مواضيع اليوم

من وحي فيديو رقيب الأمـن المـزيـّــف

مصـعـب المشـرّف

2018-12-18 19:47:20

0

 من وحي فيديو رقيب الأمن المزيف

مصعب المشرّف

18 ديسمبر 2018م

تداولت وسائط المعلوماتية بقوة طوال أمس واليوم نبأ إلقاء القبض على السائق الخاص لإحدى الأسر الثرية . وذلك على خلفية بثه عدد من مقاطع الفيديو ، وهو يحمل مسدساً بعد أن إنتحل صفة رجل أمن برتبة رقيب أول ؛ وطفق يهدد المواطنين داخل وخارج الوطن بالقتل الميداني في حالة نزولهم إلى الشارع إحتجاجا على الغلاء والحالة المعيشية المتردية.

جاءت مقاطع الفيديو تلك إستفزازية فعلاً .. ولكنها كانت أيضاً تنبيء عن أن بطلها لم يكن مخولاً بما كان يردد من تهديدات مكشوفة لايمكن تصور أنها تصدر من أفواه قيادات أو ضباط صف وجنود في أجهزة رسمية نظامية دستورية ؛ لاسيما وأنها تتجاوز في مجملها وتفاصيلها الأجواء التي سادت البلاد مؤخراً عقب الحوار والإنفراجات اللاّبأس بها في جانب حرية التعبير السلمي عن الرأي.

كذلك كان لجهة تصوّر هذا السائق الخاص مشاركة المغتربين في هذه الإحتجاجات المفترضة . فقد تبين من خلال تهديداته وهو يلوح بمسدسه أنه يظن أن المغتربين سيفدون إلى البلاد بالطائرات والبواخر واللواري السفرية من الخارج زرافات ووحدانا للمشاركة... وهي بالطبع علامات وأدلة سذاجة منه ودروشة لم يسبقه إليها أحد.

على أية حال .. فإنه طالما أن الشئ بالشيءِ يُذكر . فلابد من التأكيد هنا أن الشعب السوداني في الداخل لو أراد أن يخرج في تظاهرات وإحتجاجات ؛ وحتى خروج البعض المتفلت لإحداث أعمال شغب وتخريب للممتلكات العامة والخاصة ... أقول لو أرادوا ذلك لخرجوا ولما أوقفهم مانع أو أخافهم مخيف.

ولكن الشعب يحجم عن الخروج لأسباب طرأت على الوضع السوداني الراهن بما يختلف عن تلك الأوضاع والظروف الجيوسياسية والأمنية التي كان عليها الحال أبـان ثورة 21 أكتوبر 1964م المجيدة ؛ وإنتفاضة أبريل 1985م......... تلك الفترة من الثورة والإنتفاضة لم تكن هناك محاذير من أن تعم الفوضى العاصمة وسائر أنحاء البلاد ... فلم تكن الأنيانيا بقيادة جوزيف لاقو على نحو من الإمكانات والتسليح واللوجستيات بما يمكنها من ترك الغابات والزحف في العراء للسيطرة على الخرطوم والوسط والشمال .. وكذلك لم تكن ما كانت يسمى بالحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة جون قرنق تمثل تهديداً جديا للشمال برمته ؛ بـقدر ما أنها كانت تتمترس في أرضها ومجالها الحيوي ..... ولأجل ذلك خرج الشعب إلى الشارع وهو يأمـن ما قـــد يــأتيه من ظهره.

اليوم إختلف الحال عما كان عليه الأمر من قبل .... فبعد تجربة حركة العدل والمساواة الفاشلة لغزو الخرطوم والإستيلاء على الحكم في 10 مايو 2008م .... والتي لازالت أجندتها ماثلة . فقد أصبح لدى الشعب هاجس مشروع من أن تتكرر المحاولة من هذه الحركة أو تلك ؛ ويجري تكريس حكم في الخرطوم بقناعات أقليات عنصرية جهوية ؛ والإستباحة وإرتكاب المجازر، ونصب المشانق والإنتقام من مواطن الوسط والشمال.

كذلك لاتزال جرائم الإغتصاب ومجازر أبو كرشولا والتدمير والتخريب الممنهج في أم روابة وكوستي وغيرها من جانب مليشيات دارفورية ماثلة للعيان...ومن ثم فإن الذي لم يمنعهم خارج العاصمة لن يحول بينها وبينهم داخلها في حالة لو مهد لها المواطنون المحتجون الطريق ومنحوهم دون وعي منهم الشرعية الثورية للتدخل بـزعم إسقاط النظام القائم.

المسألة إذن ليست كما يقول البعض ويتساءل من هو البديل لعمر البشير؟ ... المسألة والمعادلة أصبحت أعقد من تلك المقولة بكثير.... وبحسب تقديري المتواضع فإن 95% من أسباب إستمرار حكم الإنقاذ وحكم البشير للبلاد إنما  كان وسيظل هو وجود هذه الحركات المسلحة في المناطق الثلاثة....... ولأجل ذلك يرفض الشعب النزول إلى الشارع ، وتنادي العديد من الأقلام الأسفيرية الحرة المستقلة بعدم منح الفرصة لهذه الحركات المسلحة غير النظامية ذات النزعات والقناعات الإستباحية .. بعدم منحها الفرصة المواتية للزحف نحو الخرطوم وتدمير أسس الدولة وأعمدتها.

والذي يعزز من هذه الهواجس أن كافة الحركات المعارضة المسلحة لاتقدم حتى يومنا هذا أطروحات وبرامج عمل سياسي .. ولا يصدق أحد أنها ستؤسس لنظام حكم دبموقراطي ؛ وهي التي لا يحتمل قادتها ولا كوادرها الإعلامية مجرد النقاش مع الغير والإستماع إلى الرأي الآخر . ويسارعون إلى الثوران والإنفجار والتهديد والوعيد بالويل والثبور على منصات التواصل وليس أمامهم سوى مفاتيح الكيبورد .. فما بالك لو حمل هؤلاء غــداً أسلحة وخزائن جبخانة في أيديدهم وصادفوا معارضيهم وجها لوجه؟

كذلك لايخفى على أحد وجود مخططات لتنفيذ مؤامرة شعوبية زنجية العرقية تستهدف العرقية العربية السودانية في طول البلاد وعرضها .. وهي خطة لايخفيها يوري موسيفيني اليوغندي ، وقيادات ما كان يعرف بالحركة الشعبية لتحرير السودان الحاكمة اليوم في دولة جنوب السودان. وبما يكفل إعادة سيناريو أحداث رواندا العرقية بين التوتسي والهوتو.

إن بعض تلك الأسباب المذكورة أعلاه تكفي كي يتردد الشعب في النزول إلى الشارع . فما بالك إن كانت جميعها ماثلة؟       




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات