مواضيع اليوم

إستراتيجية التمسك بإسلامية المسجد الأقصى

مصـعـب المشـرّف

2017-07-25 21:33:42

0

 إستراتيجية التمسك بإسلامية المسـجد الأقصى

 

مصعب المشرّف

25 يوليو 2017م

يأسف الإنسان المسلم حين يكتشف فجأة أن هوية المسجد الأقصى الإسلامية وقدسيته ، تتعرض للتحريف والتآكل والتقليص جراء نزعات عرقية وجهوية عربية ، وخلافات سياسية لامكان لها من العقيدة الإسلامية .ولكنها نزعات باتت مرصودة ؛ تسوق الناس قسراً إلى الظن والقناعة بأن المسجد الأقصى فلسطيني وملك للشعب الفلسطيني  وحده .


لا بل لا نستبعد هنا نظرية المؤامرة ، وحضور مخطط صهيوني ينفذه الموساد ... بعيد المدى ؛ بما يساهم في هذا التحريف حتى تنفرد به إسرائيل في مواجهة الفلسطيني المشيطن الأعزل المعزول قسراً عن محيطه العربي ... والمغلوب على أمره.


 

عزل المسجد الأقصى عن حاضنه العقائدي الإسلام ، يظل أخطر من كل محاولات اليهود لحرقه أو هدمه بشتى الوسائل والحيل.


فلسطينية المسجد الأقصى و (عروبته أحياناً) لم أسمعها في قنوات فضائية خاملة وإعلام هزيل وحده كما قد يتبادر إلى الذهن. ولكنني سمعتها على لسان مذيعة ربط في قناة الجزيرة . التي قالت في ضمن لقطات تبثها هذه القناة بين حين وآخر : "الأقصى ملك للشعب الفلسطيني".... ولا أدري هل يأتي هذا المقال على سذاجة منها أم أنه طلب منها ترديده لأمر في نفس يعقوب ؛ فرددته والسلام؟

وعلى ذات الإيقاع تذهب مقولات بعض الإعلاميين ، في هذه الفضائية وتلك إلى القول بعروبة المسجد الأقصى.... ومنهم من يحذف المسجد ويكتفي بالأقصى.


واقع الأمر فإن مثل هذه المقولات تظل وخيمة العواقب عندما تطرق آذان الشعوب المُغيّبةعلى هذا النحو ؛ ثم والنشء العربي خاصة . فيدونوها في أدمغتهم على هذا النحو الخطير.

وربما لو مضى الحال الإعلامي العربي على هذا النحو من الفرقة والتسييس ؛ لطال الأمر أيضاً المقدسات الإسلامية في مكة المكرمة والمدينة المنورة على ذات الشاكلة التي يتم بها تحريف ، ومحاصرة هوية المسجد الأقصى الإسلامية وإبتسارها إلى وطنية.


لقد حدّد الله عز وجل في القرآن الكريم بجلاء هويّة المسجد الأقصى الإسلامية في الإسراء والمعراج . الذي كان بتاريخ 27 رجب قبل الهجرة بعام واحد ..... في حين أن المسلمين فتحوا بيت المقدس واستعادوا المسجد الأقصى في العام 16 للهجرة على يد الصحابي أبو عبيدة عامر بن الجراح في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب (رضي الله عنهما).

بتلخيص أكثر فإن القرآن الكريم قد أشار إلى إسلامية المسجد الأقصى قبل 17 سنة من تاريخ إستلام سيدنا عمر بن الخطاب لمفاتيحه سلماً من بطريك القدس النصراني صفرونيوس .. وقد كان القدس آنذاك تحت الإحتلال البيزنطي.


وعند تدبر القرآن الكريم ؛ يتضح لنا أن ما بات يطلق عليه في الإعلام مسمى (الأقصى) هو خطأ عقائدي جوهري وشنيع.. فالإسم الصحيح هو "المسجد الأقصى" كما ورد في القرآن الكريم... ويجب الحرص على نطقه كاملاً على هذا النحو.


ومن ثم فلا تستطيع الشعوب الإسلامية أو كل مسلم على وجه هذه الأرض أن يتخلى عن نصرة المسجد الأقصى أو يتنصل من واجبها... وهي في كل الأحوال واجبة بالطرق المشروعة التي كفلها الشرع الإسلامي الحنيف فيما يتعلق بحماية المقدسات والزود عنها.


المسجد الأقصى (هكذا جاء مسماه في القرآن الكريم) . جاء إسمه على هذا النحو في الآية رقم (1) من سورة الإسراء : [سُبْحَانَالَّذِيأَسْرَىٰبِعَبْدِهِلَيْلًامِّنَالْمَسْجِدِالْحَرَامِإِلَىالْمَسْجِدِالْأَقْصَىالَّذِيبَارَكْنَاحَوْلَهُلِنُرِيَهُمِنْآيَاتِنَاإِنَّهُهُوَالسَّمِيعُالْبَصِيرُ].


ومن المعروف لدى كافة الناس أنه المسجد الذي صلى بداخله النبي صلى الله عليه وسلم بالأنبياء والرسل أجمعين بمن فيهم آدم عليه السلام .. وذلك حتى تتحقق لهم ولأتباعهم شهادة أن "لا إله الا الله وأن محمدا رسول الله" التي لا يكتمل الإيمان إلاّ بها... ولا تعمهم الشفاعة إلاّ بها ..

وربما لو تدبر الفرد المسلم اليوم هذا المعنى ؛ لأدرك أن حجم ومدى النعمة التي هو فيها بإتباعه لأشرف الخلق صلى الله عليه وسلم لاتخطر بعقل بشر.

  

ونلاحظ هنا أن مسمى "مسجد" يظل إلى يومنا هذا خاص بدار عبادة المسلمين أتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم . في حين أن دار عبادة النصارى يسمى "كنيسة" .. ودار عبادة اليهود يسمى "كنيس" تارة وتارة "معبد".


المسجد الأقصى إذن ليس بالمكان الشريف الذي يخص الفلسطيني وحده أو العربي وحده .... ولكنه مسئولية كل المسلمين على بقاع الأرض اليوم.


إنتزاع المسجد الأقصى من تبعيته للمسلمين هو في حد ذاته إستراتيجية صهيونية خبيثة . الهدف منها حصره في ضمن أملاك الفلسطيني قدر الإمكان أو العربي على أقصى تقدير ... وبذلك يطال "المسجد الأقصى" جميع ما يطال ويطول الفلسطيني والعرب من الخزي والهوان والمهانات والمصادرات ؛ بوصفهم أمة ضحكت من جهلها الأمم ...  وهانوا على بعضهم حتى هانوا جميعهم على غيرهم من الأمم والناس.... لا بل وقد أصبح العالم يعايرنا في تفرقنا وهواننا على بعضنا ؛ بأننا أدنى فهماً وبعد نظر من البهائم في الغابات . والتي عادة ما تتجمع للدفاع عن الفرد منها وإنقاذه من براثن الحيوانات الأخرى المفترسة.


والبعض للأسف الشديد يقع في جانب سوء الفهم حين يظن أن المسجد الأقصى ليس بأهمية وقدسية البيت الحرام في مكة المكرمة أو المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة .... والأحاديث النبوية الدالة على قدسية المسجد الأقصى كثيرة .....


المسجد الأقصى كان أولى القبلتين ..... ولكن للأسف يظن البعض من المسلمين أن تحول القبلة للمسلمين من تجاه المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام إنما كان لغاية تكريس وبيان التفضيل ..

ومن هنا جاء بعض الظن (وبعض الظن إثم) أن المسجد الأقصى لم يكن سوى مرحلة عابرة. ثم إنتهى دوره بالتحول عنه إلى المسجد الحرام.

ولكن الواقع غير ذلك جملة وتفصيلا ...


وحتى نفهم الأمر ينبغي تدبّـر الآية رقم (144) من سورة البقرة التي جاءت كالآتي:[ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ]

 
تدبّـر قوله عز وجل مخاطبا حبيبه المصطفى (قد نرى تقلب وجهك في السماء) ...... ثم وكن أكثر تركيزا عند تدبر قوله عز وجل في الآية مخاطبا حبيبه المصطفى (ترضاها) .  

وأفضل ما جاء في تفسير هذه الآية الكريمة هو ما رواه مسلم وكذلك البخاري رحمهما الله عن قول البراء رضي الله عنه قال: (صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد قدومه المدينة ستة عشر شهراً نحو بيت المقدس ، ثم علم الله عز وجل هوى نبيه صلى الله عليه وسلم ، فنزلت (قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها)

والشاهد أنه صلى الله عليه وسلم بعد أن خاطبه الله عز وجل شفاهةً (في المعراج بعد تجاوزه سدرة المنتهي ) بالصلوات المفروضة . كان يصلي عليه الصلاة والسلام وأصحابه في مكة المكرمة متوجها بوجهه الكريم نحو الكعبة المشرفة تجاه المسجد الأقصى ...

وبعد الهجرة إلى يثرب ظل يصلي 16 شهراً مستقبلاً المسجد الأقصى . بأمر من الله عز وجل بغية التمحيصً للمؤمنين (أو بما يعني إختباراً لمدى الإيمان بالسمع والطاعة) .. والدليل على ذلك قوله عز وجل من الآية رقم (143) في سورة البقرة [ وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلاّ لنعلم من يتبّع الرسول ممن ينقلب على عقبيه]. 

ثم وعلى نحو ما تقدم أعلاه من حديث البراء رضي الله عنه . فقد تداول صلى الله عليه وسلم مع جبريل عليه السلام أمكانية أن يتوجه في الصلاة نحو الكعبة المشرفة. فأجابه جبريل عليه السلام: ما أنا إلاًّ عبدٌ مثلك. فأسأل الله عز وجل عسى أن يبلغك ما ترجو.

فتوجه الحبيب المصطفى بالدعاء إلى الله .. وكان من شدة محبته (بنفسي وأبي هو وأمي) لسرعة الإجابة ؛ يكثر من تقليب وجهه الكريم نحو السماء ينظر ويترقب ؛ عل وعسى يرى جبريل عليه السلام وهو يتنزل بما يحب ويرضى من شرع الله بالقبلة نحو بيته الحرام في مكة المكرمة ...

ومن هنا جاء قوله عز وجل في توصيف دقيق الكمال لحال حبيبه المعصوم المصطفى ، من اللهفة والرجاء (قد نرى تقلب وجهك في السماء).


نزل جبريل إذن بهذه الآية الكريمة . ففرح بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إيّما فرَح ..... وفرِحَ بها الصحابة حتى أن بعضهم ركض وبعضهم إمتطى دابته ؛ يذيعون الخبر في أرجاء المدينة المنورة . وخرج منهم من يحمل الخبر السار إلى المسلمين في مسجد قباء . فوجدهم يؤدون صلاة العصر . فلم ينتظر ولم يتمكن من الصبر . فقال لهم  يخاطبهم في صلاتهم يبلغهم بأن الله عز وجل قد إستجاب لدعاء و" رضا" رسوله صلى الله عليه وسلم بتحويل القبلة شطر المسجد الحرام . فتحوّل المصلون من ساعتهم (وهم راكعون) نحو المسجد الحرام .... ومن هنا جاء التوصيف الإلهى الكريم من فوق سبع سماوات بقوله (ترضاها) .... وعلى وقع أن كل ما يرضي رسول الله صلى الله عليه وسلم هو رضاء المسلم الموحد المُتّبع له صلى الله عليه وسلم بالسمع والطاعة ..... ويتضح كذلكً أن الصحابة أيضاً كانوا على علم وتوافق مسبق مع هذه الرغبة في تحويل قبلة صلواتهم نحو البيت الحرام. ولذلك كانت إستجابتهم في مسجد قباء فورية على هذا النحو الإستثنائي المدهش الفريد في السمع والطاعة لشرع الله ورسوله.


أما لماذا كان التحوّل بقبلة المسلمين نحو المسجد الحرام فيها رضا لرسول الله صلى الله عليه وسلم . فقد جرى إيراد العديد من الإستنتاجات والآراء الفقهية.. ولكن أعتقد أنه صلى الله عليه وسلم إنما كان يرغب في توحيد التوجه بشعيرتي الصلوات والحج نحو بقعة مكانية واحدة . ولإختصاصهما بالأداء العلني والحركي لأعضاء الجسد .. والله أعلم.

وربما لو تخيلنا كيف كان سيكون الوضع عند الصلاة في المسجد الحرام ؛ في حالة ما إذا كانت القبلة لا تزال نحو المسجد الأقصى . لأدركنا مدى الحكمة والعصمة في رغبته صلى الله عليه وسلم أن تتجول قبلة المسلمين تجاه الكعبة المشرفة .. وحيث هو معلوم ومشاهد اليوم أنه يمكن للمسلمين التوجه نحو الكعبة المشرفة في الصلاة من كافة الإتجاهات . على عكس ما كان سيكون عليه الحال في حالة الصلاة داخل ساحتها تجاه المسجد الأقصى.

ثم أنه لا يضير ولا ينقص من قدسية وأهمية وقدر المسجد الأقصى ؛ أن يأتي في الشرف ثالثاً بعد المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف .... ألم ينفرد المسجد الأقصى وكفاه من القدسية والفخر أن أشرف الخلق قد صلي فيه إماماً لجميع الرسل والأنبياء من لدن آدم عليهم السلام أجمعين؟.... أوليست هي الصلاة التي لم يسبقها ولم يعقيها صلاة مثلها؟

وألا يكفي المسجد الأقصى أن الله عز وجل قد بارك  حوله ؛ ناهيك عن البركة فيه؟(الآية رقم (1) من سورة الإسراء)


وفد جاء الحديث النبوي الشريف بما يعزز قدسية ومكانة وفضل المسجد الأقصى لدى الله عز وجل والمسلمين كافة . والأمر بشد الرحال إليه والترغيب بالصلاة فيه:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [صلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة وصلاه في مسجدي هذا بألف صلاة وصلاة في المسجد الأقصى بخمسمائة صلاه].

 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [لا تشد الرحال إلا إلى ثلاث مساجد، مسجدي هذا ومسجد الحرام والمسجد الأقصى.  "متفق عليه].


من كل ما تقدم . فإن المسجد الأقصى يظل محل التقديس وواجب النصرة من كافة المسلمين على وجه الأرض .... ولايجب أن تسود وتستشري القناعات الخاطئة بأنه ملك للفلسطيني أو العربي وحدهما.

ومن ثم فإن على الفلسطيني والعربي تعزيز الدعوة إلى نصرة المسجد الأقصى بناء على هذه الإستراتيجية والقناعة ؛ التي يجب أن تصل إلى سمع وبصر وعقلية وقناعات جميع المسلمين على وجه الكرة الأرضية . تستنهض فيهم النفرة إلى نصرته بشتى المواقف والوسائل المشروعة.


ولقد كان من أشد ما حـزّ في النفس . هو ذلك المقطع من الفيديو الذي إنتشر في وسائط المعلوماتية قبل ثلاث أيام ؛ عندما تلقى مقدم برنامج تلفزيوني فضائي خصصه لنصرة المسجد الأقصى .. تلقى هذا البرنامج مكالمة هاتفية من مواطن عربي حدّد جنسيته بوضوح . وأعلن رفضه نصرة المسجد الأقصى . وألحّ بقوله أكثر من مرة يتحدّى جاهلاً: "لن أنصر الأقصى" ... "لن أنصر الأقصى".

وكان تبرير هذا المتصل لرفضه نصرة الأقصى أن الدعوة لنصرة المسجد الأقصى لم تصدر من الجامعة العربية .... وأنه لن ينصر الأقصى حتى لا يستفيد من ذلك حركة حماس المصنفة إرهابية.


ولا أدري ما هي العلاقة بين المسجد الأقصى وبين حركة حماس ؟

وما هي علاقة الجامعة العربية بالمسجد الأقصى؟ .... وما هي علاقة جماعة الإخوان المسلمين والإرهاب بالمسجد الأقصى .... إلخ.

كيف ولماذا أصبحنا نعيش ونمارس هذا الهراء؟

والمؤسف أن مقدم البرنامج الذي كنا نرتجي فيه أن يكون على قدر من الحنكة والصبر على الجهلاء بجانب .... المؤسف أن مقدم البرنامج قد إنفعل وجارى المتصل في حماقته بالقول : "والأقصى ليس في حاجة إليك وإلى أمثالك" ....

ما هكذا يقابل الأحمق. خاصة في أمور العقيدة والدين .... وحيث لن يزيده إستفزاز الطرف الآخر إلا تمسكا بحماقتة وجهله  ونفورهً... أو كما قال الشاعر:

لكل داءٍ دواءٌ يُستطب به .... إلا الحماقة أعيت من يداويها 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات