مواضيع اليوم

بـلــى .. كـان الســادات أضـكـــر مـــوتــاهـــم

مصـعـب المشـرّف

2018-10-06 13:15:46

0

 بَـلَـــىَ  .. كان السادات أضكَر موتاهم

مصعب المشرّف

6 أكتوبر 2018م

من النادر ... أو ربما العدم ؛ أن يصادف يوم إنتصار تاريخي لقـائد إستثنائي ..... أن يصادف يوم مماته.

ولكن السادات كان نسيج وحده في كل شيء . فصادف يوم نصره وبعثه لشعبه من تحت الرماد ... صادف يــوم وفاته رحمه الله.

يصادف اليوم السادس من أكتوبر الذكرى السنوية لنصر أكتوبر 1973م الذي إستعادت فيه مصر كرامتها وعزتها. وارتفع رأسها شامخاً من جديد وسط الأمم ..

وقد كان الفضل في ذلك بعد الله عز وجل لرجل مصري من رحم أم سودانية هو محمد أنور السادات . الذي اتخذ قرار الحرب الصعب في ظروف غير مواتية على الإطلاق ؛ لم تكن تخطر على ذهن أحد في العالم آنذاك ، بمن فيهم المخابرات الأمريكية والموساد والكي جي بي ؛ اللذين  كانت تحلف بإسمائهم جميع أجهزة إستخبارات العالم... والساسة.

وحطم السادات في طريقة أسطورة "خط بارليف" ، الذي كانت إسرائيل تتباهى به أمام العالم .. وأدجره البعض ضمن قائمة جينيس للأرقام القياسية .... فإذا به يتحول على يد السادات إلى رقم ضائع . ومجرد حائط من كراتين تغطيها ملصقات دعائية ورقية.


وعلى وقع نصر أكتوبر 73 الذي جاء به السادات . إستيقظ الشعب المصري من غفوته وسباته العميق الذي كان في ظلال هزيمة يونيو 1967م .. وليستعيد ثقته بنفسه . ويعلم أنه عاد شعبا جديراً بالحياة ، وآن له أن يستعيد السعي في رِكابها.

ولكن العجب كل العجب أن لا يجد الراحل محمد أنور السادات المقام والإنصاف والتقدير الذي يليق به أثناء حياته أو بعد مماته..... وبحيث لا يمكن غض الطرف عن واقع أنه لم تكن له مِعشـار تلك الشعبية وسط المصريين والكاريزما التي توفرت لسلفه جمال عبد الناصر. على الرغم من أن عبد الناصر هو الذي أغرق مصر في هموم الغير ؛ وفشل مشروع وحدته مع السودان ، ومشروع وحدته مع سوريا .... وتعرض جيشه لهزيمة بحجم الفضيحة في اليمن ... وتسبب هو وصديقه عبد الحكيم عامر في هزيمة يونيو 1967م المفصلية النكراء.

وربما لو كان أحد غير السادات قد حقق لمصر هذا النصر ؛ لكان قد طغى واستعلى ، فحشر المصريين فنادى ، فقال لهم أنـا ربّـكم الأعـلى.

لم يكن المصريين راغبين .. ولا مقتنعين برئاسة السادات لبلادهم .. واعتبرها البعض في البداية نكسة فوق الهزيمة .... . وكنت تتلمس ذلك من إيحاءاتهم وإيماءاتهم العنصرية ؛ ولحن القول في ألسنتهم ........ فقد كانت تعتريهم تجاهه نزعات عنصرية يتداولونها خفية وعلانية فيما بينهم...وسخروا منه في لونه وملامحه وطريقة التاتأة في حديثه .. وزبيبة صلاته ... وآذوه في زوجته وبيته وأهله.   

ومنهم من كان ينصحهم بالصبر عليه ؛ على أساس أن جمال عبد الناصر إختاره خليفة له ....

ولكن الذي أراه في قرارة النفس أن الله عز وجل هو الذي إختاره لهم في ذاك الزمان بالذات . ليرفع عنهم الضيم وذل الهزيمة والعار .. وبمثل ما إختار لهم من ملوك السودان بعنخي وترهاقا ليعيدوا توحيدهم بعد أن تفرقوا طرائق قِددا . ثم ليفرضوا على أعدائهم ومستعمريهم الآشوريين الجزية ... وجميع ذلك جاء (رغم أنف العنصري محمد حسنين هيكل)  بأمر وحكمة وتدبير من الله ؛ ومنطق قوله عز وجل [قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) ] آل عمران.

والخلاصة أن السادات ؛ وعِوَضاً عن أن يرفعه المصريون في كتاب تاريخهم مقام عليّين . إذا به يتعرض لابشع أنواع وألوان إنكار الجميل ... فمنهم من نادى بإخراجه من المِلّة .. ومنهم حاقد وعنصري بغيض ؛ حاول التنفير منه بسبب إختلاط عرقه ولونه بأخواله السودانيين.

وربما يعترض أحدهم فيتساءل : ولماذا لم يعترض أحد في مصر على اللواء محمد نجيب ؟

والإجابة على ذلك بسيطة . فمحمد نجيب لم تكن أمه سودانية الأصل . ولكنها كانت مصرية ولدت ونشأت في السودان من أب وأم مصريين "مغتربين" في السودان آنذاك... حينما كان السودان أرض العسل واللبن.

بعد أغتيال الرئيس محمد أنور السادات في 6 أكتوبر 1981م بأيدي "الجماعة الإسلامية" ... وصعود نائبه  حسني مبارك إلى كرسي الحكم ، أراد أن يبدأ عهده بمصالحات داخلية. ففتح أبواب السجون والمعتقلات السياسية . وأخرج من وجدهم بها من الخصوم والأعداء السياسيين لسلفه السادات .. .. وسمح لبعض معارضي السادات من أمثال محمد حسنين هيكل بالعودة إلى ممارسة أعمالهم الصحفية والأدبية من داخل مصر..... محمد حسنين هيكل الذي كان جزءاً من هزيمة يونيو 1967م وسادن المعبد الناصري ...

عاد محمد حسنين هيكل في بدايات عهد حسني مبارك للكتابة من جديد  "بالقطعة" في صحيفة الأهرام. وهي التي كان يرأس مجلس إدارة مرسستها ورئاسة تحرير صحيفتها اليومية في عهد عبد الناصر .. ولكن مقالاته فقدت ذلك الإبهار والبريق الإستثنائي الذي كانت تكتسبه في السابق من قناعة القاريء بأنه الصحفي الأقرب لجمال عبد الناصر والمستشار المقرّب وكاتم الأسرار . وبما كان يعطي الإنطباع بأن أقوال هيكل هي أفكار عبد الناصر التي تخرج من مطبخه السياسي ويرغب  بتوصيلها للشعب في منازلهم ....

لم تجد مقالات هيكل في عهد حسني مبارك ذلك الإقبال والنهم المنتظر .. ثم أن إنقطاع حسنين هيكل عن الإطلالة المباشرة على القاريء المصري قي عصر الإعلام الورقي (قبل ثورة المعلوماتية الحديثة) أدت إلى فقدانه القدرة على قراءة المرحلة .. وواقع نشأة جيل جديد يحمل أفكاراً جديدة .. ويعاني من مشاكل مختلفة عن تلك التي كان عليها القاريء من جيل العهد الناصري ؛ وبما يتطلب التعبير عنها بلغة المرحلة ، وطرح حلول مواتية جديدة تشد إليه إهتمام هذا الجيل الجديد المتطلع إلى الشفافية والحلول العملية المنتجة ... فتوقف حسنين هيكل عن الكتابة الصحفية . وتحوّل إلى تأليف الكتب بغرض توثيق المرحلة الناصرية ؛ وتصفية حساباته مع السادات... السادات الذي إستغنى عن خدماته مبكراً بوصفه هو وبقية مراكز القوى جزءاً من هزيمة 1967م .. وأنهم بالتالي يستحيل إعادة تدويرهم لتحقيق نصر.

وانتهى الحال بهيكل إلى التجوال بين بعض الفضائيات يحكي من خلالها خرافات ألف ليلة وليلة ، وحواديت "كان يا ما كان في سالف العصر والأوان" .... وعلى طريقة "أيـام زمان كانت أيام ... لي فيها قصة .. قصة غرام".

ويبدو أن حسنين هيكل الذي يحمل "جينات" حقد وكراهية مبدئية لكل ما هو سوداني ... يبدو أنه وكأنـّه قد حصر تفكيره في الكيفية التي يستطيع بها التعبير عن هذه الكراهية بالسخرية من عرق السادات السوداني ... فما لبث أن أصدر على عجل كتاباً بعنوان "خريف الغضب" ؛ تسببت روائحه العنصرية وأكاذيبه الفاضحة  في إشمئزاز كثيرين وقتها وإلى يومنا هذا .... واعتبره النقاد وصمة عار في جبين هذا الكاتب الصحفي ؛ وجاء خصما على مقاييس ودرجات معايير المصداقية المهنية ، وحقوق الإنسان ؛ بسبب ما إحتوت عليه صفحات الكتاب من إساءات وتوجهات عنصرية سخيفة غير ذات معنى ولا جدوى  ؛ تؤكد أن محمد حسنين هيكل فيه جاهلية ....

وقد كان من ضمن ما كتبه في مؤلفه هذا هو  سخريته من لون السادات الغامق السُّمرة ، وملامحه الشبيهة بأخواله السودانيين ... .. وأنه إبن جارية من إبن جارية سوداء إستجلبها تجار الرقيق من السودان .. وأن إسم عائلته هو "الساداتي" وليس "السادات" ... وأن سبب التسمية هي أنهم كانوا يعملون خدما وعبيداً لعائلة مصرية عريقة في الدلتا إسمها السادات ... وأن الفرق بين الإسمين شاسع .. وحيث زعم أن مسمى "السادات" إنما يطلق على السادة ... وأن مسمى "الساداتي" يطلق على رقيق السادة ... وحاول بشتى الطرق إثبات أن الرئيس السادات قد إنتحل لنفسه هذا الإسم العائلي إنتحالاً.!!

فما فائدة مثل هذا الكلام والمنحى؟ .... هذا المنحى الذي يبدو أن حسنين هيكل قد إقتفى فيه آثار الشاعر المتنبيء في تعبيره عن خلافاته مع "كافور الأخشيدي" دون طائل.

................

وكان من ضمن من أخرجهم حسني مبارك من السجون عام 1981م. وأطلق سراحهم ، عالم أزهري ضـلّ طريقه من شره الدين إلى شارع السياسة .. وكان والحق يقال فصيح اللسان وخطيب مفوّه . إسمه عبد الحميد كِشْك: (بكسر الكاف وسكون الشين) خطيب الجمعة في مسجد الشيخ كشك الكائن على مرمى حجر من نفق الدمرداش بشارع مصر والسودان (ملك مصر والسودان سابقاً) في حي الحلمية العريق ....

خرج الشيخ كِشك .. ولم يعد هناك من هم له سوى إنتقاد السادات ؛ وكيل الشتائم والنعوت العنصرية له في الصعب واليسير ... فكان أن رد عليه محرر في صحيفة الأخبار المصرية بمقال ؛ يطلب منه الكف عن ذلك ... على إعتبار أن الرجل قد مات ، ومضى إلى حال سبيله مع الله ... وإستشهد بقوله صلى الله عليه وسلم: "أذكروا محاسن موتاكم" ....  فأجابه الشيخ كشك في خطبة أول جمعة بقوله:

  • "وهـــل كـــــان الســــادات من مـوتـــانـــا ؟"

فذهبت جملة الشيخ كشك هذه قولا يحاكيه (للأسف) فيها القاصي والداني من العرب سراً وعلانية على الرغم مما يجيء فيها من تكفير صريح وإحتكار للدين.

نعم ..... كان السادات من موتى أشراف مصر وقادتها وساداتها على مدار التاريخ .... لا بل كان أشـرف وأفضل وأضكر موتاهـم.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات