مواضيع اليوم

دار المسنين ،، اهانة أم اعانة ؟!!

عمر شريقي

2015-02-04 05:41:22

0

دار المسنين ،، اهانة أم اعانة  ؟!!

----------------------------------

* المسنة أم ابراهيم : أهكذا ينتهي قطار العمر بي !!؟

* المسن أبو الطيب : كان لي صولة وجولة بحياتي في أيام الشباب ،،

* اسكندر : رعاية الأبوين في شيخوختهما هو واجبٌ إنساني وأخلاقي .

* عمر سيد : وضع المسن في دار المسنين عيب كبير وجحود ونكران للجميل .

 

--------------------------------------------------------------------------

 

﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيّاَهُ وَبِاْلوَالِدَيْنِ إِحْساَناً إِمّاَ يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ اْلكِبَرُ أَحُدُهُماَ

أَوْكِلاَهُماَ فَلاَ تَقُلْ لَهُماَ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُماَ وَقُلْ لَهُماَ قَوْلاً كَرِيْماً  وَاخْفِضْ لَهُماَ

جَناَحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ ربِّ ارْحَمْهُماَ كَماَ رَبَيّاَنِيْ صَغِيْراً ﴾ (سورة الإسراء)

 

الموضوعات كثيرة والقصص غريبة  ، أهكذا ينتهي قطار العمر على الناس مثلما انتهى بكثيرين قبلهم، فبعدما ربّت الأم وسهرت وأعطت كل ما تملك لأبنائها من عمرها وشبابها منتظرة بفارغ الصبر أن يكبر، يوماً بعد يوم وساعة بعد ساعة, وكذلك الأب الذي أمضى حياته جاهداً من أجل لقمة عيشهم, يتنكر بعض الأبناء لآبائهم ، ويُرمى الأب وتُرمى الأم إلى درب مجهول . أي قدر يكتب على جبين الإنسان منذ ولادته ؟ فبعض الناس يولدون وفي أفواههم ملاعق من ذهب كما يقال، والبعض الآخر يبحث عن مأوى ليعيش فيه... هذا السؤال طرح نفسه خلال زيارة ميدانية لإحدى دور المسنين حيث سمعنا قصصاً مؤلمة.

ماذا قالوا؟ تابعوا معنا قصصاً وحكايات مؤلمة استمعنا لها ونحن نتجول في أروقة الدار، وحينما تسمعها يتبادر إلى ذهنك أولاً سؤال هل سيحصل يوماً لي هذا؟

دبي : عمر شريقي

-----------------------

شاهدت أم ابراهيم ( 75 )عاما تجلس وحيدة، تحدق بنافذة تبقيها مفتوحة علها تجلب لها امالا عاشت عليها منذ سنوات فهي بعد ان اوصدت ابواب الحب والعطف وغابت عن حياتها، تتمسك بمجرد نافذة تعلق عليها ما تبقى لها من احلام ،

سألتها أمي أنت سعيد أم حزينة فابتسمت وقالت : ان قلت لك سعيدة أكذب عليك ،، بكت وتنهدت وقالت : الحمد لله أنني مازلت أخدم نفسي وهذه نعمة من الله ، وسردت لنا ام ابراهيم حكايتها وكيف دخلت الدار ،،

قالت وهي تتساءل أهكذا ينتهي قطار العمر بي ، فبعدما ربّيت وسهرت وأعطيت كل ما أملك لأولادي وبناتي وشبابي  أنتظر بفارغ الصبر أن يكبر، يوماً بعد يوم وساعة بعد ساعة ولحظة بعد لحظة, جاهدة من أجل لقمة عيشهم, يتنكر أولادي ويُرمونني هنا ؟؟

وتابعت تقول : فبعدما أصابني المرض انزعجت زوجة ابني ، فطلبت من زوجها أن يخرج أمه من المنزل, لم تستطع تكملة حديثها وأجهشت بالبكاء, وعرفنا فيما بعد بأن ابنها أحضرها إلى هذا الدار طلباً من زوجته, هذه كتلك وتلك كغيرها,

أما السيدة أم سليم ( 68 ) عاما قالت: لا يرضى أي شخص في الدنيا أن يُحبس في دار لرعايته بعيداً عن أهله، ولكن في نفس الوقت لا أرضى أن أعيش في بيتي  ذليلة  وغير مرحّب بي , وبعد وفاة زوجي سافروا كل اولادي وبقيت هنا وحيدة حيث أشار لي أخي وشقيقي أن أبيع البيت ويعمل مشروع صغير وأسكن عنده ، وبالفعل بعت البيت وأعطيته لأخي وسكنت عنده وبعد حوالي شهر تقريبا بدأت زوجته تتأفف مني وتنزعج حتى وصل بها الأمر أن ضربتني وقالت لي بعلو صوتها أنت غير مرغوب بك معنا ، سكتت أم سليم وقالت بحرقة الام : أنا جئت بمفردي الى الدار ولله الحمد و أنا سعيدة جدا هنا وسامح الله أخي وأولادي الذين لم يسألوا عني منذ سنة ونصف تقريبا .

وعندما دخلت قسم الرجال شاهدت رجلا يصعب وصفه من شدة التجاعيد والتعب الظاهر على وجهه سألته ممكن نتعرف عليك يا عم قال : أنا أبوالطيب عمري 68سنة وشهرين  ،، كنت موظف وكان لي صولة وجولة بحياتي في أيام الشباب ،، سألته لماذا أنت هنا في الدار ؟ وهل أنت سعيد أم حزين فقال : كيف ترى ملامح وجهي ؟ قلت له أراه جميلا ،، فقال شكرا لك لأنك تجاملني والله أنا حزين من هذه الدنيا لأنها رمتني هنا مع العلم عندي خمسة أولاد وكلهم متعلمون أحسن تعليم لم يفكر أحد منهم يزورني لو بالشهر مرة ،،

ما فائدة الأولاد الذين يكونون لعنة على آبائهم  ولا أرضى عنهم ليوم الدين فبعد وفاة زوجتي أقنعوني أن أبيع البيت ويأخذ كل واحد منهم حصته وأنا أتنقل كل اسبوع عند واحد من الاولاد ،، وبالفعل هذا ما حصل أخذوا كل ما أملك حتى حصتي أنا أخذوها وبعد مرور شهرين أشار أحد أولادي لي أن يأخذني للدار بحجة أنني أتسلى وبالمقابل أزورهم ويزورونني ولكن في البداية رفضت الفكرة من أساسها حيث تعرضت لإغماء شديد مع ارتفاع في الضغط وبعد أن صحيت من الاغماء وجدت نفسي في دار المسنين ،، ليس عندي ما أقوله إلا حسبنا الله ونعم الوكيل .

وقبل أن أغادر سألته هل أنت سعيد حاليا أم لا أجاب : نعم انا حاليا سعيد جدا في الدار وحتى لو خيروني أولادي بالعودة لن أعود ولن أخرج من هذا المكان إلا وأنا ميت والله هو المنتقم من أولادي وأنا هنا أحس بالأمن والاطمئنان

 السيد عثمان لوسألته هل تتقبل فكرة دار المسنين أم ترفضها قال :

 بالتأكيد أرفضها جملة وتفصيلاً من ناحية وأتقبلها من ناحية كما نراها اليوم عند كثير من الناس، يوضع كبار السن في دور العجزة لمجرد دواعي الانزعاج والتضايق منه، أو رفض الزوجة أو الزوج السكن مع هذا المسكين، فمن مبدأ ضرورة ترابط الأسر وواجب رعاية القوي منها للضعيف فهذه الفكرة من هذا المبدأ مرفوضة تماما ، وأتقبلها من لم يجد معيلاً له عند هذه السن، فــ (الولي ولي من لا ولي له). فمن هذا المنطلق العاجز الذي ليس له دار ولا عائل فمن مبدأ التكافل الاجتماعي أن يوجد له مأوى يأوى إليه ومن يقوم برعايته وتلبية متطلباته ، وختم يقول : نعم أخاف يوما ما أن يكون مصيري كهؤلاء في الدار ودار المسنين ظاهرة منتشرة ومثيرة للجدل بصورة واضحةواغلب المجتمعات حالياً تثير الاستنكارويرفضونها معتبرينها شكل من أشكال العقوق للوالدين وهذا صحيح لأن قيمنا وأخلاقنا الاجتماعية والدينية تعتبر أن رعاية الوالدين جزء من رد الجميل .

فيما كان رأي السيد ضياء اسكندرمختلف عن الآخرين حيث قال : من حيث المبدأ أقول إن القيام برعاية الأبوين في شيخوختهما هو واجبٌ إنساني وأخلاقي غير قابل للجدل أو النقاش. وتحضّ عليه كافة الشرائع الدينية والوضعية. بالرغم من أن الجواب على هذا السؤال الصعب لا يمكن أن يكون قصيراً أو عاماً. فلكل حالة لها حكمها. ويختلف الجواب من مجتمع إلى آخر. وتبعاً للعادات والتقاليد السائدة فيه. فمثلاً شخص فقير يعيل أسرة كبيرة ومن بين أفرادها والده أو والدته العجوزين، واللذين يحتاجان إلى رعاية طبية وشخصية ونفقات وربما تفرّغ.. وإمكانية رعايتهما والاعتناء بهما من قبل هذا الفقير البائس، لن تكون بالمستوى المطلوب. أعتقد والحال هذه، أن وضعهما في دار لرعاية المسنّين مع القيام بزيارتهما بشكلٍ دوري.. يُعدّ أمراً منطقياً. لأن اللجوء إلى هذا الخيار يصبّ عملياً في مصلحة الطرفين.

مثال آخر: شخص ميسور الحال ولديه الإمكانية للقيام بكافة واجباته تجاه أبويه.. فالنتيجة مختلفة بالتأكيد عن المثال السابق.  وفي نهاية المطاف يعود الأمر لكل شخص تبعاً لظروفه وقناعاته ومنظومة قيمه. ومن الصعوبة بمكان فرض رأي نهائي قطعي بهذا الخصوص على أحد.

الاكتئاب والعزلة وانتظار الموت في دار المسنين

الاخصائي النفسي عمر محمد سيد قال:

يقصد بالمسنين تلك المرحلة العمرية التي بعد 60 عاماً والتي يتعرض خلالها الرجل أو المرأة بسلسلة من التغيرات الفيزيولوجية والمشاكل الصحية من ضعف في الإبصار والسمع والتعب وآلام الظهر والشكوى الدائمة من المرض ، ولأننا شعوباً تحافظ على التعاليم الدينية حيث وصانا الله تعالى في القرآن الكريم على المسنين من الآباء والأمهات في العديد من الآيات لذا  نجد أن معظم الأسر في عالمنا العربي تجد أن وضع المسن في دار المسنين عيب كبير وجحود ونكران للجميل من الأبناء إليهم حيث أنهم يستحقون الرعاية منهم وهم في الكبر رد للجميل لتعبهم معهم في تربيتهم ، في حين نجد أن قليل من الأبناء  ترى أن وضع الآباء والأمهات المسنين في دار للرعاية أفضل لهم لوجود إمكانات ورعاية أفضل في الدار من وجودهم معهم في البيت وهم منشغلين بعملهم وتربية أولادهم ولن يوفروا العناية الكافية لهم وبخاصة إذا كانوا يعانون من التعب الشديد والزهايمر   وللحقيقة نجد أنهم للأسف يزورونهم في البداية ثم يتركونهم داخل دار المسنين لا يزورهم أحد كأنهم كانوا كابوس وزال عنهم وهنا تتفاقم المشاكل الاجتماعية والنفسية لدى المسنين داخل الدار حيث بخلاف تقدمهم في السن وعللهم الصحية وتغير مكان الإقامة وسط أهلهم وعدم زيارتهم يجدون أنفسهم بين براثن الوحدة والعزلة والاكتئاب ويتخذون من دار المسنين مكاناً للبكاء على الماضي الجميل ويتذكرون كيف تعبوا في تربية الأولاد وهم الآن يتركونهم في دار العجزة فيشعرون بالإحباط والحزن كما تتحول سلوكياتهم فقط للعبادة حيث قراءة القرآن الكريم والصلاة وانتظار أمر الله فيهم بعد حزنهم واكتئابهم عندما يجدون أولادهم توقفوا عن زيارتهم .

  لو توغلنا في سيكولوجية المسن نجد أنه يحب أن يكون له دور في الحياة وكلمة مسموعة ويجد من يستمع له ويستمتع بالجلوس معه وبحكاياته القديمة واتخاذ مشورته في الأمور الحياتية ومدحه على تعبه معهم طول عمره ومدح الأم على  طبخها المتميز والحضور مخصوص لذلك وأخذهم في فسحة ترفيهية وتصويرهم كما يسعد المسن بإهدائه هدايا غير تقليدية مثل الحلويات والشيكولاتة بدلاً من إحضار الأدوية وخدمته فقط ، والأهم أن يكون في داره هو وليس في دار المسنين ، فهو يريد أن ينهي حياته في بيته وحوله أبناءه .

وقد أجريت العديد من الدراسات حول موضوع المشاكل الاجتماعية والنفسية بين كبار السن في دور المسنين والمقارنة بينهم وبين المسنين المتواجدين في منازلهم ويترددون على عيادات المسنين وقد أظهرت هذه الدراسات أن الاكتئاب والحزن والعزلة والشعور بالوحدة أكبر وأشد عند كبار السن المتواجدين في دور المسنين وبصورة أكبر وأشد في حالة وجودهم في دار مسنين غير منظمة ولا تهتم بهم بصورة كافية لتقصير من الممرضات أوقلة خبرتهم  وقلة إمكانات الدار وعدم وجود اهتمام بالجانب الترفيهي ويزيد الاكتئاب والحزن بصورة كبيرة عند توقف أبنائهم عن زيارتهم .

وتابع يقول :  أما عن نسبة المتقبلين لفكرة وجود المسن في دار للمسنين أعتقد أنها منخفضة في مجتمعنا الإسلامي حيث النظر لهذا التصرف من الأبناء ومن حولهم على أنه نكران للجميل وعيب كبير وخاصة أن الله سبحانه وتعالى وصانا بالوالدين عرفاناً لهما بالجميل .




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !