مواضيع اليوم

إشراق الحكمة

محمد سعيد مزوار

2014-10-11 09:40:01

0

إنسان هادئ لكنه يحمل بركانا في جوفه، هذا الفرد الذي يقاتل لوحده على أكثر من جبهة، هو كالانتحاري في الخط الأمامي للمعارك، أو كقناص في غابة موحلة يصفي أعداءه واحدا، واحدا، أو كقط صغير كان يحب الحليب وعندما نمت مخالبه أصبح يحب الدم، فجرح اليد التي كانت في الأمس تطعمه، فإما أن تصطاد وإما أن تكون صيدا لأحدهم.

هي الواقعة الذي يكون غالبا وقعها أكبر من أن يعالج بأسفه المواقف، إما تكون قويا كفاية للمواجهة، وإما تكون قويا كفاية للانسحاب كرجل، فعلى الإنسانة التي تحب مقاتلا أن تعي بأن حبيبها معرض للاختفاء أو الاخفاق في كل لحظة، هو ليس الانسان الهادئ بقدر ما هو الانسان الشرس الذي يغلفه الهدوء، ففي وعيه يقوده أمران: حكمة القتال، وصبر الارتجال.

أدري أنني أحاول منذ زمن أن أكون لطيفا كفاية، محبا للغاية، ولبقا مع من أريدها بشدة، لكن هذا لا يكف!! لأنني أقاتل بشراسة رغم الظروف والمحطات الهامة، أنا لا أحلم، أنا أخطط وأنفذ، هي العبارة المكتوبة على جدار معلوماتي الخاصة على أحد مواقع التواصل الاجتماعي "فايس بوك" وهي الأصلح في وصف شخصيتي؛ إنه وقع الواقع.

مسار الحياة صعب للغاية، أحيانا أقول: يا ليتني كنتُ ترابا، هي عبارة الكافر لما يدرك هول الحشر، فما بالي أقولها في الحياة الدنيا؛ أكره المسار التقليدي للجزائريين، وأرفضه بكل طاقتي، على الرغم من أنني أدفع ضرائب رفضي له كل ثانية تمر من حياتي، فلما يكون ما لا يكون؟

كعابر في مخدع هاتف عمومي أنا، أحاول أن أقوم بمكالمة أزلية، مكالمة الحق من وراء جملة روابط معدنية وبلاستيكية، لكن الحديد معرض للصدأ، والبلاستيك هو معرض للتلف، ومصدر زوالهما هو عبارة عن جهاز تحكم يديره الزمن بكل جدارة، إنني أعلم بأن العالم مكانا حقيرا، على الرغم من محاولات المصلحين الكثر له، ومع ذلك فإن الإنسان هو المخلوق المقدس الوحيد الذي بإمكانه أخذ حمام وجوديّ ينفض به حقارته ولو مؤقتا.

الهدوء لا يعني الرضى بما هو موجود كما هو موجود، على الجميع تذكر ذلك، والصورة هي ليست نسخة أصلية للواقع، لأن الخريطة ليست هي المنطقة في العرف الأميركي، كما أنّ الإنسان هو ليس ذاك الحيوان الذي تختلط فيه الدماء بكتل اللحم والشحم والأنسجة الحيوية، هناك فرق دقيق بين المعاني والمباني.

 

"...شغل المحب عن الهواء بسره

في حب من خلق الهواء وسخره

العارفون عقولهم معقولة

عن كل كون ترتضيه مطهرة

فهم لديه مكرومون، في الورى

أحوالهم مجهولة ومسترة.... "

(مع الشيخ الأكبر ابن عربي، عصام محفوظ، دار الفارابي-لبنان، 2003م، ص: 78، جزء: الخضر وخرقته)

 

حب المقاتل للرصاصة أكبر من حبه لذاته، لأنّ سلاحه يساوي حياته، على المتأمل في هكذا عبارات أن يستنتج ما معنى أن يحيى حياة مليئة بالألغاز، اللغز هو ما يجعل الفرد الإنساني على أهبة الاستعداد، لدا من المفيد تنظيف المقاتل لسلاحه ليضمن اشتغاله جيدا، ومنه من الفائدة ذاتها تنظيف الإنسان لحياته لتسير بشكل جيّد رغم الدموع التي تسقيها.

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !