مواضيع اليوم

الفترة الانتقالية في حماية مجلس الأمن

مصـعـب المشـرّف

2020-06-06 04:18:54

0

 الفترة الإنتقالية في حماية مجلس الأمن

 

مصعب المشـرّف

6 يونيو 2020


صوّت مجلس الأمن الأسبوع الماضي بالإجماع على إرسال لجنة سياسية مقيمة في الخرطوم لدعم الفترة الإنتقالية . كما صوّت بالإجماع على رفض طلب السودان بسحب قوات اليوناميد من دارفور. ومدّد أجلها عوضا عن ذلك إلى ديسمبر القادم على أقل تقدير.


الطلب الأول الذي وافق عليه مجلس الأمن بالإجماع كان قد تقدم به الدكتور حمدوك ... في حين كان الطلب الآخر المرفوض بالإجماع هو طلب تبناه المكوّن العسكري في المجلس السيادي.


الملفت أن الإعلام الرسمي لدينا لم يتوقف طويلاً عند التفاصيل. واكتفى بإذاعة الخبر بإقتضاب . وهو ما يدل على عدم الرضا الذي إستقبل به المكوّن العسكري القرار... ولكن ينبغي في كافة الأحوال القناعة بأن الوزن بالمثقال وليس كما يشنهي البقـّال.


وفي ظل تجاوز الإعلام الرسمي . فإن الأمر يقتضي من وسائل التواصل الألكترونية وضع هذه القرارات الأممية في إطارها الصحيح.


بداية نرجو أن يكُون قد تكَوّن لدى المُكوِّن العسكري خبرات وقناعات بمدى جدية وحطورة وإلزامية القرارات التي يصدرها مجلس الأمن. وذلك من خلال التجارب السابقة التي تعرض لها نظام الرئيس المخلوع عمر البشير وحلفائه من الإسلام السياسي من تجارب قاسية في هذا المجال .

وهو ما نتوقع منه أن لا يأنس المكون العسكري لأية محاولات تضليل من سياسيين وطائفيين يوسوسون بها في صدره بما يدفعه للإستهانة بهذه القرارات الأممية على إعتقاد أنها ليست سوى حبر على ورق . فيقعون في نفس المستنقع الذي سبق وغرق فيه بن لادن وصدام حسين وسلوبودان ميلوشيفتش وعمر البشير... وغيرهم . فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين.


قرار مجلس الأمن دعم الفترة الإنتقالية يعني مباشرة تثبيت هذه الفترة المنصوص عليها وهي الثلاث سنوات . وهي فترة إن لم تكن قابلة للإنكماش فإنها قابلة للتمديد.


قرار مجلس الأمن المشار إليه بشأن الفترة الإنتقالية لا يعني صرف النظر عن خيار البند السادس أو حتى السابع .... بل على العكس يظل الباب  مفتوحاً  على مصراعيه لتطوير القرار إلى البند السادس بأسهل مما يظن البعض. وبما يجعله أقرب من حبل الوريد.

وبمعنى أوضح . فإن تعديل هذا القرار لاحقا لا يتطلب إن دعا الأمر .. لا يتطلب أن ينتظر مجلس الأمن طلباً آخـر من حمدوك.


وهذا القرا كونه صادر من أعلى منظمة دولية ؛ فإنه ملزم تلقائيا للإتحاد الأفريقي ، ومنظمة الإيغاد ،  والمنظمات والهيئات الدولية الأخرى المعترف بها. أو غير المعترف بها.


بصدور هذا القرار فقد أصبح الجميع من مكوّنات في مواجهة مجلس الأمن وليس في مواجهة بعضها البعض . والمتوقع إذن والحال كذلك أن يقتنع المكوّن العسكري بوجه خاص  بضرورة  بل وحتمية ضبط النفس والرضا بما يجري عليه الحال من التسليم بالدنية. وعدم الدخول في مواجهة مهلكة مع مجلس الأمن . وأن يضع كل فرد فيه في الإعتبار أن هناك العديد من الملفات المفتوحة التي لم تحسم بعد . وعلى رأسها مذابح دارفور ومذبحة فض إعتصام القيادة العامة. ... وأن أي "كاني و ماني" سينقل هذه الملفات على بساط الريح بالضرورة إلى مجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية .. وهاك يا توريط لا يعلم سوى الله مداه... والعاقل من إتعظ بغيره.


والمتوقع أيضا أن يغلق المكون العسكري المنافذ وألأبواب  في وجه كل شيطان مدني مريد من الأحزاب الطائفية وفلول حزب المؤتمر الوطني ؛ فلا يوسوسون له في صدره بالباطل ويغرونه بالإنقلاب على ثورة ديسمبر ؛ على أمل خلط الأوراق وإعادة إقتسام السلطة والكيكة بين أشخاص قليلة عوضا عن أربعين مليون مواطن .... كيكة المال العام التي أصبحت للأسف عقيدة وثقافة وطنية بعد ثلاثين عام من تربية وتعليم وتشجيع وتعويد بعض الساسة والعسكر عليها.


 موافقة مجلس الأمن بالإجماع على طلب حمدوك المعدّل يؤكد أنه يثق أولاً بأطروحات ثورة ديسمبر ومآلاتها الواعدة لجهة الحرية والسلام والعدالة التى تنشدها كافة شعوب العالم وهيئة الأمم المتحدة على حـدٍ سواء...... وحيث لم يجد العالم الحديث ولا حتى القديم من حكم العسكر سوى الدمار والخراب والتخلف والقتل والجوع والحرائق والدخان والأوحال ، وإنتهاكات حقوق الإنسان على مختلف المستويات . وتعدد الممارسات اللاأخلاقية المشينة التي لا تمت للإنسانية وسنة الله في الخلق والأرض والسماوات العلا بأدنى صلة. وقد تكشف جزء منها من خلال محاكمة قتلة المعلم الشهيد أحمد الخير . وشهادات فض إعتصام القيادة العامة . وبعض ضحايا مجازر دارفور أمام المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية. بل ولم يحتمل وزرها عمر الشير وحده . فظل يحاول غسل ضميره بعد أن تقدم به العمر أواخر سنوات حكمه بالإشارة إلى تعدد شركائه فيها.


ومن جهة تصويت مجلس الأمن بالإجماع على قرار بمد عمل اليوناميد في دارفور حتى نهاية ديسمبر المقبل (على أقل تقدير) , فإنه يشير إلى أن الأحوال في دارفور لا تزال تعاني الإضطراب . وأن مجلس الأمن لا يثق بمزاعم أن الملف العسكري في قضية إقليم دارفور قد تم إغلاقه إلى الأبد .... وربما كان لزيارة عضو المجلس السيادي الفريق الكباشي مؤخراً إلى جنوب كردفان . وإختياره في ظل "شراكة الإنتقالية المدنية" مخاطبة عناصر عسكرية محسوبة على حزب النظام البائد ، ومقولاته تلك المتعلقة بحتمية تدخل وإنغماس الجيش في الحياة السياسية ... ربما تكون هذه المقولات والقناعات قد أسهمت بقدر كبير في تغيير توجهات مجلس الأمن ووصوله إلى مرحلة (التصويت بالإجماع) برفض طلب رئيس السيادي الفريق البرهان إنهاء مهمة وجود اليوناميد الفوري.

وأرجح الإحتمالات أن يُصـار إلى تمديد مهمة اليوناميد حتى يتحقق السلام الشامل في دارفور . 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات