مواضيع اليوم

طبيعة جرائم ما يُسمون بـ ذوي الياقات البيضاء

جواد الحسن

2009-10-16 12:55:04

0

هناك مفهوم لا يختلف عليه اثنان , هو أن كافة المجتمعات في الشرق والغرب تحتوي على قدراً من القصور (المقصود) , يزيد أو ينقص فيما بينها , له تأثير سلبي على تقدم عمل المؤسسات الخدمية والفكرية . إذ لا يوجد على وجه الأرض ذلك المجتمع الفاضل الخالي من الفساد . وفي بعض البلدان أصبح استغلال الموظفين الحكوميين لمناصبهم لكسبٍ شخصي ومنفعة بغير وجه حق من الأمور المسلم بها , بل قد تصل إلى جعلها من أساليب الإدارة الفطنة! .
ولو عدنا بالذاكرة إلى الوراء قبل أكثر من عام , وبالتحديد يوم الاثنين 1 صفر 1428هـ , عندما اقر مجلس الوزراء الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد , والتي يأتي في مقدمة أهدافها الحماية بشتى صورها ومظاهرها , وتحصين المجتمع السعودي ضد الفساد , و تقليص الإجراءات وتسهيلها والعمل بمبدأ المسائلة لكل مسئول مهما كان موقعه وفقاً للأنظمة . هذه الاستراتيجية توضح بجلاء مدى حرص القيادة وقربها لكل ما فيه خير المواطن , وعلى قارئنا الكريم تلمس الفروق التي أحدثتها هذه الاستراتيجية الوطنية , ومدى فعاليتها بعد أكثر من حول على صدورها.
لاشك إن جرائم الفساد تتطور أساليبها أسرع , وتأخذ بعداً جديداً من تقدم الإجرام النوعي , و غالباً ما تأتي على شكل هرم يتسع نزولاً , وقد ذكرت كثيراً من الأدبيات صوراً من الإجرام المعاصر يأتي أخطرها على المجتمعات جرائم ذوي الياقات البيضاء , إشارة إلى أصحابها المتميزين في مجتمعهم , الذين لم تتمرق إيديهم بتراب العمل , وتعني أيضاً , أنها جرائم يرتكبها أشخاص محترمون في نظر الناس , لهم مكانة اجتماعية مرموقة عند تنفيذهم لواجباتهم الوظيفية , يحضون بالاحتفاء والتبجيل والإكرام , وتفرد لهم مساحات الحب والاحتضان .
ويقال أيضاً أن البروفيسور ساترليند هو من أدخل هذا المصطلح عندما تحدث أمام الجمعية الاجتماعية الأمريكية عن ظهور جرائم الصفوة بعد أن كانوا بعيدين عن دائرة السلوك الإجرامي , ولذلك كان يفسر السلوك الإجرامي قبل ظهور جرائم الصفوة بعوامل الفقر , وعوامل عدم التوازن النفسي الناجم عن قصور امكانات وقدرات الشخص على تلبية احتياجاته.
ويعتبر المجتمع الذي يتحدث عن تلك الجرائم في مصاف المجتمعات المتقدمة , إذ نادراً ما يأتي ذكرها في دول العالم الثالث إن لم نقول بحثها ودراستها , وإن حدث فقد لا تتجاوز صياغة إطار نظري قد لا يؤدي إلى فعل عملي , لأنها فريدة من نوعها لا يختص بها إلا القليل مع حجم تأثيرها الكبير , تقاس قيمتها حسب مكانة فاعلها , وهذا مكمن خطورتها , وصدق الشاعر الأمير عبد الرحمن بن مساعد عندما قال : (احترامي للحرامي .. صاحب المجد العصامي .. يعرق ويرجى المثوبة .. ما يخاف من العقوبة .. صار بالصف الأمامي .. ) .

 

طالب فداع الشريم
taleb1423@hotmail.com




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !