مواضيع اليوم

برنامج الرئيس في الميزان

وليد حلاق

2011-07-01 20:32:00

0

 برنامج الرئيس عباس في الميزان

 

في كل سانحة للحديث إلى الشعب الفلسطيني، يكرر الرئيس عباس القول بأن الشعب الفلسطيني انتخبه في العام 2005 بموجب برنامجه الانتخابي. ورغم أن حقيقة انتخاب الرئيس عباس لم تكن بهذا القدر من التسطيح الذي يتعمده الرئيس في وصف حقيقة الدوافع التي دعت الفلسطينيين إلى منحه الأغلبية في تلك الانتخابات، إلا أن الخطر يكمن في استخدامه المتكرر لهذه الورقة الزائفة في تمرير سياسات باتت تشكل تهديدا خطيرا لمستقبل الشعب الفلسطيني، بما تنطوي عليه من غياب للنهج الاستراتيجي في إدارة الملف الوطني، مصالحة ومفاوضات وعمل دبلوماسي في المحافل الدولية وفي إطار العلاقة مع الأطراف الإقليمية والدولية، أقل ما يمكن أن يقال فيها أنها سياسات ذات طبيعة تجريبية بعيدة كل البعد عن مقتضيات العمل بروح المشروع الوطني الفلسطيني الأمر الذي اتضح جليا في مطارحات الجزيرة- عريقات ووثائق دائرة المفاوضات.

وبغض النظر عن القدر الكبير من التزييف في زعم انتخاب الرئيس بموجب برنامجه، وجدت من المفيد العودة إلى هذا البرنامج كما هو منشور في الموقع الإلكتروني الرسمي للرئيس عباس، تحت رابط:

http://www.president.ps/general.aspx?id=43&T=e

ومحاولة عقد مقاربة قائمة على المضاهاة بين ما قيل وما حدث، بين ما وعد به الرئيس عباس في برنامجه الموسوم وما حصل على الأرض فعلا لا زعما أو قولا أو زورا.

وقبل الولوج في مقاربتنا المزمعة، يخدر  الملاحظة أننا نتعاطى برنامج انتخابي للرئيس عباس يقول هو أن الشعب الفلسطيني انتخبه بموجبه، ولو سلمنا بهذا الفهم للأساس الذي أعطي بناءا عليه الأغلبية الانتخابية للرئيس عباس في الانتخابات الرئاسية العام 2005، فهذا يعطينا الحق بأن نسجل أن الشعب الفلسطيني انتخب الرئيس عباس وفق هذا البرنامج لمدة أريع سنوات، وفق القانون الأساسي للسلطة الوطنية الفلسطينية، بمعنى أن صلاحية هذا البرنامج تنتهي بنهاية السنوات الأربعة، ولا يجوز أن يتم تمديد فترة الثقة لهذا البرنامج بحكم التمديد الاستثنائي للرئيس لدواعي خارجة عن إرادة الأطراف، قوى سياسية وشعبا، من انقسام وغياب آفاق إنهاءه.

1- في الوقت الذي يتحدث فيه البرنامج مطولا عن تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية، وتطوير منظمة التجرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، يجد الشعب الفلسطيني نفسه،ومنذ لسنوات أربعة خلت، أسيرا لحالة من الانقسام والتردي على مستوى الوحدة الوطنية، وحالة كاريكاتورية مضحكة وصلت إليها منظمة التحرير.

2-  يتحدث البرنامج المذكور عن مهمة وقف العدوان الإسرائيلي بكافة أشكاله على الإنسان والممتلكات والمقدرات، وما حدث تحت طائلة تنفيذ هذا البرنامج أن حربا تدميرية غير مسبوقة شنتها إسرئيل على قطاع غزة نهاية العام 2008، وعدوانا دائما على الولاية القانونية للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية على تآكل الحضور المعنوي للسلطة الوطنية الفلسطينية في الواقع وصلت بالرئيس عباس على التعبير عن هذا التآكل بقوله " أننا نمر من تحت بساطير جنود الاحتلال".

ولما تيسرت الفرصة السياسية المواتية لوضع حد للعدوانية الإسرائيلية بصدور تقرير غولدستون الذي يضع إسرائيل تحت طائلة الإدانة بارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية، أبلت قيادة الرئيس عباس في التلاعب في إدارة ملف هذا التقرير حتى أصبح وكأنه لم يكن، بدءا من تأجيل التصويت وزجه في معمعة خلافات فلسطينية داخلية وصولا إلى إجهاض مضمونه القانوني والحقوقي.

3- أما في البند الرابع، والمبوب تحت عنوان " التمسك بالسلام كخيار استراتيجي" وردن فقرة لافتة، بل قل أنها شاذة في مضمونها تشير إلى أن "ونؤكد هنا أن استعداد السلطة لبسط سيطرتها على أبه أرض فلسطينية يجلو عنها الاحتلال مرتبط بالحفاظ على الوحدة الجغرافية والقانونية لجناحي الوطن في الضفة والقطاع، وبأن يكون جزءا أصيلا من خطة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لجميع الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، ونؤكد رفضنا لأية اتفاقات مرحلية أو انتقالية"، وكأنه من جهة يبشر بمكروه محدق بوحدة الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، الأمر الذي تجسد انقساما برسم سياسات الرئيس عباس ومبضع الانقلابيين في حماس ومباركة الاحتلال. ومن الجهة الثانية، تشي هذه العبارة  وكأن أمر الوحدة القانونية والجغرافية بين الضفة والقطاع وفق تصور قيادة الرئيس عباس هي معطى مرهون بإرادات أخرى غير الإرادة الوطنية الفلسطينية!!!.

وزادنا الرئيس من القصيد بيتا، فأخذ يُعمل سياسات لا تستهدف إنهاء الانقسام بقدر ما استهدفت إدارته، فزادته تكريسا وتعمقا، مما سمح أن يكون للانقلاب إمارةً، ولأمرائه صولجانا وحكما.

 

4- وفي البند السادس وتحت عنوان " استنهاض طاقات شعبنا في مقاومة الاحتلال" تتحدث عن حشد طاقات الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال، مشيرا في نهاية المادة إلى "أن إطلاق الطاقات الهائلة للجماهير لمقاومة سياسات الاحتلال ضد شعبنا وحقوقه ومقدساته الإسلامية والمسيحية، يشكل مهمة أساسية، لتحقيق أوسع اصطفاف وطني وتعبئة شعبية في شغبنا لنبل الحرية والاستقلال وحقوقنا الوطنية الثابتة". هذا هو القول، فماذا كان الفعل:

- اتخاذ سياسات وإجراءات أفضت إلى سيطرة حماس على قطاع غزة، وولادة الانقسام الفلسطيني.

- تبني سياسات تجاه الانقسام لا تستهدف إنهائه بقدر ما استهدفت إدارته، مما كرسه وجعله حاضرا أساسيا في المشهد الوطني الفلسطيني.

-  خطوة تأجيل التصويت على تقرير غولدستون، ، الذي أثخن في الشارع الوطني، وأضاف مادة تفتيت إضافية في الصف الوطني.

- حالة الإرباك التي ترتبت على إدارة ملف المفاوضات- ملف الاستيطان- اللجوء إلى الأمم المتحدة، حتى التلميح بحل السلطة الوطنية، المر الذي زاد الشارع الوطني ارتباكا وتفتيتا.

- التعاطي المسرحي مع حالة المقاومة الشعبية، مما حولها إلى نشاط نخبوي موسمي هامشي، ما أبعده عن روح المشاركة الجماهيرية الواسعة كشرط موضوعي لتحويله إلى فعل كفاحي مؤثر سياسيا.

- يبدو أن القيادة لم تطمئن إلى حالة من الاصطفاف الجماهيري القادر على الفعل الكفاحي الوطني المؤثر سياسيا، لإدراكها أن هذه الحالة من الاصطفاف يمكن أن تحول الجماهير إلى قوة تأثير حاسمة في سلوك القيادة الأمر الذي لا يتلاءم مع العقلية السلطوية والإقطاعية لهذه القيادة.

 

ختاما، أعتقد أن الرئيس عباس في محاولته لربط المشروع السياسي للقيادة الفلسطينية من خلال الحديث عن برنامجه الانتخابي في محاولة الاستئثار بالعمل السياسي الفلسطيني، إنما يرتكب خطأين أساسيين:-

1- الخطأ الأول، أن الناس أصلا لم ينتخبوا الرئيس عباس وفق هذا البرنامج، بل انتخبته كونه في الأساس مرشح لحركة فتح بجماهيريتها الطاغية في المجتمع الفلسطيني. فلم ينتخب الرجل بحكم ما قال، ولم ينتخب لشخصه الكريم، بقدر ما انتخب وفاءا للحركة الأقرب إلى الوجدان الوطني الفلسطيني.

2- الخطأ الثاني، أنه تذكير للجماهير ببرنامج الرئيس الانتخابي، وبالتالي يضع بين يديها وثيقة إدانة ناجزة لفترة حكم الرئيس عباس، للهوة الكبيرة جدا بين ما قاله الرجل وما حدث فعلا في ظل حكمه. فهل الرئيس يريد فعلا أن يقول للشعب الفلسطيني أنه جاهز للمحاسبة عن مرحلة حكمه بما غصت به من كوارث وطنية غير مسبوقة؟

فهل أدرك الرئيس عباس كم أن أمر برنامجه هي حجة عليه وليس له؟ وهل سيعود الرجل عن غيه ويعود إلى العمل بموجب مفاهيم العمل الجماعي الذي لا تحتمل القضية الوطنية سواه سبيلا للعمل الجاد والمثمر والقادر على التقدم نحو تحقيق أهدافه.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !