مواضيع اليوم

أنا و نزيف الرّمّانــــــــــــــــــة

ليلى عامر

2019-04-13 21:48:52

0

 

 

 

 

صارت الأشواق خطايا تكلّفنا غاليا لو حمّلناها همّ المسافات..

ها هي العصافير على غير عادتها،

توقّفت فجأة عن الغناء ، و استلّت صوتها لذبحي

كيف لي نسيان آهاتها و هي ترقب عمري..

و تصحو تتتبّع حبّات المطر على وجهي.

ذنب من ؟ تساءلت العصافير

  • لا أدري ،  أجبتها و توكّأت على الجمر.

******************************************

 

 

 

 

أيّتها الفاكهة المقدّسة ، فجّرت في قلبي الينابيع ، فرحماك ردّي لإسماعيل حنانها و لمسة الأب على يديه....

من أنا ؟

و هذي المرايا تتعثّر أمام جنوني ؟

تسرقني اللّحظات فلا أتعرّف على كفّ يدي و لا على  لون العصافير الّتي استكثرت على قلبي بعض الغناء. 

من أنا ؟

 و داخل عمري تجاويف عذاب تتكاثر منذ سنين ، لم أعرف أنّ الرّبيع يتلوّن دمعا و أسى، و لم أعرف كيف تسرّبت لعنة " الجورنيكا" إلى  صباحاتي  المتثائبة..

هل كان بيكاسو يرسم آلامهم على زمني ؟ أم هو لوني الّذي أخفته سعادتي المزيّفة ؟

من أنا يا سيّدي الّذي تلحّ في رصد أيّامي ،  و تجازف خلف المسافات تتتبّع خطواتي المذعورة ؟

لا تغرق سفنك في بحري العميق ، فأنا لم أعرف نفسي بعد ، لم أعرف نقطة التّحوّل في عمري ....

و أندهش كيف أتنفّس بعد غياب الأكسجين في هواء مدني ؟ أندهش كيف تتواصل الحياة في دمي

و هو الّذي جفّ مرّتين ، و ارتسم خطّ النّهاية على شاشاتهم المرعبة ..

لا ترسم آهاتك على نوافذ الانتظار ، فالغريق أنانيّ بتهوّر ، يهوي إلى القاع و معه جواهر قلبه الثّمينة.

يا سيّدي ... !

أنا لا أعرف عنّي غير التّراجع و الانكسار،  و مواقد نار باردة ، خذلها الشّتاء فسلّمها للنّسيان.

ليس لي سوى بعض الذّكريات عن طعنات و دمع  وداع ، عن موتى غادروني بلا رحمة ..

 لا أعرفني ...

كيف تسقط القلوب من حولي فلا تحدث أثرا على مسامعي ، و تنزف الحروف فلا يحرّكني  نزيفها ؟

  تطفو" الرّمّانة " فتقلّب مواجعي و تعيدني إلى واحة الحزن الكبير؟
كيف لهم أن يُسكنوه تحت جسر بارد مع جثّة الماضي الهامدة ؟

كيف لهم أن يعمّقوا جراحه و يلتهموا طفولته  كفاكهة  مقدّسة ؟

كيف لهم  ذلك ؟

وأنت سيّدتي أسميته و منحته عناقيد السّلام..

 أيّتها الأسطورة الأمازيغية أدخلته دوائر الحزن ، وأسكنتني خلف السّياج أراقب رمّانتك النّازفة كقلبي.

ما أشقاك أيّها الصّغير، الكبير !وأنت تصارع لحظات الفراق، و حولك كلاب تعوي فتزيدك رعبا وفزعا.

ما أشقاك  إسماعيل بهذه الحياة الّتي رفضت طفولتك و حمّلتك هموم الكبار.

 حرّكتني مشاعرك فوددت أن أستدرجهم نحو المشرحة ، هاهنا جثّته المجمّدة ...

في المدينة الّتي سرّبت أسراري ، فسبقتني همومي إليهم ،  جثّته هنا ، و هو الفرح الكاذب في ذاكرتي ، ببدلته البنّية و نظرته العميقة ، و الشّتاءات الّتي شهدت حكايتنا..

 ما أشقاك إسماعيل !تشبهني أحزانك و الموت الّذي لم تفهمه بعينيك الغائرتين.

 أيّها الصّغير الباكي ....

دمعك و أنا و صاحبة النّزيف ندور معا في سماوات أحزانك،نحاول أن نصنع لك عشّا دافئا و نحيي الماضي كي يضمّك و يقبّل جبينك البارد  ، يمنحك لهفة الأمّ و هدايا الأب الّتي لا تعرفها.

 أيّها الصّغير المتشرّد بعيدا عن عيون الكبار،  و الحفلات الرّاقصة المذيّلة بمواعيد الخيانة ....

بعيدا عن وجوه الأمراء و خلفاء العصر الحديث ، الّذين ذابوا كالجليد  تحت السّيقان العارية ، و أبهرتهم الشّفاه المنفوخة بحقن التّجميل..

 بعيدا عن موائد الطّعام الفاخرة ، و حمّامات السّباحة المغطّاة بأوراق الياسمين ، بعيدا عن الأفرشة النّاعمة و الأزرار الّتي تغيّر الفصول و تطيل مواسم الغناء ، بعيدا عن جنّتهم المزيّفة تعيش واقعك و كلاب الصّيد تحاصر ماضيك المسجى ..

بعد كلّ هذا كيف أعرفني ؟

و أنا مازلت خلف السّياج أراقب من بعيد نزيفها و جراحك ، أحاول الخروج من هذه التّجاويف الّتي وثّقت رباطي و أسرتني ، و ذاك القلب يتبعني يفتّش عنّي رغم غروب شمسي و انهياري.

لا أعرفني يا صغيري ..

 فأعيد لمشهدك ألوانه و فراشاته و ضمّة المرأة الّتي أحبّتك ،لا أعرفني يا إسماعيل ، كي أكوّر لك قمرا يضيء عمرك و شمسا تذيب الجليد من حولك ،سامحني فأنا تتبعني حكايات موت و دمع و وداع ، تتبعني خطوات ظلّي المنكسرة  ، و معركة خاسرة لم يبق منها سوى بعض البقايا ، و خربشات حزينة لامرأة مهزومة ، قاومت زمنا ثمّ استسلمت لريّاح قويّة.

 

ليلى عامـــــــــر

23 سبتمبر 2010




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات