مواضيع اليوم

الثري الفقير

الثري الفقير  
بقلم محسن الصفار 
سعيد شاب خلوق و مؤدب حصل على وظيفة سائق شخصي لدى احد الوجهاء الاثرياء المعروفين وكان الثري طيب الخلق ويراعي سعيد ماليا ويحترمه كأنسان ولا يثقل عليه بالعمل  واصبح سعيد يحترم الرجل اكثر واكثر كل يوم ويعتبره مثالا اعلى له في عصاميته وجديته في عمله رغم كبر سنه .
في يوم من الايام وعلى غير عادته خرج الثري متجهما وكأنه لم ينم طوال الليل  ومعه حقيبة قديمة واعطي سعيد عنوان ليأخذه اليه وعندما بلغ مقصده طلب من سعيد ان يرحل لانه سيعود الى البيت بتاكسي .
لم يناقش سعيد الموضوع وامتثل لاوامر رب عمله وانصرف ولكن عندما اخذ الامر يتكرر كل يوم بدا الفأر يلعب في عبه كما يقول المثل الشعبي وصار سعيد يتسائل عن سبب تردد الرجل على هذا العنوان كل يوم وما هذه الحقيبة القديمة التي لاتليق برجل مثله ؟ هل اصبح الرجل المحترم يلعب بذيله ؟ هل لديه زوجة ثانية او ربما عشيقة هل اصبح يلعب القمار هل ادمن المخدرات ؟ عشرات السيناريوهات المظلمة مرت على بال سعيد وهو يحاول ان يتخلص منها دون جدوى .
في النهاية قرر انه يجب ان يعلم ماذا يفعل رب عمله فلربما كان في مأزق ويحتاج الى عونه او حتى انقاذه مما هو فيه لذا في اليوم التالي وبعد ان انزله ركن السيارة ولحق به الى البناية ويا للدهشة فقد دخل الرجل من الباب الامامي وخرج من الباب الخلفي واستوقف سيارة اجرة ورحل .
كاد سعيد ان يجن جنونه مما رأى وقرر انه يجب ان يعرف هذا السر حتى لو كلفه ذلك عمله لذا طلب من صديق له يعمل سائق اجرة ان يقف في النقطة التي ركب فيها الرجل التاكسي في نفس الوقت كي يكون هو من يستوقفه وبالفعل هذا ما حصل وبعد برهة اتصل صديقه ليعطيه العنوان الذي انزله فيه ولكنه قال لسعيد
- لا يبدو لي الرجل وكأنه ذاهب لموعد غرامي او لعبة قمار او جلسة تحشيش بل يبدو لي كأنه مديون وذاهب لسداد ديونه فطوال الطريق كان يقرأ في دفتر ويتمتم ابو احمد عشرين ام سالم 15 وهكذا 
رد سعيد ضاحكا 
- اي ديون يا صديقي هذا الرجل لديه من المال ما يسد عجز البنك المركزي لابد ان هناك سرا في الموضوع ولابد ان اعرفه .
في اليوم التالي عندما انزل سعيد الرجل انطلق باقصى سرعة الى العنوان الذي حصل عليه من صديقه واخفى السيارة في زقاق وتخفى بانتظار وصول الرجل وبالفعل لم يطل الامد حتى وصل وبدأ فورا بطرق باب احد البيوت وبدأ يشرح شيئا للشخص الذي خرج اليه ثم اعطاه مبلغا من المال وانصرف وهكذا مع كذا بيت ومنهم من استقبله بالترحاب ومنهم من طرده واقفل الباب بوجهه وفي نهاية المطاف استوقف سيارة اجرة وعاد الى البيت .
ازداد سعيد حيرة ولم ينم طوال الليل وفي الصباح قرر ان يواجه الرجل بكل صراحة وعندما اخبره عن متابعته له كان رد الرجل
- يا سعيد انت سائقي ولست ولي امري وتصرفاتي لا تعنيك لا من قريب ولا من بعيد وجدير بي ان اطردك من العمل بسبب هذا التصرف غير اللائق 
قال سعي خجلا 
- نعم يا حاج ولكني والله احبك واخاف عليك وليس قصدي التجسس عليك بقصد الاذى والله شاهد على ما اقول 
لانت نبرة الرجل وقال 
- بما ان نيتك حسنة وواجهتني بشجاعة واعترفت بما فعلت فساخبرك بالقصة ولكن عدني ان لا تخبر احدا 
اقسم سعيد له ان ما سيسمعه لن يخرج من فمه ابدا 
قال الرجل بخجل و ألم 
- الموضوع يعود الى وقت بعيد عندما كنت شابا فقيرا وكنت اعمل عند صاحب دكان ولكن عندي طموح ان اصبح ثريا وفي لحظة ضعف اسلمت نفسي للشيطان وجائتني فكرة جهنمية وهي ان الصق مغناطيسا بوزن 100 غرام تحت احدى كفتي الميزان وكلما اشترى زبون بضاعه يكون قد حصل على 10% اقل من الكمية التي دفع ثمنها وكنت طبعا اضع هذا المال في جيبي وفي نهاية اليوم انزع المغناطيس كي لايراه صاحب الدكان ومرت الايام وتركت العمل في الدكان وافتتحت تجارتي وتبت الى الله ولم امد يدي على اي مال حرام من يومها الى هذا اليوم ونسيت كل شيئ عن هذا الموضوع خصوصا ان المبالغ التي جنيتها من هذه الخدعة لم تكن كبيرة .
قال سعيد
- استغفر الله الم تسمع قوله تعالى يتوعد من يغش بالميزان بعذاب عظيم 
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3) أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6) كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (7) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ (8) كِتَابٌ مَرْقُومٌ (9) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (10) الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (11) وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (13) كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14) كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ (16) ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (17) كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ
 
رد عليه الرجل 
- بلى سمعتها ورغم كل اعمل الخير التي قمت بها والمبالغ العظيمة التي تصدقت بها وعدد لايحصى من الايتام الذين كفلتهم  اخذ الرعب يتولاني من عاقبة ما كنت افعله حتى رأيت في منامي اني قد مت و الميزان الذي كنت اغش فيه معلق برقبتي بسلاسل من نار واجر جرا الى جهنم وانا ابكي واتوسل الرحمة حتى افقت من نومي وقررت ان ارد كل ما علي الى من غششتهم ولحسن حظي احتفظت بدفتر اسماء الزبائن وصرت كل يوم املأ حقيبة بالمال واذهب الى عناوينهم واشرح لهم مافعلت معهم فمنهم من سامحني فورا ومنهم من اعتبرني مجنونا وطردني ومنهم من مات ومنهم من انتقل ومازلت اتنقل من بيت الى بيت حتى ارد كل ما اخذته دون وجه حق على ان اتصدق بمئة ضعف ما جنيته كفارة عن ذنبي .
قال سعيد 
- سبحان الله ما جنيته في ذلك الزمان كله لايجلب لك حتى وجبة طعام في زماننا هذا ومع ذلك تتجشم عناء اعادته لاصحابه وهناك من يسرق ويختلس من مال الشعب دون ان يرف له جفن رغم انها اموال الفقراء واليتامى والمعاقين ويعتبرها ذكاء وشطارة ويفتخر بها .
بارك الله بك يا حاج وغفر ذنبك دعني اساعدك في بقية العناوين عسى الله ان يكتب لي الاجر في هذا العمل وارجو ان تسامحني على سوء ظني بك فقد حسبتك عجوزا متصابيا تجري وراء الغراميات 
* قصة خيالية



التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات