماري من تيك (1867–1953م)، وكلمة خانم تركية معناها السيدة ذات السيادة المطلقة، وعندما عُيَّن الكولونيل الإنكليزي جيرارد ليجمان حاكماً لمدينة الموصل سنة 1919م تحدث إلى سكان الموصل العرب قائلاً: عجيب أمركم يا أهل الموصل، إنكم لا تعرفون أصلكم، فانتم من أصول الأثوريين، فرد عليه أهل الموصل: وما معنى هذه الكلمة (أثوريين)، فقال ليجمان: إنني مستغرب من عدم علمكم بتاريخ أجدادكم، بكونكم أحفاداً للأثوريين الجبابرة الذين شيدوا مجد نينوى، عجيب غفلتم وجهلكم بتاريخكم القومي، فأنتم أحفاد الأثوريين والكلدان، فردَّ عليه أهل الموصل نحن العرب الذين تغنيتم أنتم بفلاسفتنا وشعرائنا وتراثنا، فقال ليجمان: لا، لا، أنتم أثوريون، فرد أهل الموصل: والله العظيم نحن عرب أبناء الخزرجين والأزديين وبني تميم وتغلب وقيس والمضريين والحمدانيين، أصحاب السيف والقلم، وبنو عقيل ومنا الأعشى التغلبي وأبو نواس وأبو فراس، ومنذ زمن عصر الفتوحات الإسلامية لم نجد في الموصل إلاَّ الفرس والمسيحيين الجرامقة (أقوام آرامية)، فقال ليجمان: شئتم أم أبيتم أنتم أثوريون، وانتم جهلة حمير لا تعرفون تاريخكم، نحن نفهم أكثر منكم، فرد أهل الموصل: اللهم حسبنا كل حساب، إلاَّ هذا الذي أتانا آخر يوم، ثم أوعز ليجمان إلى رئيس تحرير جريدة الموصل التي كانت تهتم بنشر أخبار البلاد، أن تُطلق على الآنسة سورما لقب صاحبة السمو الأميرة الأثورية سورما، وأن صاحبة السمو موجودة الآن في لندن لزيارة المراجع البريطانية بشأن الوعد الذي قطعه الإنكليز لمواطنيها بإنشاء وطن قومي للأثوريين الكلدانيين في شمال العراق، فاستغرب رئيس التحرير وكان مسيحياً كلدانياً، وأخذ يشرح لليجمان أنه لا يوجد قوم باسم الآشوريين، ولا يوجد أميرة لهم، وهؤلاء هم أكراد نساطرة، وأنهم ليسوا من الأثورية الكلدانية بشيء، وغالبية أهل الموصل يَعدُّونهم أكراداً مسيحيين، وكانوا دائماً ينظرون إليهم بشيء من الاحتقار، لذلك طرح هذا الاسم سوف يشكل شقاقاً بين أهل الموصل من المسلمين والمسيحيين، وبين المسيحيين أنفسهم، لكن ليجمان أصر على ذلك (يوسف يزبك، النفط مستعبد الشعوب، بيروت 1934م، ص232-237). وبتاريخ 5 حزيران سنة 1926م منحت الحكومة البريطانية سورما خانم وسام الفروسية البريطانية (Order of the British Empire) المعروف اختصاراً (OBE) مع عدة ألقاب فخرية، وهي المرة الأولى التي يتم فيها منح هذا الوسام لامرأة، وتم تقليد سورما هذا الوسام في مدينة الموصل في 3 شباط سنة 1929م. وشكراً/ موفق نيسكو- يتبع ج٢

تابعوني على :

معرض :

زوار المدونة : 874

مواضيع المدون

تحقيقات وتقارير (1 موضوع)

