مواضيع اليوم

لبنان الدولة المختطفة

لبنان الدولة المختطفة

بقلم د.محسن الصفار

لم تكن مواقف المملكة العربية السعودية وشقيقاتها من دول الخليج العربية تجاه لبنان وليدة اللحظة بل نتاج تراكم لسنين من المواقف العدائية ضد دول الخليج العربية من بلد تلقى مليارات الدولارات من المساعدات والهبات من هذه الدول على مر السنين دون اي مقابل وكان يفترض به ان يكون على الحد الادنى من العرفان بالجميل ونحن هنا نتكلم طبعا عن الموقف الرسمي الحكومي اللبناني وليس الشعب الذي نكن له كل احترام وتقدير .

ولكن هل حقا لبنان يملك قراره هل هناك حقا دولة او حكومة ذات سيادة في هذا البلد قادرة على التصرف بما يتناسب ومحيطها وكيانها العربي ام مجرد حكومة ظل ضعيفة تتخذ قرارتها ومسدس ميلشيات حزب الله مصوب الى رأسها كي تكون مواقفها بما يتناسب مع رغبات الحزب وراعيته ايران ؟

مسألة اختطاف القرار السياسي والعسكري اللبناني من الدولة وانتقاله الى حزب الله يعود الى سنين خلت منذ ان بدأ هذا الحزب بتكديس السلاح بكميات هائلة بمساعدة ايران والنظام السوري بذريعة مقاومة الاحتلال الاسرائيلي وكان هناك تفهم لهذه المسالة لبنانيا وعربيا ولكن بعد انسحاب اسرائيل من لبنان عام 2000 استمر الحزب بتكديس السلاح دون مبرر مما اثار حفيظة اللبنانيين والعرب خصوصا وان الحزب بدأ يستعمل لهجة التهديد في اي خلاف مع الفرقاء اللبنانيين وبدأت الحكومة تعترض على كون الحزب يمنع الجيش اللبناني من الوصول الى الحدود الدولية مع اسرائيل ويمنع تحليق طائرات الجيش فوق مواقعه بل وقام باسقاط طائرة عمودية للجيش اللبناني كما ان الحزب انشأ شبكة اتصالات هاتفية سلكية تمتد في عموم لبنان بمعزل عن شبكة الهاتف الحكومية اما عاصمة دولة حزب الله الضاحية الجنوبية فانها امنيا تحكم من قبل اجهزة الحزب الامنية ويمنع على الشرطة اللبنانية دخولها الا بتنسيق مع الحزب كما ان عناصر الحزب والموالين له يراقبون المطار ويرصدون حركة الداخل والخارج اليه .

وعندما تم اغتيال الشهيد رفيق الحريري رئيس وزراء لبنان الاسبق في انفجار مروع تبين ضلوع حزب الله فيه لاحقا قام الحزب بتشكيل جبهة اسميت 8 اذار لمواجهة الغضب الشعبي الذي دفع بالنظام السوري للانسحاب من لبنان تماما ومنذ حينها دأب الحزب على تعطيل عمل الحكومات التي تشكلت ومصادرة قرارها وجعل نفسه وصيا وقيما على لبنان حكومة وشعبا بالوكالة عن النظام الايراني .

في عام 2006 قام الحزب بعملية عسكرية طائشة ضد اسرائيل دون التنسيق مع اي جهة مدنية او عسكرية لبنانية وكان رد الفعل الاسرائيلي مدمرا وادى الى ضياع الاف الارواح وخسائر بمليارات الدولارات للبنان دون اي نتيجة ملموسة تعود بالنفع على لبنان من هذه العملية العسكرية .

و مع بدء الثورة السورية تدخل حزب الله بشكل مباشر وعلني لمساندة النظام السوري ضد شعبه وخاض معارك عديدة الى جانب هذا النظام بل واصبح رأس الحربة في العمليات العسكرية ضد الثوار .

كما تدخل حزب الله بشكل سافر في الازمة البحرينية من خلال تدريب ارهابيين وتسخير قنواته الاعلامية للتحريض ضد مملكة البحرين وقيادتها الرشيدة وبث الاكاذيب حول الوضع الامني في البحرين

وتدخل حزب الله في اليمن الى جانب ميليشيات الحوثي تدريبا وتجهيزا وقيادة ضد الحكومة الشرعية وضد التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية .

اما سياسيا فقد قام الحزب بالضغط على الحكومة اللبنانية كي تتخذ موقفا شاذا ضد الاجماع العربي في ادانة الاعتداءات الوقحة على سفارة اللملكة العربية السعودية في طهران .

كل هذا ومواقف اخرى كثيرة اظهرت وبينت ان القرار اللبناني بشقيه السياسي والعسكري مختطف ورهينة بيد حزب الله وان رغبة المملكة العربية السعودية في تسليح الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي من خلال هبة قيمتها اربعة مليارات دولار ستنتهي في يد حزب الله بشكل مباشر او غير مباشر في ظل غياب تام للدولة اللبنانية المستقلة عن المشهد السياسي خصوصا وان هذا البلد عاجز عن انتخاب رئيس جمهورية منذ اكثر من عام بسبب تعنت الحزب وحلفاءه .

ان الموقف الذي اتخذته المملكة العربية السعودية وايدته دول الخليج هو موقف حازم ومشروع يهدف الى وضع حد لارتهان القرار اللبناني بيد عملاء ايران ويهدف الى منع تحول لبنان الى قاعدة ايرانية تصدر من خلالها الارهاب والعنف والطائفية الى المنطقة برمتها وان الهدف منه تمكين الشرعية اللبنانية وليس محاصرة الشعب اللبناني الذ تربطه بالخليج اواصر المحبة منذ الازل .

نريد لبنانا مستقلا ذو حكومة وطنية وجيش وطني  يحتكر السلاح بيده ويتولى الدفاع عن لبنان داخليا وخارجيا ونريد مواقف سياسية منسجمة مع الاجماع العربي ونريد لبنانا كما كان دوما مصدرا للابداع والادب والفن والثقافة والعلم وليس مصدرا للارهاب والعنف والطائفية .

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات