سياسة الباب المفتوح
إن الحياة البشرية متغيرة ورغبات الإنسان متطورة حسب الزمان والمكان , وإن تعقيد الحياة المعاصرة , وتضخم الإدارة الحكومية أدى إلى وجود فجوة بين المأمول من هذه الإدارة وواقعها من جهة , وبين العاملين فيها , وفي مقدمتهم ولاة الأمر , وكافة المواطنين من جهة أخرى , بصرف النظر عن شكل ونظام الحكم أو البيئة العقائدية أو السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية , مما حدا بالمواطن أن يبحث عن مخرج للمشكلات التي تواجهه , حتى لو لزم الأمر أن يذهب إلى أعلى الهرم في السلطة السياسية.ولاشك أن استقبــــال ولي الأمر للمواطن , وبصورة دوريــــــــة ومنظمة , ينعكس إيجابـــاً على الروح المعنوية والنواحي النفسية للمواطـــن , من حيث شعوره بالأمــان والطمأنينـــة , والقدرة علـــى عرض شكواه أو مظلمته أو مطالبه علـى أعلـــى سلطة بالدولة , وهذا مما يحقق معنى التواصل بين الراعي والرعية مصداقاً لحديث الرسول عليه الصلاة والسلام (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ... الحديث) متفق عليه [البخاري (8/104) ومسلم (3/1459)] .وبالتالي سوف ينعكس هذا المعنى في سلوك جميع القيادات المسؤولة العليا والوسطى والدنيا , كل في موقعه , بحيث لا يحدث تهاون في حقوق المواطن بأي درجة من الدرجات , وإلا فإن الإجراء المناسب لهذا التهاون هو الأمر الحتمي . وسياسة الباب المفتوح هي إحدى آليات التواصل المباشر بين الحاكم والمحكوم , والتي تجعل ولي الأمر قريباً من رعيته , يدرك همومهم ومشكلاتهم ويعمل على تخفيفها ويضع الحلول المناسبة لها , كما إنها تمثل من ناحية أخرى , فرصة لتبادل الآراء وإطلاع ولي الأمر , عن قرب , على المعضلات التي تواجــــــه المواطنيــن في حياتهم اليومية , والتوجيه باتخاذ الإجراءات الكفيلة بتحقيق الاستقرار والأمن للمجتمع . وإن التقاء المواطن ولّي الأمر وجهاً لوجه , في مقابلة مباشرة ليس فيها وسيط أو ناقل , بحيث يصل صوت المواطن مباشرة إلى ولي الأمر , ليتم من خلالها مناقشة الأمور المتعلقة بجوانب الحياة المختلفة , ويدور النقاش ويستمع فيه ولي الأمر إلى وجهة نظر المواطن , مما يمكن اعتباره نوعاً من المشاركة الشعبية في الحوار , بما يوجد أرضية صلبة للقرارات الصادرة من ولاة الأمر , فإذا اقترن ذلك بحرية التعبير وممارسة المواطن لدوره الشرعي في النصح , في الوقت الذي يلتزم فيه بالطاعة الواجبة , وتأكيداً لأهمية العدالة والحفاظ على المكتسبات والحقوق العامة والخاصة والثقة المتبادلة , فإن ذلك يمكن أن ينعكس في علاقة واضحة وصريحة , بما يخفف من أسباب التذمر وعدم الاستقرار , فيتحقق بذلك أحد أهم أسباب الأمن والسلم الاجتماعي , وتتدعم روح المواطنة والانتماء للوطن
طالب فداع الشريم
باحث أكاديمي سعودي taleb1423@hotmail.com 10/11/2007
التعليقات (0)