سورما خانم ومشكلة التأشور في العراق، ج2، أثَّروها فثوَّروها

سورما خانم ومشكلة التأشور في العراق، ج2، أثَّروها فثوَّروها أمَّا البطريرك إيشاي داود ابن أخي سورما خانم الذي تم تعيننه وهو طفل بعمر 12 سنة، فقد تم إرساله إلى إنكلترا سنة 1925م للدراسة في مدرسة القديس أغسطينوس تحت إشراف رئيس أساقفة كانتربري دافيدسن، وعاد سنة 1929م وهو في ريعان شبابه وكله حماس واندفاع لتكوين الأمة الآشورية الجديدة مطالباً الحكومة العراقية بالسلطتين الدينية والدنيوية، تساعده بذلك عمته القوية سورما خانم التي غَدت القائد القومي للآشوريين وأصبحت تلقَّب بالأميرة الآشورية، وهي التي تتصِل، ويُتصل بها من قِبل السياسيين العراقيين والبريطانيين والمحافل الإقليمية والدولية لطرح مشاكل وأمور طائفتها، وأصبحت تشرف وتقود الفصائل العسكرية المقاتلة، وقد تطرَّف البطريرك إيشاي في موضوع الآشوريين كثيراً واستأثر بآرائه الفردية لفرضها على رعيته، وتقدَّم بتشجيع من الإنكليز ومن الكنيسة الأنكليكانية بطلب إلى الحكومة العراقية لتشكيل دولة أو حبيسة آشورية بزعامته تمتد من مدينة كفري جنوب كركوك إلى ديار بكر شمالاً، وتشمل مناطق دهوك، زاخو، عقرة، العمادية، وغيرها، فدخل في مشاكل كبيرة مع الحكومة العراقية. في رد البطريرك إيشاي على برقية وزير الداخلية العراقي حكمت سليمان المرقمة 1104 في 28 أيار 1933م يقول: إن سلطة بطريركيتي تاريخية عظيمة واستعمالها موروث عن تقاليد الشعب والكنيسة الأثورية، وإنني لم ادَّعِ بالسلطة الزمنية، وإنما ورثتها من قرون مضت كتخويل قانوني من الشعب للبطريرك، وكان معترفاً بها رسمياً من قبل الملوك الساسانيين القدماء والخلفاء المسلمين ومغولي خان وسلاطين عثمان (عبد الرزاق الحسني، تاريخ الوزارات العراقية، ج3 ص271–272)، علماً أنه لا يوجد أي اعتراف تاريخي باسم الكنيسة الأثورية، من الساسانيين والمسلمين والمغول والعثمانيين، بل هناك اعتراف بكنيسة المشرق السريانية التي كانت تعرف باسم كنيسة فارس من الساسانيين، وباسم النساطرة من الخلفاء المسلمين، وهو اعتراف كنسي ديني فقط لا دنيوي، والبطريرك إيشاي داود وسورما خانم يعترفان بذلك، ففي الرسالة التي وجهها البطريرك إيشاي في 15نيسان 1952م إلى السفير البريطاني في واشنطن يقول: الآن لا بد أن نقول وكما تعلمون أن كنيستنا كنيسة عريقة، وعُرفت في التواريخ الإسلامية "بكنيسة النساطرة" (أرشيف الخارجية البريطانية، وزارة شؤون المستعمرات، ملف رقم PRO.F.O 371\98778)، وتقول سورما خانم بتاريخ 17 شباط 1920م في الرسالة التي وجهتها إلى وزير خارجية بريطانيا اللورد جورج كورزون George Curzon (1919–1924م) تطالب فيها حماية شعبها: سمحت لنفسي أن أكتب هذه الرسالة وأوجهها لسيادتكم لكوني ممثلة للآشوريين الذين عُرفوا رسمياً في السابق "بملّة النساطرة" (سورما خانم، ص117)، وفي اجتماع مع أتباع البطريرك إيشاي في الموصل بتاريخ 10 و 11 تموز 1933م، ردَّ وكيل متصرف لواء الموصل على طلب البطريرك إيشاي بالسلطتين الدينية والدنيوية قائلاً: ترغب الحكومة جداً في أن تعترف لمار شمعون برئاسته الروحية على الكنيسة النسطورية، فيكون بهذه الصفة حائزاً لنفس الصفات التي يتمتع بها سائر رؤساء المذاهب الدينية في العراق، والحكومة لا توافق أبداً بمنح المار شمعون إيشاي سلطة زمنية لأنها لم تمنح أية سلطة زمنية لأي رئيس من رؤساء العشائر الروحانيين في العراق (الحسني، تاريخ الوزارات العراقية، ج3 ص279). نتيجة تصلب البطريرك إيشاي في مواقفه انشق عنه بعض الآشوريين بقيادة أغا بطرس إيليا البازي (1880–1932م)، وملك خوشابا (1877–1954م)، اللذين كانا منذ السابق يعارضان توجهات البطريرك الانفرادية وتمسكه بالسلطتين الدينية والدنيوية، وكان شعار آغا بطرس الموجه للبطريرك، "الصليب لك والسيف لي"، علماً أن البطريرك إيشاي وجميع القوى السياسية الآشورية قبله لم يكن في مطالبهم مطالب دينية مسيحية بحتة واضحة مثل منح الحرية الدينية للمسيحيين أكثر، فتح معاهد دينية، تدريس الدين في المدارس، رفع بعض المظالم الدينية أو القانونية، مساواة المسيحيين مع المسلمين في كل شيء..إلخ، بل جميعها مطالب سياسية قومية باسم آشور فقط، وفعلاً فقد كان آغا بطرس وملك خوشابا يحملان فكراً سياسياً أكثر من البطريرك، حيث إنهما وإن قادا كفاحاً مسلحاً، لكنهما كانا عموماً يفضلان حل المشاكل مع الحكومة وتثبيت حقوقهم بطرق أكثر سياسية ومنطقية، واستطاع آغا بطرس أن يقيم علاقات جيدة مع الآخرين كالأيزيديين وغيرهم بغية كسب عدد من الأقليات إلى جانب قضيته، وعندما كانا يراسلان الهيئات السياسية كانت رسائلهما معتدلة ومنطقية وكانا يوقّعان باسمهما أو باسم المخلص أو أخوكم آغا بطرس أو ملك ياقو، بينما نجد أن البطريرك إيشاي وفي رسالته إلى رئيس لجنة الانتدابات الدائمة في عصبة الأمم المتحدة في جنيف في 16 أيلول 1932م يوقّع كالآتي: "سيدي لي الشرف أن أكون خادمكم المطيع"، وهو تعبير لا يليق برئيس أعلى لكنيسة. أخيراً فتشدد البطريرك إيشاي من جهة وخروج العراق من طائلة الانتداب البريطاني في تشرين الأول سنة 1932م من جهة أخرى، أعطى مسوغاً وفرصة ذهبية لقيام الحكومة العراقية كالأمير غازي ووزير الداخلية العراقي حكمت سليمان والقائد العسكري بكر صدقي بالهجوم على الآشوريين رغم عدم موافقة الملك فيصل الأول والسلطات المدنية على التعرض للآشوريين، ففي آب 1933م جرت احداث مروعة في مدينة سيميل قرب دهوك راح ضحيتها مئات الآشوريين، فضلاً عن تشريد آلاف آخرين، وتدمير قراهم وممتلكاتهم، وفي إشارة إلى النكبة التي حلَّت بالنساطرة بسبب قيام الإنكليز بتسميتهم، أثوريين، يُعلِّق كاهن كاثوليكي كان مع الكاتب اللبناني يوسف يزبك على أنقاض نينوى برفقة رئيس بلدية الموصل أحمد بك الجليلي، بعبارة يقول يزبك إنها أوقفت شعر رأسه هي: إن الإنكليز "أثَّروها وما زالوا بها حتى ثوَّروها"، أي أن الإنكليز جعلوا من النساطرة أثوريين إلى أن ثاروا، وجعلوا من سورما خانم (أثورية)، وظلوا يحقنونها بهذا السم حتى ثارت (يوسف يزبك، النفط مستعبد الشعوب، بيروت، 1934م، ص232–243). وعلى إثر تلك الأحداث قررت الحكومة العراقية نفي البطريرك إيشاي وعمته سورما واثنين من عائلته، فغادروا العراق إلى قبرص في 18 آب سنة 1933م، وفي طريقهم اجتمع أيشاي في فلسطين مع مسؤولين بريطانيين، وقيل إنه أراد البقاء في فلسطين لأنه من أصول يهودية من الأسباط العشرة التائهة من بني إسرائيل الذين سباهم العراقيون القدماء أيام دولة آشور ونبوخذ نصر،وهو من سبط نفتالي تحديداً، لكن اليهود لم يرحبوا به لأنهم يعتبرون النساطرة مرتدين عن اليهودية، ثم غادر إلى قبرص، وهناك طلب من أحد رجال الدين الألمان التوسط لدى هتلر باستعمال نفوذه لصالح الآشوريين، لكن محاولته، فشلت ثم سافر إلى لندن، واستقر أخيراً في ولاية سان فرنسيسكو الأمريكية. وقد وصف البطريرك إيشاي كثير من رجال الدين ورؤساء العشائر النسطورية التيارية(الآشورية)أنفسهم الذين كانوا ينشدون الاستقرار والعيش بسلام مع الجميع مثل، سركيس مطران جيلو وباز وريكان، المطران يوالاها، القس اوديشو، القس هرمز، ملك خوشابا وجكوكيو من روساء عشيرة تياري العليا، ملك نمرود، ملك خمو، ملك يونان، ملك زيا شمسدين، عوديشو إسماعيل شوا من رؤساء عشيرة باز، ملك مقصود في دهوك، وغيرهم في مناطق النساطرة، ووجه هؤلاء رسائل إلى عصبة الأمم المتحدة عَدُّوا فيها البطريرك إيشاي شاباً ضعيفاً، مغروراً ومشاغباً لا يمثلهم، بل يمثل عصابة شريرة عبثت بأمنهم وأمن الوطن في 18/8/1973م أعلن البطريرك إيشاي زواجه من الآنسة "إمامة" ابنة الشماس الإنجيلي شمشون شمعون، وكان عمرها أربعاً وعشرين سنة وأنجب منها طفلاً، مما أغاظ رعيته بكونه خالف نظام الكنيسة التي تُحرِّم زواج الأساقفة، فقام أحد أتباعه وهو داود ملك ياقو ملك إسماعيل بقتله في 6 تشرين الثاني سنة 1975م في مدينة سان هوزي، (كلمة ملك معناها رئيس العشيرة أو شيخ)، وعندما قُتل كان له طفل بعمر ثمانية عشر شهراً وكانت زوجته حاملاً بطفل ثان، وقد اتُهم أحد الأحزاب الآشورية بقتله بحجة أنه لم يكن متعصباً للآشورية كثيراً لأنه لم يُسَم كنيسته آشورية، وبعد شهر من وفاته توفيت عمته سورما خانم في 7 كانون الأول سنة 1975م، وانطوت صفحت عائلة أبونا وهي من سبط نفتالي التي تسلطت على بطركية السريان النساطرة منذ سنة 1318م، حيث خلف إيشاي البطرك دنحا الرابع الذي ينحدر هو أيضاً من الأسباط العشرة الإسرائيلية لكنه من خارج عائلة أبونا، وهو ربيب الإنكليز أيضاً، وهو أول من قام بتسمية كنيسته آشورية في التاريخ في 17 تشرين أول 1976م في اجتماع عُقد في لندن. وشكراً/ موفق نيسكو صورة رسالة الآشوريين إلى الأمم المتحدة يصفون بطركهم إيشاي أنه رئيس عصابة https://b.top4top.io/p_2572eazw81.png...

الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !