علاش ولدتوني ؟؟؟
رحمك الله يا أبي … لطالما كان يقول لي :" كثرة الصحاب كتخليك بلا صاحب " … هذه الكلمات التي لم أعرها أي اهتمام لأنني كنت أراها وأنا في سن المراهقة مجرد كلام فارغ ، أو توجيهات من وحي التراث قد أكل عليها الدهر وشبع ... .
أحيانا ، حماس الشباب وقوة البدن وانتفاخ العضلات و ... أشياء أخرى تجعلنا نحس دائما أننا على الطريق الصائب ،وأن كل من يختلف معنا أو يوجهنا فهو على خطأ وفي ضلال مبين … . حتى لو كان أحد الوالدين.
الله يهديك أالواليد (ة)... ماعندك ماتعرف (ي) ...هذه هي الكلمات التي كنت أجيب بها عند كل توجيه ... لأنني وقتها كنت أنا هو العالم ووالداي لا يعلمان و لا يفهمان ولا يفقهان شيئا ... أثور وأخرج وأقفل الباب بقوة تجعل الباب تشتمني... وعلى لساني كلمات تستحيي الحمير أن تسمعها ... لأوقع رسالتي الثائرة بالسؤال التقليدي لدى المراهقين أمثالي ... علاش ولدتوني ؟؟؟ ...سؤال لا أظن أن أحدا من الشباب أغفل طرحه على والديه...هذا السؤال لكثرة ما كنت أطرحه ... أصبح لازما في حواراتي مع والداي ... حتى أنني ذات يوم وجدت أخي في المرحاض وقد تأخر في قضاء حاجته لأنها صادفت موسم جني "الهندية" ... فذهبت ثائرا إلى أمي ...
ـ واش هاد خينا غادي يسكن فبيت الما راه ريحتو عطات ؟؟؟ ( شرف الله أنوفكم)... علاش ولدتوني منين دايرين غي طواليط وحدة فالدار ؟؟ . سؤال يطرح في كل صغيرة وكبيرة .
علاش ولدتوني ؟؟؟ ... سؤال أشعل ذات ليلة فتيل الربيع العربي في قلب أبي وأجابني ثائرا :
- لو كنت أعلم أنك ستكون على هذا الحال لتأكدت من أن الواقي الذكري غير ممزق قبل أن أستعمله في تلك الليلة المشؤومة .
اليوم وقد مرت مرحلة المراهقة ورحل والدي عن الدنيا ... أجلس أحيانا لأسترجع ذكرياته ...فلا أتذكر منها إلا الكلمات الذهبية التي بقيت خالدة في ذهني ... وأضحك مستهزئا مني ..لأنني وصلت إلى الوعي الكامل بأن كلمات أبي كانت على جق . وأن "علاش ولدتوني ؟؟" .. كان سؤالا لا يحتاج إلى جواب بقدر ما كان يحتاج إلى القليل من الصواب.
رحم الله آباءنا وغفر لنا بعدد ما قلنا لهم : " علاش ولدتونا ؟؟"
التعليقات (0)