مواضيع اليوم

روسيا العدو الحميم لامريكا

روسيا العدو الحميم لامريكا

بقلم د.محسن الصفار

العنوان ليس خطأ لغويا رغم ان العدو لايكون حميما بل لدودا ففي اخر خطاب للرئيس الامريكي باراك اوباما عن حالة  الاتحاد قبل ترك المنصب في العام القادم اشار الى داعش على انها لا تشكل خطرا وجوديا للولايات المتحدة والخطر الوجودي الذي يقصده الرئيس الامريكي هو ان داعش لا تمتلك قدرات لتدمير امريكا عسكريا او تهديد سيطرتها وهيمنتها على العالم عسكريا او اقتصاديا وبالتالي فأن داعش ليست الغريم الرئيسي للولايات المتحدة في العالم وان كانت تعتبره خطرا على الامن والسلم العالميين .

ان الخطر الوجودي ليس عبارة سهلة في قاموس امريكا السياسي فالاخطار الوجودية هي التي تحدد السياسة الخارجية والاقتصادية من خلال حجم الانفاق العسكري السنوي والذي بدوره يحدد قوة الاقتصاد والانفاق نظرا لان القوات المسلحة الامريكية تستاثر بحصة الاسد من الميزانية العامة الفيدرالية ويعتبر الجيش الامريكي بفروعه المختلفة اكبر موظف في الولايات المتحدة مع مئات الاف الضباط والمجندين ومئات الاف الوظائف المساندة لهم والاف المصانع التي تنتج السلاح والذخيرة لهم .

و منذ انتهاء الحرب العالمية وسقوط المانيا النازية وحليفاتها كاكبر خطر وجودي على امريكا نتج عنه سقوط القوى التقليدية في اوروبا وظهور امريكا كاكبر قوة في العالم تبنت بعدها سياسة اعتبار الاتحاد السوفياتي كاكبر خطر وجودي وبدا سباق تسلح بين القوتين العظميين افرز انتاج وتطوير اخطر الاسلحة النووية والتقليدية في العالم على مدى عقود من الزمن اسهمت في تطوير صناعات الفضاء والطيران والسفن والالكترونيات في الولايات المتحدة وابقت مصانع السلاح نشطة دون توقف .

وعندما سقط الغريم الوجودي في عام نهاية القرن الماضي اخيرا تحت وطأة الضغط الاقتصادي افتقدت الولايات المتحدة وجود غريم بثقل الاتحاد السوفياتي يبرر الانفاق والتطوير العسكري ولم تنجح المحاولات في تصوير الصين او العراق او ايران او كوريا الشمالية كاخطار وجودية تبرر عشرات حاملات الطائرات والاف الصواريخ النووية وغيرها من الاسلحة الاستراتيجية ولان الاقتصاد الامريكي لايتحمل خفض الانفاق العسكري فقد كان لزاما العثور على عدو وجودي يكون على مستوى التحديات وبسرعة فكانت روسيا الخارجة للتو من معمعة انهيار الاتحاد السوفياتي وما رافقها من فساد وانهيار لمؤسسات الدولة ونزعات انفصالية ونهب للمال العام بشكل لم يسبق له نظير في التاريخ الضالة المنشودة لهذا الغرض .

فالقيادة الروسية متمثلة ببوتين بعد ان انتهت من اعادة ترتيب البيت الداخلي الروسي بدأت بالمطالبة بدورها العالمي كقوة عظمى ذات قدرات نووية هائلة  وبدأت من اوروبا الشرقية وخصوصا اوكرانيا التي تعتبرها الفناء الخلفي لروسيا ودخلت في حالة صدامية مع الغرب الذي شجعها على ذلك بشكل خفي واتبعت روسيا عمليات البلقان بالدخول المباشر في سوريا والوقوف بوجه الغرب داعمة نظام الاسد بكل قوة .

ان روسيا اليوم وبتشجيع امريكي بدأت باستعادة دورها كتهديد وجودي للولايات المتحدة مما يضمن للاخيرة عقودا من التطوير والتوسع والانتاج العسكري الذي يعزز هيمنتها على العالم باسره تحت شعار الامن القومي الامريكي لذا  يجب ان ندرك كعرب ان السياسة الدولية تحكمها المصالح وليس الصداقات وبالنسبة للولايات المتحدة لايفرق ان تكون مصالحها عند عدوها او عند صديقها المهم هو تامين المصالح القومية الامريكية .

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات